المنبرالحر

الديمقراطيون والجمهوريون وأزمة السياسة الاميركية / ترجمة وأعداد : حازم كويي

علق مقدم البرنامج التلفزيوني الساخر بيل ماهير عن انتخابات الرئاسة الاميركية الاخيرة هذا العام 2016 من أن (نظامنا مُتعِب ومُتقادم) ،متذكراً الكاتب مارك توين ،الذي انتقد أميركا القرن التاسع عشر بشدة،حين كانت في عصرها الذهبي كونها (أمة فتية انزلقت نحو الامبريالية).
سياسة أميركا عاطلة حالياً ،تجد نفسها بأتجاه منحنٍ ،بالضد من مصالح أكثرية الشعب الاقتصادية ،وقد عبرت اليسارية الليبرالية السناتورة إليزابيث وارن بقولها ،(نظام محافظ على مصالح القائمين للوضع الراهن ، الذي لا يقبل بالمعارضة التي تريد نزع الفتيل ،بل يهممها وبهذه الهيكلية ،ان يبقى الوضع مفككاً ).
وينطبق ذلك على انتخابات عام 2016 ،التي تحمل المفاجأت.
ومن اجل التغلب على نقاط الضعف ،تحتاج أمريكا الى قيادة ديمقراطية متعلمة .
المشكلة الاساسية هي في نظام الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) التي تتصرف بنفس الاسلوب السياسي القديم والضيق منذ الحرب العالمية الثانية.
ورغم تغير الطريقة في اواسط الستينات وحتى اواسط السبعينات ،الا ان هذا التوجه رفض لاحقاً من قبل المحكمة العليا والكونغرس ،وبدلاً من الترحيب ب(الديناميكية الجديدة المتقدمة) ،جرى التوجه صوب الرجعيين الذين غيروا طريقة واسلوب انتخاب المرشحين في كلا الحزبين من خلال دعم الاثرياء بالتبرعات، بالضد من مصالح الاكثرية .
في عهد الريغانية (نسبة للرئيس الامريكي الاسبق رونالد ريغان) في ثمانينيات القرن الماضي ازدهر عمل الحزبين من تبرعات المليارديرية ورؤساء الشركات الكبيرة ،حيث عبر مرشح الرئاسة الاسبق رالف نادر بما سماه (التفاهم المشترك)،الداعي الى توفير المال لافساد السياسة ضاربةً صوت الشارع عرض الحائط بقواسم مشتركة ،عبرت عنها اساساً بسياسة خارجية تستند على العسكرياتية .
هذه السياسة المملة والقاتلة للاعصاب ادت الى عدم وجود حلول وسط ،بحيث ان المشاركة في الانتخابات لم تكن تتعدى 50% من مجموع الناخبين .
فقد تَعوّد الديمقراطيون والجمهوريون ان يعيشوا ومنذ عشرات السنين في المجال الاعلامي والمؤسساتي في نفق سياسي بما يخدم مصالحهم ،معارضين مبدأ التعددية الحزبية ،دون ان يفهموا ان أميركا اكبر من هذا النفق ،فالتطور التكنولوجي وثورة الاعلام الاجتماعية المتزايدة يقابله تراجع في ركود الاجور وعدم المساواة ،والتمييز الحاصل بين الجنسين وتعامل البوليس العنصري والوحشي.
القاعدة اليسارية في اميركا تنمو في العديد من الولايات ضد سياسة التقشف وحتى في صفوف النقابات القديمة المدعومة من الكونغرس.
وينمو جيل جديد من الشبيبة ،يرفض انتخاب الحزبين التقليديين ، الذي سيؤدي الى تغير السياسة الاميركية باتجاهات غير معروفة ،لعبت فيها وسائل الاعلام دورا ً من ناحية الضغوط الهائلة نحو التغيير.
تأريخياً يمكن ضرب الامثلة لهذا التغيير كما حصل في اعوام 1920 ـ 1930 بالتحرك الديمقراطي بأتجاه يساري زمن فرانكلين روزفيلت عكس الجمهوريين عهد دوايت ايزنهاور.
الآن على الحزبين ان يتلائموا مع متطلبات القرن الحادي والعشرين ، فقد خرج القطار من سكتِه.
و كان هناك بصيص امل للخروج من الازمة عندما جرى الحديث في بدايات حملة المنافسة الانتخابية بين كلينتون وترامب عن المشاكل الا قتصادية والاجتماعية في اميركا ،الا انه بعد ذلك جرى الالتفاف عليه ، ليعود الحديث عن الترابط المركزي نحو مصالح الشركات الكبيرة.
