المنبرالحر

من ينصف الأُمهات..! / علي فهد ياسين

ملايين الامهات العراقيات المفجوعات بفقدان فلذات أكبادهن من الابناء في (معارك السياسيين) منذ نصف قرن من تأريخ العراق، يواصلن (سمفونية ) الحزن العراقي المكتظة بالنواح والعويل، والغارقة ببحار الدموع وصيحات الالم القاسي والمطبق على القلوب بظلامه الاسود الموحش، دون بصيص أمل ولا رجاء بايقاف نزيف الدماء والخراب المتصاعد على جميع الاصعدة، وفي جميع العهود والانظمة المتعاقبة على اختلاف مناهجها المعلنة في برامج الاحزاب وحكوماتها، وفي خطب السياسيين القائمين على مراكز القرار، وكأنهم فريق واحد وكتلة واحدة تعمل لمصالحها على حساب مصالح الشعب العراقي.
لم يتعرض بلد في العالم الى هذا الكم والنوع الهائل من الخسائر بالأرواح والثروات قياساّ لعدد سكانه كما تعرض العراق ومازال، فقد اتسعت الكتلة البشرية من (الارامل والايتام) بتصاعد مستمر، حتى غدت أكبر كتلة مليونية ضمن تركيبة الشعب العراقي، تتصدر فجيعتها الامهات من كل الاعمار، اللائي وجدن انفسهن بين ليلة وضحاها ملزمات باداء أدوار أزواجهن وأبنائهن الشهداء، لإعالة العوائل الصغيرة والكبيرة المتجمعة في بيت واحد بلا معيل، بانتظار(فتات) الحقوق التي حددتها القوانين بعد مارثونات طويلة من المراجعات لدوائرها الموبوءة بكل انواع الفساد، وبانتظار مكرمات القادة (الميامين).
لقد اثبتت الاحداث، أن قلوب الامهات العراقيات هو جدار الصد الاكبر والاول لسهام الحكام الموجهة للشعب العراقي، فقد تحملن كل الويلات والمآسي في فقدان الابناء وفي توفير لقمة العيش الكريم لعوائلهن المفجوعة بنتائج الحروب العبثية والصراعات الشخصية طوال العقود الماضية، من دون ان يرف لطواقم الحكومات واحزابها المتسلطة جفن ولا يتحرك لقادتها ضمير
لقد تحولت البرامج السياسية لأحزاب السلطة الى (دورات) عمل مكررة تحافظ على مصالحها أولاّ وأخيراّ طوال السنوات الماضية، من دون مراجعة ولا التزام بما اكتضت به بيانات مؤتمراتها السياسية في مراحل (نضالها) ضد النظام الدكتاتوري السابق، الذي تحملت امهات العراقيين نتائج مغامراته واساليب قمعه وتسلطه الويلات طوال ثلاثة عقود، لتعود نفس المآسي بأساليب جديدة لكنها تحمل نفس المضامين، فبدلاّ من البيانات العسكرية اليومية لمجمل ضحايا العراقيين (شهداء وجرحى وخسائر مادية) في الحرب، اصبحت احصاءات الخسائر شهرية منتظمة كأنها إنجازات!!.
السؤال الكبير الذي لم يجب عليه احد من رؤوس السلطة ولا احزابها ولا منظريها ومسانديها طوال السنوات الماضية، ولن يجيبوا عليه مستقبلاّ هو، من ينصف ومن يحمي الامهات في العراق من هذا العبث السياسي العقيم