المنبرالحر

الإصلاح في الرياضة العراقية : أقيموا سباقات ومهرجانات رياضية للصغار وأجّلوا منافسات المتقدمين ! (الحلقة الحادية عشرة) / منعم جابر

استعرضنا في الحلقات الماضية خطوات الإصلاح الرياضي المطلوب البدء بها وتنفيذها ابتداء بقوننة المؤسسات الرياضية وهيكلتها وتأسيس معهد وطني لإعداد القادة الرياضيين والاهتمام بالرياضة المدرسية ومحاربة تجميع المناصب في المؤسسات الرياضية بيد مجموعة قليلة من قادة الرياضة وضرورة توزيع الملاعب والمنشآت الرياضية على عموم محافظات ومدن الوطن . ويسرنا اليوم ان نواصل كتابة الحلقة الحادية عشر من سلسلة الإصلاح كما نراها والتي يجدها الكثير من المعنيين بالقطاع الرياضي بأنها الخطوة الأهم في إصلاح الواقع الرياضي العراقي ووضع اللبنات الأولى لرياضة انجاز متقدمة تخدم وترتقي بها نحو منصات التتويج . الا وهي تطبيق شعار (خذوهم صغارا) اي الاهتمام برياضة الفئات العمرية وإقامة بطولاتها ومنافساتها ابتداء من المدرسة ثم المحلة والناحية والمدينة والمحافظة وبعدها على مستوى المنطقة ثم على مستوى الوطن ومن خلال هذه المنافسات تبين ما نسعى إليه جميعا مع الاحتفاظ ببطولات الكبار ولو بشكل محدود . وبهذا تحقق الكثير من الاهداف التي نسعى اليها .
سياسات وبرامج كل الاتحادات خاطئة !
لو نظرنا الى خطط وبرامج وسياسات كل الاتحادات الرياضية لوجدناها ضعيفة وفاشلة لأنها لا تهتم بالفئات العمرية او بفرق الاعمار الصغيرة وان جل اهتمامها منصب على فرق المتقدمين ومشاركاتها وبطولاتها علما انها لا تحقق الانجاز المطلوب وهذا يسبب اهدارا وتبذيراً في المال العام ولا يعطي النتائج المطلوبة ولو تقصينا تجارب الكثير من بلدان العالم (والاشتراكية منها في خمسينات وستينات القرن الماضي) لوجدنا أنها قد سلكت هذا السلوك بالاهتمام بتدريب الصغار واقامة العابها ومهرجاناتها (سبارتاكياد الاطفال) وكيف انهم استطاعوا بفضل هذه المهرجانات اكتشاف مواهب وابطال واعدين صاروا في مستقبل الايام من ابرز نجوم بلدانهم وابطال العالم ! وبهذه الطريقة حافظوا على المال وصنعوا ابطالا من نمط خاص وحققوا افضل النتائج.
مدارس تخصصية لاحتضان المواهب
اقدمت وزارة الشباب والرياضة قبل سنوات على تأسيس تجربة خاصة لرعاية الموهبة الرياضية لمجموعة العاب واسست لها ملاعبها وقاعاتها واختارت مدربيها وخصصت لها مبالغ طائلة وسارت التجربة بشكل جيد وتمت الاستعانة بنخبة من الأكاديميين والخبراء الا ان الظروف المالية ونقص التخصيصات حدد التجربة وافشلها. وانا هنا اناقش ما حصل وما هو الطريق الافضل لإنجاح فكرة المدارس التخصصية لرعاية المواهب الرياضية. وارى ان المهم هو ربط هذه المدارس بالاتحادات المركزية لكل لعبة حيث يهتم الاتحاد بالتخطيط والبحث لإنجاحها وتوفير المشاركين فيها وتمويلها بطرق متنوعة منها جزء من الميزانية الاتحادية ودعم بعض الشركات واخذ الاشتراكات الرمزية من المشاركين فيها والدعايات والاعلانات ودعم الاتحادات الدولية مع رعاية واهتمام المؤسسات الرسمية الحكومية عندها سنجد مدارس تتعاون واطرافا كثيرة لرعايتها .
