المنبرالحر

هل نحن بصدد تغيير في النظام او تغيير النظام ؟ / عادل كنيهر حافظ

قبل اي شيء لابد من القول ، ان تغيير في النظام هو امر مثير للجدل ، و مشكوك فيه ، ويصعب هضمه واستيعابه من قبل اغلب المتتبعين للشأن العراقي ، وآخر الأخبار التي تناقلتها بعض الصحف وكتابات التواصل الاجتماعي ، تشير الى اخر اجتماع ، بين مسؤولين في الدولة الامريكية من وزارة الدفاع ، والمخابرات ووزارة الخارجي ، وأعضاء من الكونكرس ، وكان هذا الاجتماع مكرس لدراسة الأوضاع في العراق ، ومن بين ما تسرب عنه للإعلام ، هو ان المسؤولين قد اجمعوا ،على ان طاقم الحكم في العراق ، بات عائقا لأي انفراج ممكن لازمة البلاد المستفحلة ، وهكذا استنتاج يلغي أية إمكانية للتغيير في النظام ، وبالتالي يقود حتما الى البحث عن بديل له ، دع عنك ما ذهب اليه الأمريكان ، ويمكن اعتباره تسطيحا للأمور ، وكذلك بيان اللأمم المتحدة الذي تلاه ممثل السويد ،والذي مفاده القلق الشديد على ارواح اكثر من مليون مواطن عراقي في المناطق التي يحكمها داعش ، وتعال للمشكلة الرئيسية ، والتي تكمن في عدم وجود البديل المؤهل كفاية ، والذي من شانه ان يفرض القانون ويفعل القضاء ، ويرشد إدارة الدولة ، ويعيد بناء مؤسساتها على أسس المواطنة ،فقط وليس غيرها .
وفي هذا الامر تحديدا يحار المرء وتسكب العبرات، حيث المواطنة المتساوية مفقودة في بلادنا ، و لا يشعر المواطن العراقي، بانتمائه للوطن اولا ، الحال الذي يبعث على الشعور بالغبن ومن ثم بالاأبالية ازاء ما يحل بالبلاد وصولا الى عدم الوطنية وما يترتب عليها من بين ذلك هو سهولة الخيانة للوطن والتطوع في سلك الأعداء ،..... ،
المصيبة الاخرى ، هي عدم حماية ورعاية كل الطوائف والعقائد الدينية دون استثناء ، حيث بات من العار على اي دولة في العالم يعاني مواطنوها من الأبرتايد الديني ، ونحن في العراق ،رغم الخطب الرنانة عن الإخوة الدينية ، لكن حال اليزيديين والمسيحيين والصابئة يؤكد على غير ذلك تماما .
ثم تأتي المشكلة التي يعاني منها المجتمع العربي والإسلامي ومنها العراق ، والتي هي عدم المساواة بي الرجل والمرأة ،وهنا المقصود ليس الاختلاف في التكوين والهيئة البشرية ، وإنما عدم المساواة في الحقوق الاجتماعية في الأجر والعمل والإرث واختيار الزوج وحق طلاقه و .....،بمعنى اخر تعاني المرأة التي هي اكثر من نصف المجتمع عندنا في العراق ، من عدم المساواة والتهميش رغم مسؤوليتها الكبيرة ، في ضل الحروب وفقدان المعيل ، وهكذا معاناة وشعور بالمهانة وتقزيم حظورها الاجتماعي ، يجعلها متلبكة وضائعة ، لم تتمكن من القيام بدورها كمواطن مؤهل للعب دورا فاعلا ، في عملية استنهاض البلاد من محنتها القاهرة ،
والمرض الكبير الاخر وليس الأخير ، هو فقدان القانون ، والمعروف في كل بلدان العالم تقريبا ان البلدان تحكم بالقوانين ، وليست باجتهادات رجال السلطة ، الا اننا في العراق شأن الكثير غيرنا في بلدان ما يسمى بالعالم الثالث ، نفتقر الى الركون للقانون ،بل نسحق كثيرا من القوانين والفقرات المسطرة على متن الدستور العراقي تحت اقدامنا اذا تعارضت مع طموحنا في الثراء غير القانوني ، ومن هنا أساس الفساد المستشري في العراق ، حيث يكاد ان يكون الفساد هو القاعدة ، والقانون هو الاستثناء .
وفي ظل هذه العاهات التي نشأت في ظل حكم الاسلام السياسي، والتي تعوق المجتمع من النهوض، ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة، من حل ما هو ممكن ، لا بل زادت من تراكم الصعوبات والمشاكل الاجتماعية ،الى الحدود التي بات معها متعذرا الوصول الى شيء من الحل لازمة البلاد المركبة ، حيث لا توجد ارادة سياسية للتغيير من قبل القوى الحاكمة ، بل ليس من مصلحتها ان يجري التغيير .
عليه امست إمكانية تغيير في النظام من الأماني الضالة، وبالتالي لم يبق سوى البحث في إمكانية تغيير النظام ،وهذا الخيار متروك للشعب العراقي ، وسيكون له القدح المعلى ، حين يلتف على جبهة انتخابية للقوى العابرة للطوائف والقوميات ، لتحقيق حضور برلماني ، لا يبقي القرار بيد القوى التي جعلت من العراق جحيما تفر منه الوحوش .