وهذا ماحدث ايضاً عام 1964 في الحملة الانتخابية بين لندن جونسون وباري غولد ووتس ،وبين جيمي كارتر ورونالد ريغان في الثمانينات ،الحجج كانت بين الجمهوريين والديمقراطيين هي نفسها من حيث المبدأ، وهو الحفاظ على الامة من الدمار ،وهي حملات استمرت لعقود وعلى المدى الطويل للابقاء على عقدة الخوف.
طبيعي أنه سوف لايحصل تقدم في البلاد ،ان لم تُقدم مقترحات عن المستقبل وتطوير العملية الانتخابية ، وبدلاً من ذلك يجري الحديث عن كيفية تطوير سياسة الوقاية من الكوارث .
تخللت فترة حكم فرانكلين والى آيزنهاور سياسة الرفاه والامن الاجتماعي ،اليوم اصبح السكون هو السائد ، بما يخص العدالة والمساواة ،فالدخل في حالة ركود ، والسلطة متركزة بيد النخبة ،وبتأثير المجمع الصناعي العسكري على السياسة الخارجية ،الشركات التجارية تتحور الى احتكارات وتتضخم ميزانية البنتاغون الى نقطة الانهيار . ولا احد راضٍ عن هذا الوضع.
وعندما بدأت الحملة الانتخابية هذا العام سادت في القاعدة الحزبية للديمقراطيين وكذلك الجمهوريين ،من ان البلاد بحاجة الى التغيير ،ففي استطلاع أجرته (بلوم بيرغ) خريف 2015 ،اظهر ان 69% من الامريكيين يرون ان البلاد تسير بإتجاه خاطئ ،وبنفس النسبة وفقاً لشبكة CBS.
مؤيدو اوباما ومعارضوه في الكونغرنس يعتقدون ان هناك انحدارا نحو الاسفل مشيرين بوضوح ،ان هناك خطأ ما ،لكن النخبة السياسية والاقتصادية تستأنف نفس المسار القديم ،هيلاري كلينتون زوجة الرئيس الاسبق بيل كلينتون ،ووزيرة الخارجية لدى اوباما ،ومرشحة الرئاسة عن الديمقراطيين. جورج بوش ،الرئيس الاسبق ،جورج دبليو بوش الابن ،و شقيقه جيب بوش الذي رشح نفسه لعام 2016 عن الجمهوريين. وتنافست الشركات الكبيرة بدعم المرشحين كلينتون وترامب بمليارات الدولارات ،بانتظار من يخرج من حلبة الصراع فائزاً.
وكان واضحاً مدى السخط الشعبي الاميركي ،الذي عبر عنه المرشح بيرني ساندرز منافساً كلينتون بالقول (في حملتنا الانتخابية التي قمنا بها في 46 مدينة ،التقينا بالعديد من الناس الرائعين غير التقليديين ، واستطعنا اقناعهم بأهدافنا الواقعية ،وقد عملنا الكثير، الكثير للوصول الى مانريده ولاجل ذلك سنواصل الكفاح).
ساندرز كان مُحقاً ، فاستطلاعات الرأي اظهرت جزءاً من السلوك الانتخابي ،بأن الامريكيين مستعدون للعمل ضد الطرق التقليدية عبر ثورة سياسية ، فقد وقف امام النخبة السياسية واستقطب قسماً منهم بما فيهم من الاعلاميون ،وقدم مقترحاته كأشتراكي ديمقراطي ،ضد سياسة التقشف بعد ازمة عام 2008 ،من اجل التأمين الصحي ، ومجانية الدراسة ، والتخطيط للاستثمارات في البنية التحتية.
وكان ساندرز اكثر انحيازاً على المستوى المحلي واقل على المستوى الاممي قياساً الى جيرمي كوربين ، رئيس حزب العمال البريطاني قائلاً ( اعتقد ان مقترحاتي غير متهورة ،فهي تلقى قبولا ًوصدىً من اكثرية الاميركان عدا الاوساط الاعلامية وانظروا الى محطة CNN للسنوات 14 الاخيرة فلا تشاهدون اية نقاشات عن تأمين الدولة الصحي ،لاتسمع اي انتقاد لشركات الادوية ولاتسمع اي شئ عن التوزيع غير العادل للدخل والثروة ).
