المنبرالحر

العملية التربوية في العراق وطرق معالجتها / غازي صلال الكلابي

ما هي الوسائل العلمية والعملية التي يمكن من خلالها معالجة الظواهر السلبية والتخلف العلمي والادبي للكوادر التعليمية من اجل النهوض بمستوياتها في كافة مجالات الحياة التربوية.
اعتقد جازما من خلال متابعتي كناشط سياسي وتربوي ان ليس للدولة العراقية برنامج واقعي وعملي وخطط تربوية واضحة لمعالجة الواقع المزري الذي تعيشه المؤسسة التعليمية في العراق.
لو اطلعنا على التجربة اليابانية بعد التحرير لمعالجة التخلف في الجانب التربوي والعلمي والنهوض بمستويات التعليم، فالوزارات السيادية في الحكومة اليابانية هي وزارة التعليم ووزارة الصحة لان كل منهما يكمل الآخر ويمكن ان يلعبا دوراً متميزاً في حياة الشعب الياباني، وبالفعل تحققت الاهداف التربوية المتميزة ووصلت اليابان الى مصاف دول العالم المتطورة وفاقت في نشاطها العلمي دول اوربا. وهكذا تجربة الصين التي تحررت نهاية الاربعينات وهي تغطي بنشاطها الاقتصادي والعلمي العالم كله.
ان واقعنا المزري والتخلف التعليمي وترك الرعيل الاول من المعلمين والمدرسين ساحات وقاعات الدرس وهم الاكفأ والاخلص لاسباب شتى، سيترك فراغاً سلبيا هائلاً في مدارسنا في مختلف المراحل. ويستوجب من الوزارات المعنية في مجال التربية والتعليم والسلطات التشريعية والتنفيذية ان تفكر بجد وبعلمية وواقعية بايجاد وسائل تربوية حديثة ومدروسة لمعالجة هذا الاخفاق وهذا التخلف. واعتقد مرة اخرى ان العقلية التي تقود العملية التربوية في بلادنا لا تستطيع ان تحقق شيئاً من هذا القبيل وهذا التغيير لانها عقليات طائفية متخلفة محدودة التفكير ضعيفة الافق ولا تستوعب التطور العلمي الهائل والانجازات الكبيرة في الاساليب التربوية والعلمية الحديثة والتي حولت المدرسة الى ورشة عمل وبحث واستنتاج وتفكير وممارسة وانها اصلا بعيدة التفكير عن هذا النمط من الاساليب العلمية لانهم موظفو مكاتب فخمة وامتيازات هائلة همهم الوحيد هو اغتنام فرصة المنصب المؤقت الذي حصلوا عليه نتيجة المحاصصة المذهبية والطائفية التي تم بموجبها توزيع مناصب الدولة العليا بين مكونات الشعب العراقي - وكانت النتيجة اكثر من عشر سنوات من التخلف في مجالات الحياة كافة، فلا مدارس حديثة تستوعب كل التلاميذ، فالمدارس الطينية والقديمة ومدارس البلوك وصفوف الكرفانات، هي الموضة الجديدة من المدارس وما زالت تغطي مناطق متفرقة من بلدنا وخاصة الاحياء الفقيرة والعشوائيات- وآلاف العاطلين من الخريجين بالرغم من حاجة المدارس لهم لسد النقص في شواغر المدارس، اضافة الى اساليب التدريس القديمة التي تعتمد على الحفظ والترديد الببغائي واكتظاظ الصفوف ونقص الخدمات وافتقار المدارس إلى وسائل الايضاح الحديثة والمختبرات وفقدان البيئة المحفزة للتلاميذ في المدارس من جمالية المدرسة وحدائقها وساحاتها ووسائل التسلية بها وفقدان وسائط النقل واللوازم المدرسية الحديثة والتدفئة والتبريد.
ان واقع مدارسنا الآن، بالرغم من الميزانيات الهائلة هو الاسوأ من كل الاعوام التي سبقت التغيير، نستثني من ذلك رواتب الهيئات التعليمية، الشيء الذي لم ينعكس ايجاباً على واقع المدرسة وتطورها. الكل يشهد سواء الهيئات التعليمية في المدارس وخارجها والاشراف التربوي والاختصاصي وذوو التلاميذ من ان العملية التربوية في بلادنا في تراجع مستمر في كافة جوانبها وستؤثر سلبا على الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في بلادنا، اذا لم يجر التفكير الجدي والمخلص من قبل المسؤولين الحكوميين والتربويين لابعاد المؤسسات التربوية ووزاراتها عن المحاصصة السياسية والطائفية وجعلها مؤسسات مستقلة وسيادية والاستعانة الجادة بالمختصين التربويين من داخل العراق وخارجه وتخصيص ميزانية مستقلة ومتميزة لدعم العملية التربوية وتشكيل هيئة وطنية للاشراف والتخطيط والمتابعة والتنفيذ.