تنسيق مراكز الموهوبين مع المدرسة
الفكرة الاخرى والجديرة بالاهتمام هي التنسيق والتعاون ما بين مراكز الموهوبين والمدرسة لان المدرسة تمثل اكبر تجمع بشرى للأعمار الصغيرة دون الــــ10 سنوات وفي هذا العمر تُكتشف المواهب وتتم رعايتها ويكون لمعلم التربية الرياضية الدور في تحضير الموهوبين كل في اللعبة التي يبرز فيها وبهذا يقدم لنا المعلم مجموعة من الموهوبين لأكثر من لعبة وعلى المركز المتخصص ان يوزع المواهب الطلابية تلك على العاب مراكزه مثل كرة قدم او كرة السلة او الكرة الطائرة او العاب القوى وكرة الطاولة او الجمناستك وغيرها عندها يمارس كل موهوب اللعبة التي يعشقها. عند ذاك سنجد نخبة من الموهوبين تحت رعاية هذا المركز او ذاك. فالبداية من المدرسة او المتابعة والتحضير من مركز الموهوبين ثم نقدمهم إلى الأندية الرياضية والمنتخبات حسب تصنيفات نصنفها نحن في اتحاد اللعبة وهذا مبدأ معمول به في التجارب الوطنية .
تعاون العائلة والمركز التخصصي والمدرسة واتحاد اللعبة
البناء الرياضي ليس بناء سهلا ولا تجربة بسيطة لقد اصبحت الرياضة صناعة كبيرة تشارك فيها اطراف عدة تبدأ من الأسرة والمدرسة والنادي والاتحاد المحلي والاتحاد الوطني اضافة الى شركات ومؤسسات كبيرة ومؤثرة وكل هؤلاء هم من يقدمون البطل ويوفرون له كل اشكال الدعم والمساعدة من إعداد وتحضير وتهيئة حتى الدخول إلى المنافسات اما نحن في العراق فما زلنا نعمل بعقلية الهواة والتحضير البسيط والاعداد البدائي كل ذلك لا يخلق بطلا كبيرا ولا يصنع مجدا تليدا وان كان وبرز من هذا الاعداد البسيط احدهم فهو فلتة وموهبته استثنائية قد تحصل لمرة واحدة كل حفنة من السنين. اما ما عدا ذلك فعمل شاق يستوجب من جميع الاطراف ومن اعمار مبكرة باستعداد عال عندها قد يولد الرياضي المتميز والاستثنائي خاصة وان بلدان العالم بدأت تستعد من اعمار مبكرة وسن صغير ومن يتخلف عن هذا الركب لا يمكنه اللحاق بالمبدعين .
المهرجانات والبطولات المناطقية هي الفرصة الاولى
كما تحدثنا فالمدارس ومراكز الموهوبين هي نقطة الانطلاق الاولى التي بها ومن خلالها نكتشف (مشروع البطل) ونحضره للمشاركات المدرسية اولا والمحلية ثانيا ثم تقدمه في البطولات المناطقية وهي مراحل مهمة وضرورة لاختبار هذا النجم الصاعد ليقدم نفسه كمرحلة اولى وبالخبرة المتزايدة مع كل مشاركة نجد فيه شيئاً جديداً واملا صاعداً وهذا ما يدفعنا الى رؤيته واستمرار متابعته. فالموهوب يكون امام فرص للاختبار وتأكيد القدرة والامكانية واثبات الذات وهذا ما لمسناه كثيرا في بعض المراكز التخصصية على ندرة عملها وساعات تدريباتها القليلة ولكنها قدمت لنا مشاريع يمكن ان تكون كبيرة في المستقبل وهذا التصرف التدريجي والعقلاني مع الصغار يوفر لنا فرصة الصناعة التدريجية للأبطال .
البطولة الوطنية والرعاية الطريق الى العالمية
اذاً هي خطوات عقلانية ومتأنية بدأت في المدرسة الابتدائية وبرعاية معلم التربية الرياضية ودوره في الأخذ بيد الطفل الموهوب نحو اللعبة التي يعشقها ثم جاء دور المدرب في مركز المواهب والرعاية والاهتمام النفسي والصحي والغذائي والمدرسي ومع اتقان المهارات بحسب اللعبة واشراف ورعاية العائلة نبدأ خطوات المشاركة مع فريق مدرسته ومركز رعاية المواهب وبطولات الاشبال وجدنا صعودا حتى المنافسة في الأعمار الصغيرة مع ابناء محافظته واقليمه او منطقته (ثلاث محافظات مثلا) ومع التقدم في الإنجاز نجده ينافس ابناء وطنه من مرحلته العمرية في سن الاشبال ثم الناشئين وهكذا عندما يتحقق الهدف المنشود اولاً ثم علينا ان نخطط لما نريده مستقبلاً.
هكذا هي الصناعة الرياضية أيها السادة !
نعم إنها خطوات تدريجية متأنية شارك فيها الجميع تعتمد الخبرة والعلم والزمن. وعلينا ان نسير عليها وان لا نستعجل ونحرق المراحل واي عجلة تدمر عملنا بالكامل وانا هنا لا أدعو إلى إلغاء بطولات ومشاركات المتقدمين بل تقليصها وتحديدها والسير بها نحو التوقف والإلغاء لان القادم أفضل ...... والى حلقة جديدة .