طبيعي ان هذه الافكار تلقى السمع القليل كون الاعلام مُسوق ومُسيطر عليه،لهذا ركز ساندرز ومؤيديه (الشبيبة بالاخص) على القيم الديمقراطية في المجتمع المدني والتخلص من تلاعبات الترشيح عند الديمقراطيين، والاعتماد على القاعدة الشعبية لها والدعوة الى الاصلاحات الدستورية ،ومطالبة اصحاب الشركات بالادلاء بالبيانات حول ممتلكاتهم ،وطالب ساندرز بحق المواطن في انتخاب مرشحه بشكل متكافئ في التصويت دون التأثير المالي ،الذي تمارسه الشركات الكبيرة لمرشحها المفضل.
وقد فاجئ ساندرز مؤيديه في حملته ، كونه لاقى استقبالاً جماهيرياً جيداً ،بحصوله في الانتخابات التمهيدية على مجموع 13 مليون صوت. وبالنظر للشعبية التي اكتسبها اضطرت كلينتون التخلي عن برنامجها القديم والاخذ بالكثير من برنامج ساندرز ،ووجد الحزب الديمقراطي من خلال ذلك ان برنامجه الرسمي تأريخياً هو الاكثر تقدميةً ،حيث تضمن مجالات التجارة الحرة ،التعليم العالي ،السياسة الصحية .
عالمياً تملك اميركا اكبر واضخم اعلام من الصحف والمجلات ومواقع وبرامج اذاعية والتي تمتد فيها اصابعها القوية بنظام تسيطر عليه النخبة وبالاخص مراكز السياسات الاجتماعية والمالية المحافظة ،ارتبط بهم سابقاً سياسيون معروفون ومنهم كلينتون.
الاستثناء من هذا القاعدة هو ترامب الذي دخل حملته الانتخابية بالتطرف وبث مشاعر الخوف .
ولو أُجري القياس على قاعدة التفاضل والتكامل فان حظوظ ساندرز ستكون اقل ،بما تقوم به وسائل الاعلام من حملات ضده.
عام 2015 تلقى ترامب 30% من الاصوات ،في حين حصل ساندرز على 31% رغم اختلاف البرنامجين.ولكن من كان يصدق ان يلاقي هذان المرشحان هذا الاهتمام الاعلامي مع عدم نسيان ان مجموع مابُث في قنوات التلفزيون عن ترامب عام 2015 كان بحدود 234 دقيقة ،اما ساندرز فكانت حصته 10 دقائق فقط.
علينا ان نتخيل مالذي كان سيحصل لو ان الاعلام اهتم بساندرز ،الاشتراكي الديمقراطي كما جرى مع ترامب الشعبوي؟
ساندرز كان غير فعال في نشرات الاخبار المسائية ،لكنه كان نشطاً وفعالاً في وسائل الاعلام الاجتماعية ومن خلال تقديم مقترحات مهمة جداً،مع ذلك اشار الى ان الاعلام يلعب دوره في القيل والقال عند المواقف الحاسمة بإدخال مواضيع بعيدة عن الواقع الذي يعيشه المجتمع.
50% من الاعلام كان يلعب دوراً في الاساءة كثيراً ضد كبار السن خصوصاً ومنها محطتا ABCو CBS.
حملة ساندرز كانت تركز على المواضيع السياسية واللقاءات المباشرة مع الناس كما حصل في ولايات نيوهامبشاير ،مشيغان ،فيسكونن،انديانا واوريغان.
وقد اماط موقع ويكليليكس اللثام قبل فترة ،ان الحزب الديمقراطي كشف عن موقفه المتشدد ازاء الآلاف من مؤيدي ساندرز عن طريق مراقبة بريده اللاكتروني في الحملة التي سبقت الانتخابات لصالح كلينتون ، ومحاولة تشويه سمعته والاساءة الى مدير حملته ووصفه بعبارات (القذر)وغيرها من التعابير .
ورغم وقوف ساندرز لاحقا مع كلينتون لمنع المرشح الصعب ترامب،لكن الديمقراطيين ضغطوا عليه وحاصروا ثواره ، وهو الخطأ الذي وقعوا فيه ،عكس الجمهوريين ،عندما تجاوزهم المليارديرالشعبوي ترامب ونجح تمرده في سياسته(فرق تسد) الممزوجة بالخوف من الهجرة ،عمل المرأة والاجهاض وغيرها.
ونتيجة تفاقم الوضع الاقتصادي فقد وجدوا فيه الرجل الذي ينقذ البنوك و(الوول ستريت) بالاضافة الى اكثرية الجمهوريين في الكونغرس.
وقد تمكن ترامب مستفيداً من تجربة عقدين من الزمن عبر وسائل الاعلام اليمينية ومن السياسيين الاستراتجيين الساخرين، الاستمرار على نغمة الكراهية والكذب ،فهو ُيميز ويثق بأولئك الجمهوريين وبالاخص يمينه المتطرف ،الذي ينتمي اليه ديفد دوك رئيس منظمة (كوكلس كلان) المعادية للاسلام والمهاجرين .
