المنبرالحر

التدليس السياسي لأحكام القضاء العراقي .. احكام المحكمة الاتحادية العليا نموذجا/ ا . د .جلال الزبيدى

يوم بعد اخر تترسخ القناعة القانونية والاجتماعية لدى شرائح واسعة من الرأي العام العراقي ان القضاء العراقي بدا بفقد مصداقيته وحيادية القضائية وتماديه في تكريس تطلعات ومصالح القوى الطفيلية الثيوقراطية واصبحت النزعة السياسية المقنعة احدى اهم نوازع ومتطلبات الاحكام القضائية لصالح مراكز القوى الطائفية المتسيدة والمستبدة ..ان محاولة توظيف واستخدام اليات واحكام المنظومة القضائية للحاجات السياسية الانعزالية الضيقة بغطاء قضائي وجانوني سيعمل بلا شك على هدم الموروث التاريخي الناصع للقضاء العراقي...هذا ومن خلال قراءة قانونية مقارنة وهادئة لأحكام المحكمة الاتحادية العليا بخصوص المنازعات الانتخابية وتوزيع ( المقاعد الانتخابية ) اجد من واجبى التأكيد على طبيعة الممارسات القضائية واخفاقاتها والنتائج السلبية لآثارها المدمرة للنسيج السياسي العراقي واسس الديمقراطية الانتخابية ..فالمتعارف علية فقها وقضاءا ان احكام القضاء المقارن تلتزم في الغالب بمبدأ الرجعية في أحكامه وهذه الحجية والقرينة القضائية مسالة مطلقة ولها قدسياتها ولا يجوز التراجع عنها او التدليس في نتائجها واثارها القانونية تحت دائرة الاهواء الشخصية والسلطة التقديرية للقاضي. وهذا كلة يقودنا قليلا للوراء والى حكم المحكمة الاتحادية العليا بصدد( الانتخابات النيابية لسنة2010 ) حيث قررت المحكمة الاتحادية بإبطال (عشرات المقاعد النيابية ) لمخالفتها الدستور العراقي الا انها عادت وتطاولت او بالأحرى تحايلت الحكم القضائي وأفرغته من اثارة القانونية عندما قررت الابقاء على النواب الذين تسلقوا لمقاعد البرلمان خلافا للدستور وضربت عرض بحتميات القرينة القانونية التي تقول( ما بنى على باطل فهو باطل ) واستمر هؤلاء النواب منزوعي المشروعية الدستورية في استلام مرتباتهم وامتيازاتهم الخرافية لابل ان اصواتهم اعلى من غيرهم للاحتفاظ بالرواتب التقاعدية وبكل مزايا اللصوصية النيابية. وللأسف لم تبرر هذه المحكمة الموقرة سببا من عملية افراغ الحكم القضائي من اثارة القانونية الملزمة ونعتقد ان السبب الواحد والوحيد هو تكريس هيمنة واحتكار قوى المحاصصة السياسية على مؤسسات الدولة العراقية .وما شابة اليوم بالأمس في التدليس السياسي لأحكام المحكمة الاتحادية بخصوص انتخابات مجالس المحافظات لسنة 2013 وهنا نجد هذه المحكمة تناقض نفسها بنفسها ( نقض النقيض ) وضمن دائرة المصالح الفئوية الطائفية الضيقة قررت المحكمة اعادة توزيع43 مقعدا لمجالس المحافظات بعد ان قامت هذه المجالس بتأدية القسم القانوني وتوزيع مسؤولياتها . لكن هذه المرة لم تقرر ذات المحكمة تأجيل تنفيذ القرار للدورة الانتخابية القادمة تحت ذريعة (الكوتة النسائية )اننا هنا نتساءل عن مسالة الكيل بمكيالين ولماذا لا يحترم القضاء أحكامه القضائية الا يعد ذلك يا ترى استهانة واستخفاف بنواميس وتاريخ القضاء العراقي الناصع ..نحن هنا نطرح مجرد سؤال ونلتمس الشجاعة القضائية بالمحكمة الاتحادية في مسالة هذا التناقض والتنازع في تطبيق مبدا حجية الرجعية في احكامها القضائية الا يعتبر هذا التصرف وجها للعوار القضائي ومخالفة مفضوحة لمتطلبات وتطبيقات صحيح القانون .