المنبرالحر

يوميات القبطان (9) / د. محمود القبطان

تناقضات الوضع العراقي لا تُعد ولا تحصى فالفوضى وعدم استتباب الامن والتجاوزات على كل القوانين أصبحت من الامور اليومية والتي اعتادَ عليها المواطن العراقي ولكنها تبقى غريبة في كل المقاييس على من لم يتعود عليها، فنرى عند الاستفسار عن هذه الظاهرة أو تلك يأتيك الجواب "انتو اهل الخارج ما شايفين شي" وأقول "هي الغربة بَقّت شي بينا حتى إنشوف شي؟".
عراقيات:أول ما يُسمع من الاهل والاصدقاء البسطاء حول الخدمات "الحمد لله زينه الكهرباء،أحسن من گبل"،الماء بأضعف مما يُعقل،ونفس الجواب ولكن ليس هناك من يقول أين مشروع الرصافة "الاكبر" في الشرق الاوسط والذي أفتتحه مختار العصر لاكثر من مرة وقبل شهرين أو أكثر قيل لم يبق سوى 2% على اكماله ..ولم يكتمل ليومنا هذا!طبيعي كل مثل هذه الامور موجودة في كل المحافظات العراقية.الماء في البصرة في أتعس أحواله حيث كمية الاملاح فيه تجعل الغسيل فيه من الصعوبة بحيث يتجنب الانسان الاغتسال اليومي،أما المجاري فهي مُغطاة بالاتربة وشبه مغلوقة.الشوارع الفرعية مازالت بدون إضاءة إلا ما يضعه البعض أمام بيته،المطبات كثيرة وكيفما أتفق ويضعها من يريد بحفر الشارع المُبلّط ،الاتربة على الارصفة وأكتاف الشوارع بكميات كبيرة وبالرغم من وجود الاليات لغسيل الشوارع لكن البلديات لا تفعل ما يجب على الاقل في تقليل الغبار المتطاير دوماً وكأن عاصفة رملية مزمنة.
بغداديات: كل مدينة لها لهجتها الخاصة والبغدادي معروف من لهجته ،ولكن ما يصدم الانسان هو دخول لهجات عديدة الى بغداد وخصوصاً اللهجة الجنوبية.لم يكترث أهالي بغداد بالخدمات إسوةً بباقي المحافظات، فلن يرى أي مواطن عمود كهرباء بقامته الطويلة إلا ويكون قد فتحت الاسلاك بشكل عشوائي ليسحب احد المواطنين التيار منه ل"دكانه أو محله" الغير مُرخّص والصغير ،وليس هناك إستثناء،وخصوصاً في الكرادة،شارع ابي نؤاس،شارع الربيعي،شارع النضال البلديات ألخ.... وليس هناك من يهتم بذلك ووزارة الكهرباء غير مكترثة بهذا الامر وكأنها ليست المعنية بتصليح تلك الاعمدة ورفع كل التجاوزات وباقي الاعمدة التي لا تعمل ورفع كل الاسلاك الكهربائية(الكيبلات) المستهلكة أو المتروكة من الارصفة.أصبحت الارصفة مكاناً لوقوف السيارات حتى الضيقة منها.حاويات النفايات (وقسم كبير منها لا يصلح أن يكون حاوية) في داخل الشارع العام مما يعيق سير المركبات. سيارات النفايات لا تدخل الشوارع المغلقة من جانب واحد ولذلك لا ترفع النفايات والتي أصبحت مرتعاً للقطط وبؤرة للامراض الخطرة.لا أعلم لماذا لا يهتم أصحاب الشأن برش(غسيل) الشوارع يومياً لاسيما وان الاتربة تغطي مساحات كبيرة من الارصفة ويمين الشوارع بالرغم من وجود الاليات لذلك،أسال أحد موظفي احدى البلديات عن سبب عدم رش الشوارع يومياً وتهذيب الاشجار المتدلية الاغصان حيث يصعب المرور على الرصيف فيقول: ما كو فلوس!!(يعني آليات موجودة ورواتب لهم،لكن ليس هناك من يطلب ذلك)،الاسلاك الشائكة تكاد تُغطي مسافات ومساحات كبيرة دون أن تُرفع،مقابل المختبرات لوزارة الصحة وبالقرب من اتحاد الادباء.بغداد ليست كما عرفناها في السابق لا بل ليست كما كانت عليها حتى في زمن الديكتاتور المعتوه قبل احتلاله الكويت! لابل حتى المجتمع تغير تغيراً يكاد أن يكون كلياً.3 مرات إسبوعياً امارس الرياضة في حدائق أبي نؤاس "ويكون قد رمى كأسه" بعيداً بسبب كثرة النفايات حوله وان تكون قاعدته قد رًممت أخيراً،ارى عمال "التنظيف" يرفعون ما يروق لهم ومن ثم يرموه على الجانب من النهر في فسحة كبيرة وهناك "جبال" من كل أنواع النفايات...وربما يريد عمنا ابو نؤاس" الانتقال الى مكان آخر ليتجنب الروائح العفنة وخصوصاَ بعد أن"منعوه من بيع أو استيراد وربما شرب الكحول"....هل هناك وعي صحي وبيئي عند زوّار هذه المنتزهات على علتها؟طبعاً لا ، فالاطفال يرمون القناني والاكياس في كل مكان ولا دخل للوالدين بذلك حيث هم يفعلون نفس الشيء.متى تهتم البلديات بهذه المرافق؟؟
خلاصة: الفساد انتشر في كل مرافق الدولة،في كل مكان الرشوة والجميع يتحدث عن ذلك وبدون خجل.البلديات ليس من اهتمامها نظافة المدن،بغداد مثال على ذلك،الرواتب تُصرف بانتظام لهم.بغداد تحتضر بسبب الاهمال لابل كل مدن العراق...فهل من مُنقذ؟