المنبرالحر

معهد وطني لاعداد القيادات الرياضية وإنقاذها من الأميين والطارئين !(الحلقة السادسة) / منعم جابر

كل القطاعات الحياتية محكومة بضوابط وشهادات ومعارف يصعب اختراقها الا الرياضة والفن حيث يستطيع كل مبدع في هذين المجالين ان يعمل فيها. وقد وجدنا أعدادا كبيرة من غير المتخصصين او الحاصلين على شهادات علمية تمكنوا من الولوج في المجال الرياضي وحتى قيادته في حالات كثيرة! وهذا بدوره تسبب في معاناة القطاع وتأخيره تحت ذريعة الخبرة وان هذا او ذاك كان نجماً دولياً وفارساً من الفرسان! بينما العالم المتقدم وضع لذلك ضوابط وشروطا لابد من توفرها في هذا او ذاك للعمل في القطاع الرياضي. فالشهادة العلمية شرط أساسي للعمل القيادي الاداري والفني لكل من يتصدى له. ولعل السبب يعود الى ايام الهواية وعندما كانت الرياضة نشاطاً بسيطاً لا يمارسها الا القلة القليلة من الشباب والفتيات. اما اليوم فقد تحولت الرياضة الى نشاط حياتي واجتماعي مبرمج ومهم مثلما هي القطاعات الاخرى! حيث تتواجد في العراق اكثر من عشرين كلية للتربية البدنية وعلوم الرياضة ومجموعة من الاقسام المتخصصة واكثر من 2000 من حملة الشهادات العليا (الدكتوراه والماجستير والدبلوم العالي) وبفضل جهود روادها ونجومها نستطيع ان نقول: بأن الرياضة تحولت الى صناعة كبيرة وتجارة رائجة يتطلب معها دخول العلم والعلماء وتوفر الملاعب والمنشآت الرياضية الامر الذي دفع بالحكومات الى رعاية الرياضة والاهتمام بها وتوفير مستلزمات ممارستها واقرار ذلك دستورياً . وبذلك انتقلنا برياضتنا الى واقع جديد يتطلب معه الاهتمام بالكادر الذي يقودها بالعلم والمعرفة واخر مستجداته التكنولوجية وثورة الاتصالات ولم يعد مفيدا العمل الكلاسيكي بشكله القديم.
لابد من فتح أبواب الرياضة للكفاءات العلمية
اذا الرياضة بهذا الحجم والمستوى تتطلب قيادات عالية المستوى ولم يعد يكفيها من مارسها لاعبا وتألق ليعود بعد الاعتزال مدربا كبيرا او حكما اكبر او اداريا بارعا. ولا من تخرج من معهد بسيط للرياضة او حتى الكلية فإنها تخرج مدرسين او معلمين لم يمارسوا في حياتهم اية لعبة رياضية وان مارسوها فبشكل بسيط اعتمد الهواية والمعلومات الأولية. وانا هنا لا أنكر دور أصحاب الخبرة في مراحل الرياضة الأولى. اما عندما نصل الى دور المنافسة ودخول العلم بكل أنواعه كعامل أساسي ومساعد فلابد من نوع جديد من العمل وهذا أمر ما زلنا نفتقده في عملنا الرياضي. عليه أصبح لزاما علينا وضمن خطة علمية وبرنامج واضح العمل على فتح أبواب المؤسسات الرياضية امام الأكاديميين المتخصصين للاستفادة من معارفهم وعلومهم وأفكارهم لتوظيفها للنهوض بالرياضة ومؤسساتها. فلو نظرنا الى الأندية الرياضية لوجدناها خالية من هؤلاء (حملة الشهادات) ولوجدنا البارزين والعاملين فيها هم من لاعبي ايام زمان وكذلك لو راجعنا الاتحادات الرياضية فأنها بلا كفاءات علمية وان (حكامها) وقادتها بعيدون عن العلم والمعرفة الا ما ندر. وكذا الحال عن المؤسسة الاولمبية التي لا تضم عالما واحداً والموجودون فيها من ذوي المعرفة والخبرة فقط اما العلم (فليس له مكان من الإعراب).
الخبرة الرياضية مطلوبة ولكن !
قد يعترض البعض على أفكاري وكلامي هذا بحجة أهمية الخبرة وضرورتها أقول: الخبرة أمر مطلوب والأبطال ونجوم الرياضة لابد من وجودهم في الميدان للاستفادة من تجاربهم! ولكن وان يكون هذا النجم الرياضي عارفاً برياضته وكيفية إدارتها وقدرته على توظيف ما تعلمه يوم كان لاعباً ونجماً أم مفيداً وهذا ما تمارسه الدول المتقدمة مع أبطالها ورياضييها فالبعض يتقدم بالدراسة والتعلم ويشغل مكانه بجدارة لكن لظروفنا اثر على أبطالنا وتحقيق ما يسعون اليه من الحصول على شهادات ومعارف. اذا ما هو الحل اقول: الرياضة قطاع حيوي مهم يتطلب لمن يعمل فيه ان يكون عالما بتفاصيله عارفا بعلومه لهذا اجد ان وزارة الشباب والرياضة سبق لها أبان الحكم الديكتاتوري ان اسست معهداً وطنياً لإعداد القيادات الرياضية كان له الاثر الكبير في إعداد كوادر وطنية وبعضها عربية لقيادة المؤسسات الرياضية كوزارة الشباب او الاتحادات المهنية او الاندية والاتحادات الرياضية حيث تحول الكثير من ذوي الخبرات بعد الدراسة لفترات متفاوتة الى كوادر وطنية قدمت الكثير لبلدانها . فما لنا اليوم ونحن نسير على طريق اصلاح الرياضة وبنائها لا نهتم بالعنصر البشري الذي هو اثمن رأسمال كما قال اكبر الفلاسفة والعلماء. هنا سنكون قد وضفنا الخبرة التي اكتسبها الرياضي خلال حياته بما يخدم وطنه ورياضته .
ماذا يحقق معهد إعداد القادة للرياضة ؟
قد يتساءل البعض عن فائدة المعهد الوطني لإعداد القادة وما علاقته بالإصلاح الرياضي. أقول: كل بناء جديد يتطلب عقول متنورة وقدرات إدارية عالية ونزيهة فمن خلال هذه المؤسسة وغيرها نستطيع ان نعد جيلا من القادة قادرين على تحمل مسؤولياتهم هذا من جانب ومن جانب آخر سنسد الطريق أمام الطارئين والانتهازيين ومنعهم من الدخول إلى القطاع الرياضي والتلاعب بمقدراته وهنا نؤكد على أهمية الرياضي ودوره في بناء مؤسسته لأنها تحمل تأريخه ومنجزه الرياضي.
وسيساهم الكثير من الذين لم يمارسوا الرياضة في إصلاح الواقع الرياضي من خلال العلم والدراسة وما يكسبه من تواجده في مؤسسات علمية كهذه. وأخيراً أضيف بأن مؤسسة كهذه سيكون لها القدرة على تمويل نفسها بنفسها من خلال أجور الدراسة المدفوعة مقدماً. هذا ما نرى أنها مهمة ومفيدة لرياضة عراقية متطورة.... والى حلقة جديدة.......