المنبرالحر

مشروع تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات يتعارض مع الدستور / زهير ضياء الدين

صوّت مجلس الوزراء بحضور أعضاء المفوضية المستقلة العليا للإنتخابات في جلسته الإضافية التي عقدت في 4 كانون الأول 2016 ، على مشروع تعديل قانون إنتخابات مجالس المحافظات والأقضية. وكان من أبرز التعديلات في المشروع المذكور تخفيض أعداد أعضاء المجالس وآلية إشغال عضوية تلك المجالس.
وبالرجوع الى قانون إنتخابات مجالس المحافظات رقم (36) لسنة 2008 (المعدل) الذي تم الطعن بعدم دستورية المادة (3/ خامساً) منه حيث كانت تنص على ان (تمنح المقاعد الشاغرة عند وجودها للقوائم المفتوحة الفائزة التي حصلت على أعلى عدد من الأصوات بحسب نسبة ما حصلت عليه من المقاعد لاستكمال جميع المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية). وقد تمخضت إنتخابات مجالس المحافظات التي جرت في 31 كانون الثاني 2009 وفقاً لقانون الانتخابات المذكور آنفاً عن نتائج كارثية تمثلت بإستحواذ القوائم الفائزة على (2239659) مليونين ومائتين وتسعة وثلاثين ألف وستمائة وتسعة وخمسين صوتا، حصلت عليها القوائم التي لم تحقق القاسم الإنتخابي. وشكلت هذه الأصوات نسبة (31.5%) من عدد أصوات الناخبين ، وفي ضوء هذه النتائج تم الطعن امام المحكمة الاتحادية بموجب الدعوى 67/إتحادية/2012 بعدم دستورية المادة المذكور آنفاً.
وقررت المحكمة بتاريخ 22/10/2012 ، أن الفقرة (خامساً) من المادة (13) من قانون إنتخابات مجالس المحافظات رقم (36) لسنة 2008 (المعدل) تتعارض مع المواد الدستورية. واستنادا الى قرار المحكمة الاتحادية العليا هذا شرع مجلس النواب قانون التعديل الرابع لإنتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي رقم (36) لسنة 2008 (المعدل) ونص التعديل في مادته الأولى على إلغاء المادة المادة (13) من قانون انتخاب مجالس المحافظات والأقضية والنواحي رقم (36) لسنة 2008 المعدل ليحل محلها ما يأتي : (أولا:- تقسم الأصوات الصحيحة لكل قائمة على الارقام الفردية (9.7.5.3.1…الــخ) اي بعدد مقاعد الدائرة الانتخابية ثم يجري البحث عن اعلى رقم من نتائج القسمة ليعطى مقعداً وتكرر الحالة حتى يتم استنفاد جميع مقاعد الدائرة الانتخابية.)
وهذا النظام الذي اعتمده مجلس النواب هو نظام سانت ليغو وفي ضوئه تمت إنتخابات مجالس المحافظات لعام / 2013 والذي تحققت من خلاله العدالة في توزيع المقاعد وتمثلت عشرات القوائم الإنتخابية الصغيرة في مجالس المحافظات.
وتضمن مشروع تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي الذي صوت عليه مجلس الوزراء في كانون الاول الماضي والذي التقت بموجبه القوى السياسية الناقدة من خلال إعتماد الأرقام التي تقسم عليها أصوات الناخبين يجعلها تبدأ بالرقم (1,7) بدلاً من الرقم (1) مما سيؤدي الى إستبعاد جميع أو معظم القوائم الصغيرة من التمثيل في مجالس المحافظات التي سيتم إنتخابها بموجب هذا التعديل. وهذا ما يشكل تعارضاً مع قرار المحكمة الإتحادية العليا الصادر في الدعوى 67/إتحادية/2012 ، الذي أشرنا إليه آنفاً، وبالتالي تعارضاً مع أحكام الدستور .
ومن اللافت للنظر أن جميع اومعظم وسائل الإعلام عند تغطيتها لقرار مجلس الوزراء بالتصويت على مشروع التعديل، ركزت على جانب واحد هو المتمثل بتقليل عدد أعضاء مجالس المحافظات والأقضية فيما أهملت موضوع رقم البداية الذي تقسم عليه أصوات الناخبين للقوائم من (1) إلى (1,7) والذي يؤدي كما أسلفنا الى حرمان القوائم الصغيرة من التمثيل في مجالس المحافظات، وإقتصار أعضاء تلك المجالس على ممثلي القوائم الكبيرة الخاصة بالقوى السياسية النافذة والمهيمنة على السلطتين التشريعية والتنفيذية. فكيف تستطيع القوائم الصغيرة الممثلة للعديد من القوى السياسية من إيصال مطالب وأصوات ممثليها بعد حرمانها من الوصول الى المجالس المنتخبة؟ وهل فكرت القوى النافذة أن الكيانات الصغيرة ستكون مضطرة للتعبير عن مطالبها من خلال وسائل آخرى متاحة وعلى رأسها الحراك الجماهيري بوسائله المختلفة، وما يمكن أن ينتج عنه من تداعيات، بدلاً من اعتماد تشريعات انتخابية تمكن جميع أبناء الشعب العراقي بجميع توجهاتهم من المشاركة الفعلية في العملية الديمقراطية، التي يتحدث عنها الجميع ولا يمارسها فعلياً إلا القليل النادر كأفراد في الهيئات المنتخبة .
إنطلاقاً من ذلك نوجه الدعوة لكل القوى السياسية والنافذة منها بشكل خاص لإعادة النظر في مواقفها وتوجهاتها باتجاه المساعدة على تمثيل جميع أبناء الشعب العراقي من خلال ممثليهم في الهيئات المنتخبة، من أجل بناء عراق ديمقراطي بعيداً عن الهيمنة وإحتكار السلطة.