المنبرالحر

شهر السواد اللعين / عدنان الفضلي

مذ كنت صغيراً وانا اعرف ان جميع أفراد عائلتي واقصد امي وابي واخوتي يكرهون شهر شباط، لكني لم اعرف سبب كرههم هذا الشهر حتى كبرت وعرفت انهم كانوا يعشقون الزعيم عبد الكريم قاسم، ويكرهون شهر شباط لانه كان توقيت قتله من قبل مجرمي البعث و(القومچية)، ولكون عائلتي تميل إلى اليسار فقد صرت اطلع كثيراً على ما يكتب عن الزعيم في الصحف والمجلات والكتب اليسارية التي كان أخي الأكبر يأتي بها الى البيت، صرت انا الآخر متعلقاً بهذا الزعيم، حيث عرفت الكثير عن حياته وثورته العظيمة ومنجزاته الكبيرة، ونزاهته ووطنيته وشجاعته، وبالتالي اصبحت مثلهم اكره شهر شباط حتى يومنا هذا لأنه يذكرني بأبشع جريمة ارتكبها سفاحو البعث ومعهم الحرس القومي بحق الزعيم الخالد ومعه المناضلون الشرفاء من القوى التقدمية والوطنية وفي مقدمتهم اعضاء الحزب الشيوعي العراقي.
نعم..! أكره هذا الشهر لان البعثيين كانوا يقيمون فيه احتفالات الشماتة بقتلهم أشرف زعيم عراقي حكم العراق في العصر الحديث، ونحروا أرقى ثورة شهدتها الساحة العراقية والمتمثلة في ثورة الرابع عشر من تموز، تلك الثورة التي جاءت بحكومة انتصرت للفقراء والمعدمين من ابناء الشعب العراقي، وحققت لهم خلال أقل من اربع سنين منجزات لم تستطع الحكومات التي سبقتها والتي اعقبتها بالمجيء بمثلها، فالمواطن العراقي يومها كان يقف قلباً وقالباً مع حكومة الزعيم، كونه يعلم ان هذا الرجل جاء الى الحكم ليملأ حياتهم سعادة ورفاهية وعدالة، وهو الأمر الذي لا ترتضيه حتماً زمر الغدر والخيانة والمفسدون من اتباع البعث ومعهم (قومچية الغدر) الذين تربوا في احضان غير وطنية، تكن العداء للزعيم وثورته العظيمة.
نعم..! أكره شهر شباط لأنه يذكرني باحباطات الانتظار التي يعيشها الشعب العراقي، حالماً بمجيء حاكم عادل ونزيه بمواصفات الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم، وهو الانتظار الذي صار مملاً، بعد ان جرتنا الحكومات التي اعقبت استشهاد الزعيم وذبح ثورته الى خانة اليأس، ولاسيما بعد انهيار الصنم البعثي عام 2003، وسقوط احلامنا معه، بعد ان ضاعت احلامنا في مهب الريح عندما حلّ دمار وخراب جديد سببته القوى المتناحرة على السلطة، المدفوعة من دول الجوار والمنفذة لاجندات خارجية لا تريد للعراق والعراقيين ان يعيشوا تحت ظل حكومة تحقق لهم احلامهم المصلوبة على عمود الانتظار الخالد.
نعم..! أكره شهر شباط ومازلت اردد دوماً مقطعا من قصيدة الشاعر الراحل رحيم الغالبي والتي يقول فيها:
«امدوهنه.../ ردت الگمرة لهلنه مدوهنه/ ياشعب اسمك مسافة / من أول عيون البچي / لآخر اشفاف الغنه / كون أشيل شباط من كل السنة».
-------
عن جريدة «الحقيقة»