المنبرالحر

اصرار عجيب! / محمد عبد الرحمن

مفيد وجيد لقاء الرئاسات الثلاث وعدد من الكتل السياسية . لا اعتراض على اللقاءات من حيث المبدأ، ولكن هل هذه هي الصيغة التي ستـُخرج بلادنا من ازمتها المستفحلة؟ ان عشرات من مثل هذه اللقاءات عقدت منذ الانتخابات البرلمانية السابقة وحتى الان. بل ان اللقاء الاوسع هو ما حصل في اربيل، والذي تمخض عن اتفاقات قادت الى تشكيل الحكومة الحالية، التي كانت ولادتها قيصرية ولم تكتمل لحد الان، وهو ما ميزها ولعلها ستدخل سجلات جينيز بموديل عراقي للحكومات قد لا يتكرر .
تابعنا نتائج اللقاء عبر المؤتمر الصحفي والبيان الصادر عنه. والحق اننا لم نلمس ما يبرر الاطراء الذي اغدقه عليه المجتمعون .فباستثناء الاشارات الى الموقف من الازمة السورية ، وردت العبارات المعروفة ذاتها في ما يخص الشأن العراقي. فتمتين الجبهة الداخلية ، والمصالحة ، والتوازن ، والمطالب المشروعة.. وغيرها، صرنا نسمعها كل يوم في احاديث المتنفذين ولم تعد تعني شيئا كثيرا للمواطن ، بل اصبح من الممل تكرارها في مناسبة وبدونها، بهدف الاستهلاك والاطلال عبر الفضائيات .
لا بأس في ان نعيد تشكيل المشهد من جديد، ونتساءل عن المسؤول عن الازمة الحالية الطاحنة، التي يمر بها بلدنا ، والتي غطت نواح عدة ، في مقدمتها السياسية بالطبع.. ومن اوصلنا الى ما نحن عليه ؟ اليسوا هم انفسهم الذين التقوا واصدروا البيان؟ واذا كانت تتوفر عندهم النية الصافية المخلصة والرغبة الصادقة، فمن ياترى يعيقهم ويحول بينهم وبين حل الازمة، وفك اسر البلاد والعباد، وتخليصنا من البلايا التي نحن فيها ؟ وفي المقدمة وقبل كل شيء، السعي الجاد لايقاف هذا النزف اليومي، والحيلولة دون انزلاق الاوضاع الى ما كانت عليه سنوات 2006 و2007 . والمتنفذون هم قبل غيرهم من يقول بالانعكاس السلبي للاحتقان السياسي وازمة الثقة بين الاطراف المتنفذة،على الوضع الامني الذي اصبح مقلقا الى حدود كبيرة .
نعم، مواقف المتنفذين على المحك منذ زمان ، وفي كل يوم يمر تكبر الهوة بينهم وبين المواطنين المرهقين المتعبين، والذين ينوؤون تحت ثقل الازمات التي ما انفكت تنهال فوق رؤوسهم. وبالطبع لن تكون آخرها مشكلة " الفردي والزوجي " ما دام المتنفذون يصرون على ان ازمتنا مصدرة الينا. وبه يهربون الى امام من استحقاقات باتت تثير القلق عندهم، والخوف من عدم القدرة على مواصلة تأمين الامتيازات والنفوذ والمصالح ذاتها، وهي التي لها القدح المعلى عندهم. خصوصا بعد هذا الحراك الشعبي المتواصل والمرشح للاتساع .
وما من ريب في ان بعضا مما نعانيه، مُصدّر الينا مع دولارات الدعم للنفر الضال. ولنقل ان هذا هو ديدن مثيري ومصدري الفتن والازمات والارهاب. ولكن .. ما عسانا فاعلون؟ هل نصد الرياح الصفراء بتقسيم الناس الى موالين ومعارضين؟ والاحزاب والقوى السياسية الى كبيرة ومتوسطة وصغيرة؟ ام باصطناع الصفوف الاولى والثانية والثالثة ؟! ام بهذا الاصرار العجيب على ذات النهج الخاطيء في ادارة الدولة ؟
هذه السياسية العرجاء ، ان تواصلت واستمرت فستبقي اوضاع بلدنا تتقاذفها الازمات ،وستظل مفتوحة على اسوأ الاحتمالات. وعندها لن تنفع مئات البيانات !