المنبرالحر

لماذا كانت الخشية من تظاهرات 31 /آب المشروعة والسلمية ؟ / حكمت عبوش

طلبت اللجان التنسيقية للتظاهرات من الأجهزة الحكومية الموافقة على قيام تظاهرات في بغداد و محافظات عراقية اخرى ولكنها رفضت لماذا؟ و نسأل أليس القيام بالمظاهرات حقا مشروعا للجماهير كفله الدستور في المادة 38 منه، اليست مطالبهم مشروعة و هي تطالب بايقاف الفساد المشرعن والذي شرعه مجلس النواب لنفسه والذي بموجبه يستلم عضو البرلمان 9 ملايين دينار شهريا كراتب تقاعدي رغم انه لم يخدم كنائب المدة اللازمة لنيل التقاعد.
و علما ان الناس تعرف نوع الخدمة التي يقدمها بعض النواب في البرلمان للشعب فهناك من يتغيب كثيرا عن جلسات المجلس وهو يتمتع جالسا في احدى دول الجوار او الغرب او في العراق او حتى داخل البرلمان ولكن خارج قاعة المناقشة من اجل الحؤول دون اكتمال النصاب لاقرار قانون لصالح الشعب لا ينسجم مع مصلحة الكتلة او الطائفة او الحزب الذي ينتمي اليه و ليس كل النواب هم كذلك ففيهم من يشعر بالمسؤولية الوطنية و لكن لا يشكلون الاغلبية. ان التظاهرات قامت للمطالبة بالمساواة التي جاءت في المادة(14) من الدستور والتي نصت على (العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الراي او الوضع الاقتصادي او الاجتماعي)
كما قامت لتطبق قوانين التقاعد النافذة حاليا والتي تقول: (يستحق الموظف الذي يحال الى التقاعد الراتب التقاعدي اذا كانت مدة خدمته التقاعدية لا تقل عن(15 سنة) خمس عشرة سنة و لا يقل عمره من (50 سنة) خمسين سنة. و نسأل ثانية من مِن النواب امضى 15 عاما كنائب في البرلمان.
ان التظاهرات لم تهب الا بعد يأس الجماهير الفقيرة من اتخاذ المسؤولين قرارات تؤمن مصالحهم المشروعة حيث يعانون من طول فترة العذاب وتصحيح اوضاعهم البائسة ورغم مطالبة الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني وشخصيات اكاديمية واقتصادية متخصصة يعتد بها اضافة الى مرجعيات دينية ومنها السيد السيستاني الذي طالب بالغاء تقاعد النواب منذ عام 2011 بل حتى رئيس الوزراء نوري المالكي قد ايد مؤخرا لمطالب المتظاهرين ...... و لكن متى؟ في يوم التظاهر في 31/8 و لكن رغم ذلك فان هذا لم يمنع قوات(سوات) و الشرطة من التعرض للمتظاهرين ومنع قيام المظاهرات وقطع الطريق امام الناس من الوصول الى ساحة التحرير والفردوس واعتقال قسم منهم واستخدام العنف ضدهم في بغداد و المحافظات و خاصة في ذي قار التي استدعى مجلس المحافظة فيها مدير شرطتها للاستفسار منه عن استخدام العنف مع المتظاهرين فعزا ذلك الى ان اوامر جاءته من بغداد بخصوص هذا وحتى ان السيد محمود عثمان النائب عن التحالف الكردستاني يقول حيال تصريحات رئيس الوزراء بدعم المتظاهرين بانها متناقضة. لقد عرضت قنوات تلفزيونية عديدة صورتين مؤثرتين الاولى لاحدى النائبات و هي تقول:ان راتبي(يبلغ راتب النائب 12 مليون ?ينار) لا يكفيني الى نصف الشهر و الصورة الثانية لرجل بسيط يسير بدشداشته المسكينة امام عائلته رافعين الاعلام العراقية في احد شوارع البصرة احدى مدن العالم الغنية و هو يصيح و عائلته بعده: (وين اهل الغيرة اليوم الدم يتحرك) ان هذا يرمز الى التفاوت الكبير في الدخل الموجود في العراق اليوم المعروف بثرائه و لكن اين العدالة في توزيع هذه الثروات الوفيرة. ان ما يثير الفقير هو عيشه الى حد الان في بيت الصفيح او شبيهه في حي هامشي تتناوب الحشرات و الحيوانات الضارة على اهتمامها به و تتوزع اكوام القمامة قريبة منه و يعاني من ازمات الفقر و الكهرباء و الماء و البطالة و غيرها و نحن في أغنى بلدان العالم و في الجانب الاخر هناك طبقة اخرى و منهم المسؤولون الكبار بامتيازاتهم و معيشتهم الرغيدة من قصور فخمة و سيارات فارهة و مدارس و جامعات خاصة لاولادهم و سفرات سياحية حتى ان صديقي الحاج عبد الله استغرب كثيرا من هذا التباين و المعادلة غير الموزونة و قال: ان هذا هو بعد عن جوهر الاسلام الم يقل الرسول محمد(احب لاخيك كما تحب لنفسك) و(لا يؤمن بالله من ينام شبعان و جاره جائع) و اين الاتعاظ بكلام الامام علي الذي يقول(ما اتخم غني الا و جاع ف?ير) ان التظاهرات تمخضت عن اشياء كثيرة لصالح الجماهير و منها ان تقاعد النواب و كبار المسؤولين قد الغي كما صرح حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء و ان قانونا جديدا لرواتب و تقاعد النواب و الرئاسات الثلاثة و المستشارين الكبار و أعضاء مجالس المحافظات و الاقضية سيطرح و قد تم هذا فعلا كما تم دراسة قانون التقاعد العام المطروح منذ عام 2006 و الى الان وكان يراوح جيئة و ذهابا بين مجلس الوزراء و دوائر الدولة و مجلس النواب. و تمخضت التظاهرات عن ان وزارة حقوق الانسان قد اكدت حدوث تجاوزات على المتظاهرين و ان كتلة الاحرا? الصدرية طالبت بتشكيل لجنة للتحقيق بهذه التجاوزات و ان الرأي العام العراقي بما فيه الاحزاب و الكتل المشكلة للحكومة و الصحف و قنوات التلفاز و شخصيات دينية و اعلامية و اجتماعية بارزة قد ايدت هذه التظاهرات ما دامت مسالمة و مشروعة و لذلك فان الجماهير لن تسكت عن حالات الظلم و البعد عن الحق ان المسؤولين اذا كان رائدهم العدالة و السير في طريق الديمقراطية الحقيقية لا يخافون التظاهرات ومطالبات الجماهير المشروعة لانها تعرفهم بما تعانيه هذه الجماهير و ما يعترض مسارها و حياتها من مشاكل و غبن و إزالة هذه المشاكل و الغبن يزيدها قوة و يخفف عن كاهلهم ثقل الاعباء الكثيرة و نحن في هذه الظروف التي تتكالب فيها قوى الارهاب و التكفير ضد التجربة العراقية و هي تحاول اسقاطها و القضاء عليها و الجماهير تتذكر دائما قول الامام علي(و لا تجتنبوا طريق الحق لقلة سالكيه).