المنبرالحر

ابا داود.. القابض على الجمر / عباس الجوراني

هي استراحة محارب تلك التي اخذنا بها ابو داود على حين غرة بإعلانه مغادرة سكرتارية اللجنة المركزية ... فليس سهلا الاعتياد بدون هذا الذي كانت تشخص اليه الابصار عندما تدلهم الخطوب... وهؤلاء الشيوعيون لا فسحة لديهم لمنح مناصب شرفية.. فللتكليف اثمان باهظة سددها الرفيق حميد مجيد موسى عن طيب خاطر كما هو شان الكثير من رفاقه.. حرمانات وتشريد واعتقالات وشتى صنوف المعاناة.
سادتي.. لاتلوموننا اذا ما تشبثنا بابي داود حد البكاء فالرغبة في التغيير بما هي عليه مجرد رغبة لا تصنع قائدا كما وان صناعته لا تأتي بأوامر ادارية , مضافا إليها اننا في العراق ولسنا في ايطاليا او فرنسا حين يعتزل القادة العمل السياسي دون سابق انذار فيمرون دون ان يشعر بهم احدا او يتأسى عليهم متأس وهذا ما لا ينطبق على الشيوعيين فهم لا يعرفون التقاعد.
هذا وغيره الكثير لا ينفصل عن سيرة قائد شيوعي وهب ثلاثة وعشرين عاما من عمره للدفاع عن المبادئ وحقوق الفقراء والمهمشين وانفق مثلها ويزيد عضوا في حزب الشيوعيين منذ اواخر الخمسينات.. ظل يجول في كل زوايا الوطن يشيع الامل والتنوير حاملا (منجل ومطرقة) حزبه وهي تنحت محبتها لتستوطن افئدة العراقيين ولتفوح اريجا ومحبة بعد ان استقطبت عشرات الالاف من الشيوعيين واصدقائهم يوم كان عفالقة البعث المجرم يمنون انفسهم باندحار الحزب واقتلاعه من المجتمع العراقي بعد ان اثخنوه بالجراح , لتكون ذرى كردستان محطة اخرى يتسيد على قممها طائر العنقاء مطلقا من هناك صرخته المدوية بوجه الدكتاتورية, ولتبدأ بعدها مسيرة الديمقراطية والتجديد في مؤتمرات متلاحقة كان لابي داود بصمة مميزة فيها سعيا إلى تطوير الفكر الماركسي المفارق "وبقوة" للأفكار الاخرى التي تتجاور معنا.. ليقف معها ندا ورجلا لرجل غير هياب او وجل مدافعا عمّا ائتمنه عليه رفاقه وشعبه.
فال (ثلاثا وعشرين سنة) من قيادته كانت محتدمة ومهمة في حياة الشيوعيين العراقيين اتسعت بها منظماتهم افقيا وعموديا ونما معها نفوذهم بين صفوف شعبهم فكانت تجمعاتهم كخلايا نحل تعج بالحركة .. صفوف حزبية .. وطاولات اعلامية تفتح حواراتها مع الجمهور .. نساء يدافعن عن الاسرة والطفولة وحقوق الارامل .. شبيبة وطلبة يشيعون التنوير ويستحثون الناس على القراءة .. وعيادات شيوعية جالت كل زوايا الوطن من اقصاه إلى أدناه تضمد جراحات العراقيات نازحات ومهجرات ومهملات, شيوعيات وشيوعيون ملأوا صباحات العراقيين محبة ونقاء ذلك ما اثمر عنه كدح ابي داود ورفاقه مواصلين العمل ليل نهار وآخرها ما تمخضت عنه خططهم في المؤتمر الوطني العاشر بإتحاف اللجنة المركزية بما يقارب النصف من الشباب والنساء المؤهلين للعمل في قيادة الحزب.
فهذه وغيرها الكثير ليست سجايا (فرعون) كما روج الصغار المتحاملون والموتورون من (.........!) ممن اعتلوا ناصية الاعلام بأموال السحت الحرام دون وجه حق ليجعلوا منها منابر لشتم الاحرار.
فيا ايها القابض على الجمر دمت نزيها... زاهدا... مضمخا بعبق النضال وكبرياء الجسارة على امتداد تاريخك الناصع .
واسمح لي بدمعة صدق اصفها مع تلك الدموع الغاليات التي طرزت قاعة قصر السدير وفاء لوجود اخضر ظل يعيد إلى يقيننا التوازن عند المنعطفات وما اكثرها .
ودائما معا الى امام...