لم تكن مفاجأة فوز ترامب مرشحاً عن الحزب الجمهوري ،فقد تلقى دعماً ،من خلال المعلومات التي كانت تبث عن طريق قناة فوكس التلفزيونية والعديد من الاذاعات اليمينية ،في صب الكراهية والحقد على المهاجرين والاقليات واللاجئين ،كونها ورقة رابحة لوسائل الاعلام لتغطية انتخاباته والتي كانت لها اولوية الحضور.
صحيفة الايكونومست كتبت ،ان اسم الملياردير ترامب كان ُيذكر في النشرات المسائية عشر مرات .ولايحتاج القيام بحملته في الشوارع ، فقد كان موجوداً وبشكل دائم في غرفة البيت(التلفاز) ، كهدية له لاتقدر بثمن.
قياديوا الحزب الديمقراطي لم يفهموا حتى اليوم ،ان الحملة الانتخابية لساندرز لم تكن تعني الالتفاف على كلينتون ،انما حول هيكلية الحزب والعملية السياسية برمتها (اعتقد ان على الحزب ان يفتح ابوابه للشبيبة والترحيب والاهتمام بهم بإخلاص والتكيف مع احتياجات قيادة ديمقراطية ) كما يقول ساندرز.
قادة كلا الحزبين والخبراء يخطأون الحساب عندما يعتقدون ان الثورات ستموت بنهاية عام 2016،وهذا لايمكن حدوثه لان العولمة والاتمتة ،برنامج التقشف ،الميزانيات العسكرية الضخمة والفشل في الاولويات الوطنية لايمكن ان تكون الافضل والتغيير مع مسيرة هذه الانتخابات،بالعكس فانها ستنتشر كالسرطان ،لان الولايات المتحدة الاميركية والديمقراطيات الغربية الاخرى عليها مكافحة النظام العالمي الجديد الذي تقوده هي . بالاضافة الى ذلك فأن نظام الحزبين اصبح مُقيداً مثل (الكورسيت الذي يُشدُ على البطن) فهو غير صالح ومنذ فترة طويلة امام مجموع الافكار والمطالب المتزايدة في البلاد.
لقد شبع الامريكيون من هذه السياسة الناتجة من الاصلاحات المتعثرة ،عدم المساواة والظلم ،ويرى ثلث السكان ،عدم قدرة الادارة الاميركية في معالجة المشاكل الكبيرة.واجرى معهد (غالوب ) استطلاعاً بداية 2016 من أن 55% من المواطنين في حالة خيبة أمل ولم يُلق اللوم على الحزبين الكبيرين فقط ، وانما على الكيفية التي يتعامل بها الاعلام الطائش.
في استطلاع أجري أواخر ايلول هذا العام، يرى 40% من الاميركان اهمية اخذ احتياجات السكان بنظر الاعتبار،60 و% منهم يرغبون في وجود حزب ثالث ،45% يريدون ديمقراطية متعددة الاحزاب،وهناك عقبات على الطريق تتحمل مسؤوليتها وسائل الاعلام التي تستبعد المناظرات السياسية بهذا الاتجاه .
مع ذلك نجحت بعض الاحزاب منها الليبرالي وحزب الخضر في بعض المقاطعات وبمساعدة بعض الصحف الكبرى.مع الدلائل الموجودة ،ان الاميركيين يريدون خيارات الانفتاح السياسي ،الا ان التوقعات مازالت غائمة ،وحتى الاصلاحيون المتفائلون يلازمهم الخوف.
لايمكن التقليل مع ذلك من معارضي الاصلاح داخل الحزبين الرئيسيين ،الجالسين على العرش منذ 160 عاماً باحتكارهم الدائم للسلطة،فهما متفقان عند الانتخابات برسم الحدود عندما يقف امامهم حزب ثالث معارض.
وتتعالى اصوات عند الحزبين بأتجاه اصلاحي وخاصة في صفوف الجمهوريين ،توضحت فيها الانقسامات عندما رشح دونالد ترامب نفسه ،حيث يراه البعض داخل الحزب ،انه يقود الفوضى في حملته الانتخابية، التي ستأتي بنتائج عكسية ،وستشهد الاحتمالات وفي كل الحالات قتالاًعنيفاً للسيطرة على الجهاز الحزبي سواءاً على الصعيد الوطني او على صعيد الولايات او الانتخابات الداخلية للحزب.
