المنبرالحر

المؤتمر الوطني العاشر والدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية / اد. حاكم محسن محمد الربيعي

دولة مدنية ديمقراطية وعدالة اجتماعية، كان شعار المؤتمر الوطني العاشر للحزب الشيوعي العراقي في اليوم الأول من كانون الأول عام 2016 وبحضور لافت للنظر من الشيوعيين واصدقائهم ومشاركة من أحزاب وقوى أخرى يشكل بعضها ثقلا في السلطة، اما على الصعيد الرسمي فكان من ابرز الحضور السيد رئيس محلس النواب في حين اكتفى السيدان رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بالتمثيل والكلمات التي القاها ممثلوهم. الشيوعيون العراقيون ومنذ تأسيس حزبهم عام 1934والذي سيكون عمره في الحادي والثلاثين من اذار القادم 2017 ثلاثا وثمانين عاما، اعرق واقدم حزب وطني بامتياز قدم ضحايا على مر السنين خيرة كوادره من الوطنيين الذين لم يفكروا الا في بناء وطن حر وشعب سعيد، ولم يلتفتوا الى المنافع الذاتية, وانما كان هاجسهم الاول الانتماء والولاء الى الوطن وبرؤية ثاقبة ومهنية وكفاءة وبنزاهة عالية كما اتضح ذلك من خلال مشاركة بعض اعضائه في مهام حكومية واستلام مسئوليات مهمة، حزب سياسي وطني يحترم القوميات والمذاهب والأديان ولا يفرق بين الجميع بل انه الوحيد الذي يلم الناس جميعا دون هويات، كلام قاله رئيس الجمهورية السابق السيد جلال الطالباني حيث قال ( ليس هناك حزب يلم الجميع سوى الحزب الشيوعي العراقي). لان الأطراف الأخرى متكتلة اما على أساس القومية او المذهب والطائفة او المصالح، وفي هذا المؤتمر العاشر برز شعار الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فالدعوة إلى الدولة المدنية والديمقراطية ليست جديدة فهي شعار الحزب في نضالاته المستمرة،ولاسيما شعار الديمقراطية التي كانت غائبة في الفترة التي سبقت ثورة الرابع عشر من تموز التي تم اغتيالها في انقلاب شباط الأسود بتعاون عربي واسناد ورعاية أمريكية للانقلابيين الذين عادوا بنفس الاسناد الأمريكي عام 1968 وكانت الديمقراطية غائبة عبر هذه السنين، وقد اكد الحزب في جميع ادبياته على ذلك. لقد كان العراق دولة مدنية منذ تأسيس اول حكومة عراقية عام 1921 تنقصه الديمقراطية حيث حوربت القوى الوطنية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي فكان التركيز على الديمقراطية في حرية الراي والمعتقد والمشاركة الجماعية بحرية وديمقراطية، وقد سيطر الانقلابيون على السلطة في العراق وسط صراع انتهى بالإعدامات والسجون والهجرة ليس من الشيوعيين، فحسب، بل شملت الجميع من القوى الأخرى ولا اعتقد ان هناك منصفا يقول غير ذلك، وبعد عام 2003 كان هناك من يقف اما م التوجه نحو الدولة المدنية ويريد تحويلها الى نوع اخر غير مألوف للعراقيين, في حين أن الدولة المدنية التي يسعى اليها الحزب والجماهير التي نادت ومازالت تنادي بها في تظاهراتها في ساحة التحرير هي دولة المؤسسات التي تبنى على أساس القانون وتفصل بين الدين والدولة وليس هناك ما هو خارج حدود الدولة المدنية ولا مكان لغير مؤسسات الدولة المدنية والديمقراطية، لكن ذلك مع الاسف لا يعجب البعض لان الدولة المدنية تزعزع مواقعهم و لأنه يعرف انه الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب أيضا, فالدولة المدنية تضمن حرية الناس بما ينسجم مع الحرية المجتمعية والصالح العام ووجود قانون يطبق على كل فرد مهما كانت مكانته في المجتمع او مسؤولياته عكس ما يلاحظ اليوم ترى أناسا مذنبين وذنوبهم واضحة وسرقاتهم واضحة وضوح الشمس لكن لا احد يحرك لهم ساكنا ولا يرتدعون بل يغالون، هذا النموذج في الدولة المدنية يحاسب وفقا للقانون ويحال الفاسد الى المحاكم لان المال العام لا يجوز التجاوز عليه وهناك حرية في الراي والمعتقد والكلام والنشر ضمن حدود المصلحة العامة للدولة وليس بالضرورة للحكومة، لان الحكومات تنتقد عندما تكون سياساتها لا تصب في مصلحة الدولة والشعب عموما، اما العدالة الاجتماعية وهو الشق الثاني من الشعار وهو ما يسعى اليه الحزب منذ نشوئه حيث يتجسد ذلك في شعاره وطن حر وشعب سعيد، الوطن الحر لا يتحقق الا باستقلالية البلد دون املاءات خارجية وبمشاركة جماعية من أبناء البلد بشكل منظم ومن خلال هيئاته ومجالسة المنتخبة انتخابا حرا ديمقراطيا بعيدا عن التزوير، اما العدالة الاجتماعية فهي توزيع الثروة بشكل عادل ويجب ان لا ينصرف الى ذهن البعض ان التوزيع المقصود هو توزيع مداخيل نقدية على الناس وانما استثمار الفائض من الثروة في الاستثمار والتركيز على بناء اقتصاد متطور ومن خلال ذلك تقليص او امتصاص البطالة لان توفير فرص العمل وتقديم الخدمات للناس يصب في العدالة الاجتماعية المنشودة، اذ ان الثروة هي ثروة شعب وليس لحزب او مجموعة من الأحزاب او لجماعة دون غيرها، ومشكلة العدالة الاجتماعية وكما هو واضح لا تقتصر على بلد دون اخر لكنها تتفاوت من بلد الى اخر حسب نظم الحكم فيها، ففرص العمل يجب ان تتاح للجميع حسب المؤهلات والخبرة المطلوبة وباعتماد المؤسسات المتخصصة كمجلس الخدمة العامة المغيب منذ عام 2005 واليوم نحن على أبواب عام 2017، ان الشعب الذي يشعر بان دولته دولة مدنية وان حكومته تمارس العدالة الاجتماعية يتمسك بدولته وحكومته، ويدافع بل ويستميت في الدفاع عنها، لقد سعى الحزب الشيوعي العراقي منذ تأسيسه الى بناء دولة المؤسسات والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية .