المنبرالحر

التهويل والتحجيم وتأثيرهما / علي علي

التهويل والتضخيم والتصغير والتحجيم في نقل حدث ما، وسيلة يتبعها الصديق والعدو والقريب والغريب على حد سواء، وقطعا لكل منهم غايته ومقصده فيما هو ماضٍ فيه، وسواء أكان خيرا أم شرا! فالحصيلة واحدة، هي أنه يحقق غرضه، وقد ينال مايصبو اليه او قد يخفق في هذا.
هناك مثل بلهجتنا العراقية نردده في حال ازدرائنا من شخص يهول موضوعا، او يستهين به كيفما شاء حسب أهوائه، او بما يصب في مصلحته، يقول المثل: (يريدها چبيرة چبيرة.. يريدها زغيرة زغيرة). وقطعا هو في الحالتين يتبع من أساليب الكلام مايتناسب مع كل حالة، لينقل مايريد نقله الى أذن المتلقي، ويوصل مايريد أيصاله من تأثيرات -سمعية او مرئية- تموّه المقابل وتدعوه الى تصديق كل مايسمعه، وأحيانا كل مايراه. ولاأحد ينكر أن هذه المهمة صعبة الى حد ما، وتتطلب توافر خاصيات لدى القائم بها من مهارة وخبرة، بجانبها حيلة ومكر ودراية تامة عن ثقافة المتلقي ومستواه الاجتماعي وخلفيته التوعوية، كما ان لعنصر الوقت والظرف والحالة النفسية وانتقاء الملائم منها، أهمية في إتمام المهمة على أحسن وجه. ولايفوت القائم بها التهويل والتطبيل والتزمير لقدراته وإمكانياته لتعظيم شأنه وشأنها.
في ظرفنا الذي مر به بلدنا، والمتمثل بدخول عصابات داعش حدوده -بعد تسهيلات وخيانات شخوص باعوا ضمائرهم- واحتلالها أجزاء كبيرة من محافظة نينوى ومدنا أخرى من محافظات عراقية آمنة، استند كثير من الأعداء على خاصية تهويل الأحداث، وانصب اهتمامهم على كيفية التأثير على الرأي العام والخاص على حد سواء، بما يواكب مخططاتهم ويحقق مايرسمونه من خطط، واعتمدوا تبعا لهذه المتطلبات الوسائل الإلكترونية المتاحة عبر أدواتها المنتشرة بين المواطنين، فراحوا يجندون من وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة -الورقية منها والإلكترونية- ماشاء لهم تجنيده، لاسيما وأن هناك وسائل إعلام صفراء كثيرة على أهبة الاستعداد، هي الأخرى مجندة بدورها من جهات إقليمية لها غايات معلومة، والأمثلة على هذا تزخر بها قنوات فضائية ومواقع إلكترونية وشبكات تواصل اجتماعي كثيرة.
فعلى سبيل المثال هناك مقطع فيديو لايتجاوز ثلاث دقائق، يصور لنا كيف يقتل أفراد عصابات داعش عددا من المواطنين العراقيين العزل، والتمثيل بجثثهم، وعلى بشاعة هذا المنظر، إلا أنه أخذ صداه في نفوس السذج من المواطنين من غير المتفتحين لهذا الأمر، واتخذوا موقفا او رأيا بأن هذه العصابات ذات بأس شديد وقوة لاتقاوم، في حين أن حقيقتهم أضعف من هذا بكثير.
وبالمقابل طبعا هناك جهات وطنية شريفة، تمتلك مؤسسات إعلامية نزيهة تنتمي روحا وفكرا وكلمة الى وطنها بحق، تؤازر القوات المقاتلة برا وجوا، على حدود المحافظات او في العمق، وتنقل الصورة الحقيقية التي تحدث على أرض الواقع، من دونما تزويق او فبركة، بغية وضع المواطن أمام الأمر الواقع فعلا، وبالتالي تتعمق الثقة بينه وبين هذه المؤسسات، وفي نفس الوقت تتكشف أمامه حقائق تلك العصابات، فيضع إعلامها في مكانه الصحيح من الزيف والخداع والكذب والتزوير والتلفيق.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.