في عام 1964 تعرض الحزب الجمهوري الى فوضى كبيرة مماثلة عندما خسر المرشح باري غولدووتز الانتخابات عندما حصل على 43% من الاصوات ،ولحسن حظهم كان الديمقراطيون اكثر انقساماً منهم منذ عام 1960 ،تمكن الجمهوريون ان يحسموا الامر في النهاية عندما اصبح ريتشارد نيكسون رئيساً.
لقد كانت الهوة عميقة بين ساندرز وكلينتون ،لكنها كانت اعمق بين ترامب ومعارضيه من الجمهوريين.
المرارة كانت كبيرة في معسكر ساندرز ،عند دعوة لجنة الحزب في الحزب الديمقراطي بالوقوف لصالح كلينتون في الانتخابات التمهيدية .
مؤيدو معسكر ساندرز وافقوا على مضض على قرارات الحزب لجانب كلينتون بهدف السيطرة على الجهاز الحزبي ،حيث تمكنوا قبل ذلك بالترشيح في عدة ولايات ،من اجل اسقاط الوجوه القديمة (اعضاء بارزين في الحزب) ،ومع ذلك فالتوتر قديم بين قطاع محافظ والشباب اليساري مع طبقة العمال المساندة لساندرز،الذي يعتبر الاكثر شعبية.
والقوة الرئيسية الدافعة لذلك هي الموضوعات التي طرحها في خطبه الواقعية وتطرقه الى ضرورة الرعاية الصحية الشاملة والتعليم المجاني وخلق فرص عمل للشبيبة بأجر مقداره 15دولار للساعة كحد ادنى ،داعياً الى تمزيق سياسة التقشف وتقوية الديمقراطية الاجتماعية ،وعدم الخنوع للاحزاب الكبيرة المُسيطَرة من قبل (وول ستريت) ،المُساهمة في تمويل حملاتهم الانتخابية ،واللوبي المساند لهم.
وقد تمكن ساندرز من الحصول على 13مليون صوت من خلال مقترحه ب(الثورة السياسية ) ،ولولا العقبات التي توضع للمشاركين قبل الانتخابات التمهيدية، التي تُصعِب العمل ،لكان بامكانه الحصول على ملايين اخرى من الاصوات،ويطمح انصاره لازالة هذه العقبات،فعملية النجاح او الفشل في ذلك سيكون له تأثير كبير على الحزب الديمقراطي وخاصة في المسائل التي أُثيرت من قبله حول المشاكل الاجتماعية المتفاقمة والدعوة للتجديد ،ويعلم الكثيرمن التقدميين في فريق كلينتون انه من الصعب تجاهل هذه الامور ومنها على سبيل المثال تمويل الحزب في الحملات الانتخابية مستقبلاً ،تطوير برنامج الحزب والنظر الى أستراتيجية سياسية لجميع ولايات أميركا الخمسين.
والسؤال هو ،هل يبقى الحزب الديمقراطي على وضعه الراهن ؟ لا في المجال السياسي فقط بل في تغيير النسيج الاقتصادي والاجتماعي،ويعني ساندرز بذلك (تثوير التحول في الحزب بالتخلص من الضعف القديم ، عدم الاعتماد على المستشارين واعلانات الترويج التلفزيونية، والاتجاه لحشد الجماهير التي لاتشعر بالارتياح ، فالطبقة الوسطى تتقلص منذ 40 عاماً ،الناس تشعر بالجوع والقلق على مستقبل اطفالها ،لكي لايتحملوا سداد ديون دراستهم ،ولاجل وظيقة لائقة باجور مناسبة.
تلبية هذه الاحتياجات ، تقع على طرف الحزبين في تطوير انفسهم ،وهو ليس بالامر السهل على كادر الحزب القديم ،الذي يريد البقاء في سدة الحكم.
لقد أظهرت الحملة الانتخابية لعام 2016 حالة الفوضى واستمرارها والضغوط الداخلية والخارجية الواضحة ،ففي نهاية المطاف تتكسر الارضية تحت الاقدام رغم حالة القلق ،اما الجهة الاخرى فهي تنظر الى سياسة افضل لاميركا ،التي لايمكن الاستغناء عنها ،فالتركيبة القديمة لاتحظى بشعبية ،اميركا تحتاج الى اصلاح والى حزب ثالث ،لخلق سياسة جديدة ،لديمقراطية حقة بجذور ثورية .
وكما قال ماهير ،فالنظام مُقرف ولااحد يقبل بالوضع الراهن.
• المقال المُعد كُتب قبل الانتخابات النهائية التي فاز فيها ترامب.