المنبرالحر

«الانسانية» في مهرجان اللومانتيه / جاسم الحلفي

عديدة هي القيم التي تم تداولها في كلمات وخطب ممثلي قوى اليسار العالمي في مهرجان جريدة اللومانتيه الذي يتواصل تنظيمه كل عام من قبل الحزب الشيوعي الفرنسي، وترسخ كتقليد يجذب الفرنسيين من مختلف المشارب والاتجاهات وينشدون التضامن والعدالة الاجتماعية والتطوع للعمل من اجل الشأن العام، ويشد نحوه الآلاف من قوى اليسار وانصار الحريات في العالم. حيث تتوفر فرص ومناخات اللقاءات والتعارف والتواصل والنقاش وتبادل وجهات النظر حول مختلف القضايا التي يكون محورها حرية الانسان وكرامته، في بيئة صالحة للعيش الكريم. كما يتم تبادل الخبرات التنظيمية ووسائل مجابهة قضايا الفقر والجوع والتهميش.
«الانسانية» لم تكن مفردة عابرة في المهرجان لهذا العام، بل رفعت كشعار في شوارع القرية العالمية، كما تم بحث مدلولاتها في ورش العمل العديدة، وجرى تعريفها ليس على المستوى الاخلاقي وحسب، كما يتم تصوره للوهلة الاولى، انما تم بحثها على مستويات عديدة، الفكرية منها والسياسية والقانونية، الى جانب تجسيدها بشكل ملموس ضمن الفهم الكوني لعالمنا المترابط والمتشابك.
وانت تشهد تفاعل الناس واهتمامهم بـ» الانسانية» التي حظيت بكل هذا الاهتمام، تشعر بالفخر لانتمائك الى العقل الانساني المعافى، والذي يعتبر الانسان اخ الانسان، يحس به ويفكر بمصيره، ويهتم لمستقبله على مستوى الكون. اما إذا كنت من العراق فانك، إذ تحمل قضية العدالة في جوانحك، تشعر بالخيبة عندما تحضر امامك صورة « الطائفية « التي يروج لها العقل المعاق الذي لا وجود للإنسانية في قاموسه. فالطائفية هي ما يشغل عقله بل ويضيق حيزها كثيرا وتولد الكراهية والحقد والانعزال والانطواء.
ثلاثة ايام مرت في خيمة العراق.. خيمة «طريق الشعب».. وانت تكتشف، ان التاريخ لم تكتب نهايته بالصورة التي رسمها منظرو انتصار الرأسمالية، فمقاومة قيم الاغتراب والاستلاب والاستهلاك والانانية والجشع وتصعيد الارباح على حساب تجويع الشعوب وافقارها، مقاومة التهميش والاذلال هي مقاومة باسلة تجذب كل يوم العديد من الذين يؤمنون بقيم التقدم والتحضر وما يجود به عقول البشر من افكار يكون هدفها سعادة الانسان ورفاهه.
فالحلم بعالم يكون محوره الانسان الحر، عالم لايستغل فيه الانسان من قبل اخيه الانسان، عالم لا جوع فيه، ولا جهل، ولا مرض ولا استبداد، ان هذا العالم ممكن التحقيق وسيكتبه التاريخ في يوم قادم مهما طال الزمن.. ومن اجل ذلك شاركنا كعراقيين في مهرجان اللومانيته هذا العام، وساهمنا بصناعة الفرح والبهجة... ومن اجل السعادة التي لا بد ان تأتي.. تحدثنا عن العراق.. عن حاضره ومستقبله.. غنينا ورقصنا. ومن اجل ذلك نواصل الكفاح.