المنبرالحر

في سبيل جبهة واسعة ضد المحاصصة الطائفية / عادل كنيهر حافظ

يعاني العراق واهله ، شتى أصناف المآسي ، وتتجاوز نسبة البطالة في البلاد ٣٠ بالمئة ونسبة الفقر تتعالى ولن تقف عند رقم معين ، رغم ان الإحصائيات الرسمية تشير الى نسبة الفقر ب ١٨ بالمئة ، وميزانية الدولة يقرها البرلمان ، دون حسابات ختامية ولمدة عامين ، رغم ان اكثر البرلمانيين يعرفون ان هناك سرقات في ميزانية الدولة ، لكنهم يبلعون السنتهم عن القول ،لأنهم هم الذين سرقوها ، ومستمرون في سرقة المالية الجديدة ، كون السلطة بأيدهم وليس هناك سلطة أقوى منهم تضعهم في موضع المساءلة ، ولذلك لم تتوقف عملية سرقة اموال الدولة المعدة للامن والخدمات ، ويظل الفساد يضرب اطنابه في كل مفاصل عمل الدولة وبأشكال لم يعهدها الناس من قبل ، حتى يتحول السراق ماليا الى شريحة من الاليغاركية المتحكمة في سياسة واقتصاد وواردات الدولة ، والإستفادة لأقصى حد من ما توفره إدارة الدولة ومؤسساتها ، من منافع مادية مختلفة .
و ان دراما الوطن، لن تتوقف من قبل الحكام الحاليين ، لانهم وراعيهم الامريكي، هم ذاتهم الذين اسسوا الحكم بطريقة المحاصصة الطائفية ، واستفادوا منها كثيرا ويستفيدون من استمرارها .
عليه من غير المنطق تماما ، ان ندعوهم الى ترك منجم الذهب الذي استحوذوا عليه ، مستثمرين فوضى الأمور بعد انهيار الدولة العراقية ومؤسساتها الرسمية إبان احتلال امريكا للعراق في نيسان ٢٠٠٣ .
بيد ان مقتضيات العمل والتعاطي في السياسة له احكام اخرى ، من بينها عدم السعي لتحقيق كامل الأهداف في ظرف واحد ، ثم تجاوز بعض المطالب التي لم تنضج بعد ، وتركها لوقت لاحق ، التنازل المتبادل لتشكيل تحالفات سياسية اجتماعية ،مع الاحتفاظ ، بالاستقلال التنظيمي والفكري ، ولتكن تلك التحالفات لتحقيق هدف واحد مشترك ، مع عدم ترك الطموح لتحقيق الأهداف البعيدة ... . ومن هنا وبالإضافة الى جهد المتظاهرين الذي يقتضي توسيعه وتطويره ليأخذ أشكالا اخرى ممكنة ، مثل الاعتصام والعصيان وغيره ، هناك العمل الممكن على صعيد السياسة الرسمية ، وهو مفاتحة كل القوى التي تسعى للخلاص من المحاصصة الطائفية ، ووضعهم امام مسؤوليتهم الوطنية والقومية وحتى الدينية ، في تخليص الوطن من محنة المحاصصة الطائفية ، ويجب ان لا تستثنى احزاب كردستان من الدخول في الجبهة الوطنية ، لسحق المحاصصة ، وعبور خندق الهويات التي ضيعت العراق وأبناءه .
الانتخابات قريبة ، ولنا تجربة في العراق ، عندما فازت جبهة الأحزاب التي يقودها السيد أياد علاوي ، عام ٢٠٠٤ ، لكن الأحزاب الاسلامية الشيعية ظهرت لنا ببدعة ، وهي فوز الكتلة البرلمانية الأكبر ، الا ان الأمور تغيرت قليلا ، ولا تستطيع كتلة الأحزاب الشيعية ان تغتصب حق الآخرين ،مثلما فعلت في عام ٢٠٠٤ ، بل ربما تخرج منها اجنحة تنظم للقوى المدنية والديمقراطية ،
لاسيما وان جبهة الأحزاب التي فازت في الانتخابات قبل ١٢ عاما ، هي لاتزال ولم تبارح مضمار السياسة العراقية ،
بل وقد اكتسبت اكثر خبرة وتجربة ، ويمكن دعوتها للالتحام في جبهة عريضة ، لتحقيق هدف واحد ، لا يحتمل الجدل وهو قبر المحاصصة الطائفية ، وترك التفكير وقتيا في المثالب والنواقص لدى كل حزب من احزاب التحالف ، وتركيز الاهتمام على الهدف الذي ينجي الوطن من بلوى المحاصصة الطائفية ، والذي يفكر بكون السياسة تسير بخط مستقيم ، فهو قد بلغ الجهل دون ريب ... .