المنبرالحر

تشريع قانون لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري استحقاق دستوري وقانوني / زهير ضياء الدين

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها المرقم 177/61 في 2/12/2006 الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري .كما صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة الاعلان المتعلق بحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري والذي اعتمدته بقرارها 133/47 في 18/كانون الاول /1992 وقد دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في عام /2010.
وانضم العراق إلى هذه الاتفاقية بموجب القانون رقم (17) في 12/10/2010 ونشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 4158 في 12/10/2010 وبذلك اصبحت تلك الاتفاقية جزءا من المنظومة القانونية العراقية اي اصبح للقضاء العراقي النظر في اية شكوى تقام نتيجة لانتهاك بنود تلك الاتفاقية .
إلا ان ذلك لا يمنع بل يوجب على العراق تشريع قانون ينظم عملية التصدي لحالات الاختفاء القسري للأشخاص وهو استحقاق على كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية الإيفاء به و كانت وزارة حقوق الانسان قبل الغائها قد وضعت ذلك في برنامجها منذ عام /2014 الى انه لم ينفذ ومما يؤكد هذا الاستحقاق النصوص التي وردت ضمن دستور جمهورية العراق لسنة 2005 ومنها نص المادة (15) التي جاء فيها (لكل فرد حق في الحياة و الامن والحرية ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق او تنفيذها إلا وفقاً لقانون وبناء على قرار صادر من جهة قضائية مختصة ) وكذلك نص ( المادة 37/ اولاً /أ ) من الدستور التي نصت على ( حرية الانسان وكرامته مصونة ) وتجاوز عدد الدول الموقعة على هذه الاتفاقية (94) دولة في حين بلغ عدد الدول التي صادقت عليها (44) دولة وقد تم تعريف الاختفاء القسري في القانون الدولي لحقوق الانسان بالاتي ( اختطاف شخص وسجنه سراً على يد دولة او منظمة سياسية او طرف ثالث لدية تفويض او دعم او اقرار من دولة او منظمة سياسية مع رفض الجهة المختطفة الاعتراف بمصير الشخص ومكان وجودة وذلك بغرض وضع الضحية خارج حماية القانون ) في حين ورد تعريف الاختفاء القسري ضمن المادة (2) من الاتفاقية الدولية كآلاتي (لأغراض هذه الاتفاقية يقصد بالاختفاء القسري الاعتقال او الاحتجاز او الاختطاف او اي شكل من اشكال الحرمان من الحرية تم على ايدي موظفي الدولة او بموافقتها ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته او اخفاء مصير شخص المختفي او مكان وجوده مما يحرمه من حماية القانون )
وقد تم اعتماد يوم الثلاثين من شهر اب من كل عام كيوم دولي لضحايا الاختفاء القسري تنظم خلاله الفعاليات التي تسلط الضوء على الاتفاقية وعلى ضحايا الاختفاء القسري في جميع انحاء العالم .
وجدير بالذكر ان الاتفاقية تتكون من (45) مادة موزعة على ثلاثة اجزاء نستعرض بعضا من نصوصها المهمة حيث الزمت المادة (4) منها جميع الدول و الاطراف في الاتفاقية باتخاذ التدابير اللازمة لكي يشكل الاختفاء القسري جريمة في قوانينها الجنائية . وهذا ما يوجب على العراق تكييف قوانينه الجزائية بضمنها قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 وفقاً لذلك .
بينما ورد ضمن المادة (13) من الاتفاقية ان جريمة الاختفاء القسري لا تعتبر من الجرائم السياسية وبالتالي تلزم الدول بتسليم مرتكبيها اضافة الى اعتبارها من الجرائم المخلة بالشرف التي تحجب عن مرتكبيها عددا من الحقوق المدنية.
كما تنص المادة (17) على عدم جواز حبس احد في مكان مجهول بل ينحصر ذلك في الاماكن المعترف بها رسمياً فقط مع ضمان وصول كل سلطة او مؤسسة مختصة ومؤهلة بموجب القانون الى أماكن الاحتجاز عند الضرورة وبإذن من السلطة القضائية اضافة الى وضع الدولة عند طرف او اكثر السجلات والملفات الرسمية بأسماء الاشخاص المحرومين من حريتهم على ان تتضمن هذه المعلومات بشكل اساسي جريمة الشخص المحروم من حريته وتاريخ ومكان وساعة حرمانه من الحرية والسلطة التي قررت حرمانه من الحرية وتراقب حالة الحرمان ومكان الحرمان من الحرية مع ظروف وأسباب الوفاة في حالة حدوث ذلك وإظهار تاريخ وساعة اخلاء سبيه او نقله الى مكان اخر .
ونصت المادة (19) على ضمان الدولة لكل شخص تثبت له مصلحة مشروعة في الحصول على هذه المعلومات كأقارب الشخص المحروم من حريته او ممثليه او محاميه امكانية الاطلاع على هذه المعلومات .
ولا يخفى على احد وجود العديد من حالات الاختفاء القسري في العراق سواء تم ذلك من قبل عصابات الجريمة المنظمة التي تهدف من خلال ممارسة ذلك الابتزاز إلا ان الاخطر من ذلك ان تتم عملية الاختفاء القسري من قبل عناصر من الاجهزة الامنية في الدولة او المنظمات والتشكيلات تتمتع بنفوذ او حماية غير مشروعة . وفي حالات الاختفاء القسري التي تمت في الآونه الاخيرة لأشخاص يمارسون حقهم الدستوري والقانوني بالتعبير عن ارائهم ومعتقداتهم بطرق مشروعة كالاعتصام والتظاهر.
للأسباب المذكورة انفاُ يتوجب على السلطتين التنفيذية والتشريعية تشريع قانون حماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري تنفيذاً لمضامين دستور جمهورية العراق من جهة ووفقاً لالتزاماتها بموجب اتفاقية الجمعية العامة للأمم المتحدة التي صادقت عليها وأصبحت جزءا لا يتجزأ من منظومتها القانونية ومن بين اهم الجهات المعنية بهذا الموضوع المفوضية العليا المستقلة للحقوق الانسان ولجنة حقوق الانسان في مجلس النواب ونحن في الانتظار.