المنبرالحر

من يحقق التغيير؟ / محمد موزان الجعيفري

من الواضح ان الطرق التي رسمتها العملية السياسية منذ عام 2003 اثبتت بانه لايمكن ان تقود الى التغيير الذي ينشده الناس، ذلك أن نهج المحاصصة الطائفية الاثنية انتج طبقة سياسية غير كفوءة وفاسدة قد قدر لها ان تمسك بزمام الامور وتتلاعب بمصائر الناس وتسرق ثروات البلد في وضح النهار بينما المواطن لاحول له ولا قوة ليكابد شظف العيش متلوعا بالمآسي، مما جعل العراق رقما هامشيا لاوزن له حرم العراقيين من حياة هانئة ومستقرة، و لاغرابة في ذلك فالاليات الزائفة تفضي كما هو معروف الى نتائج زائفة ايضا وان الركون إليها وانتظار الانتخابات القادمة لم يجد نفعا ويحقق حلم التغيير بل ستتبدل الوجوه وتبديل الوجوه لايعني التغيير فالخلل في الاصل ليس في وجوه العملية السياسية فحسب بل في بنية العملية السياسية بل على اساس المحاصصة والفساد وعمادها الانتقام والاسئثار والاستحواذ على السلطة وتهميش الاخرين والاستناد الى قناعات متخلفة وعدم تبلور نهج صادق في المستقبل وقد ايقنت الناس ان طريق الديمقراطية الراهنه ما هو الا طريق ديكتاتورية متشظية توزعت على رموز متباينة فغابت الحريات الحقيقية والافكار المتحضرة التي من شأنها انتشال البلاد من حالات التراجع وعدم انتاج صناع قرار يدينون بالولاء الوطني على حساب انتماءاتهم الفرعية مذهبية كانت ام قومية او منطقية او حزبية لذا لجأت الجماهير الى التظاهر والاعتصامات لكن مطلب التغيير بقي مختبئا خلف مقولات الاصلاح لم يتحقق والفساد لم ينته والوجوه لم تتبدل والحياة لم تتحسن والارهاب لم يخف بل الامور تعقدت والارزاق قطعت والسبل اغلقت . ومع ان التظاهرات مضت عليها مدة طويلة وشاركت فيها قوى لها تاريخها وجماهيرها العريضة لكن المتحكمين بالسلطة لم يستجيبوا لمطالب الجماهير بالرغم من شرعيتها وضرورتها للحياة بوصفها حاجة اساسية لايمكن القفز عليها والسؤال لماذا لم تتحقق الاستجابة ؟ هل الخلل في شخصيات صناع القرار الاساسية ام في استفحال منظومة الفساد والتي اصبح بمقدورها الوقوف عقبة كأداء امام ارادة التغيير ام ان آليات العمل السياسي بائسة ويتعذر معها اتخاذ القرارات الرشيدة ام في ارادة الاصدقاء والاشقاء الذين يتصارعون بايد عراقية مخلصة ام في كل ذلك ؟
ان استمرار التظاهرات لها اهميتها بوصفها احدى وسائل الضغط السلمي الا ان الاصرار على عدم الاستجابة من شانه ان يقود الى الاصطدام وادخال البلاد في فوضى عارمة قد تقتضي زمنا طويلا وتدخلا اقليميا للتخفيف من حدتها وقد يزداد سعيرها في حال توظيفها من القوى الاقليمية والدولية المتصارعة في العراق.
ان الطبقة السياسية في غالبيتها فاسدة لم تطح بها فضائح الفساد وان كبر حجمها او سميت بأسماء مرتكبيها، وان وصلت الى ادراج القضاء فلا المتورطون فيها يخجلون ولا الهيئات المكلفة بالرقابة قادرة على محاسبتهم بل ان للمتورطين فيها فنوناً من الالتفاف وتسويف ملفات الفساد، ومن الفاسدين من لايتجرأ احد مهما بلغت صلاحيته على المساس بهم وان لهم من القوة والسطوة مايفوق سلطة القانون والامثلة على ذلك كثيرة والاسماء معروفة ولاحاجة لذكرها .
اذا هذه طرق التغيير عند فقراء الناس، الاليات الديمقراطية – الضغط الجماهيري – فضائح الفساد، ولكن هذه الاساليب في الحالة العراقية باعتقادي لاتنتج تغييرا وان الظن بفعاليتها يكشف عن عدم ادراك الموقف العراقي او تضليل الراي العام في مواقف الخلل، الحقيقة لصالح ترسيخ اقدام القوة المتحكمة في المشهد السياسي بسبب ضعف الوعي الاجتماعي عند غالبية ابناء الشعب العراقي والذي تراهن عليه القوى الحاكمة وعليه يجب علينا وعلى كل القوى الديمقراطية والتقدمية التي يهمها مصلحة العراق قبل اي مصلحة خاصة وان تغير الطريق الذي سلكناه لايصلح مستقبلا ولايحقق عدلا ولايكفكف دمعا وذلك لن يكون الا بعمل تثقيفي وتوعية ابناء الشعب يشترك فيها جميع الناس الخيرين، وبالتالي اعادة صياغة بناء العملية السياسية من جديد بعيدا عن ( المحاصصة ) التي هي اس البلاء والاستفادة من التجربة السياسية الماضية واظن ان مثل هذه الصيغة تقتضي عملا تنويريا بتشكيل فرق وطنية خيرة تتسم بالكفاءة والمهنية والاستقلالية كل حسب مجال عمله وبتنسيق مركزي، وقد يكون الامر في الراهن العراق صعبا لكنه ليس مستحيلا فالعراق الجديد تصنعه النخب المستنيرة بالعلم والديمقراطية والثقافة وليس بالثرثرات الفارغة ونبش الماضي وسلفياته .