المنبرالحر

شيوعيو الشامية وانتفاضة آذار المجيدة عام 1991 / حازم الجعفري

بعد ان وصلت اخبار قيام الثوار بدك اوكار الظلم والجور في البصرة بما عرف فيما بعد بانتفاضة آذار المجيدة عن طريق الجنود العائدين من الكويت بعد الانكسار المهين لجيش صدام على ايدي القوات الامريكية حيث اصيب هؤلاء الجنود بالخيبة من قيادة صدام الذي زجهم في معركة خاسرة ,حيث فرّ الالاف منهم الى السعودية وتركوا اسلحتهم ومعداتهم دون قتال فيما عاد الاخرون الى مدنهم وهم متحمسون لاسقاط نظام صدام الذي زجهم في تلك المعركة الخاسرة .
وفي مساء يوم 3/3/1991 قامت مجموعة من شباب مدينة الشامية بالهجوم على وكر البعثيين المتمثل بمنظمة الحزب في المدينة ودارت معركة عنيفة بين الثوار والبعثيين المتحصنين في منظمة حزب البعث دامت لاكثر من ساعتين استشهد فيها اثنان من الثوار وهما حسنين عزيز السويلة و علي ممتاز الشامي فيما قتل اثنان من البعثيين وقد شارك عدد من الشيوعيين في تلك المعركة ومنهم عماد كاظم الحيال وسليم جميل (دماكه) وآخرون .وفي يوم 6/3/1991 قرر الثوار في الشامية القيام بهجوم كبير على اوكار حزب البعث في مديرية الامن ومنظمته الحزبية، وكانت الخطة تقضي بان يكون الهجوم على شكل تظاهرة تقتحم المدينة من جهة ناحية الصلاحية ومن المصادفات الرائعة ان هذا الطريق هو نفسه الذي دخل منه ثوار انتفاضة فلاحي الشامية عام 1954وكنّا على علم بموعد ومكان دخول الثوار وقد تجمعنا عند مدخل المدينة ولما وصل الثوار الى المدخل وكان عددهم لا يتجاوز العشرين التحقنا بهم وكان يتقدمهم عدد ممن يحملون اسلحة خفيفة ومنهم صديق الحزب الشيوعي السيد خليل النقيب وكان يحمل قاذفة (ار. بي . جي ) ولما وصلنا الى حيّ المعلمين الذي اسكن فيه التحق آخرون بنا ولكن المفاجئة الرائعة هي التحاق نساء الحي بتلك التظاهرة وكنّ ينتظرن الثوار وعندما وصلت التظاهرة بالقرب منهن التحقن فورا بها وكانت زوجتي الرفيقة ام اشواق من ضمن اللواتي التحقن بالثوار ولما لمحتها قلت لها (ما الذي جاء بك اجابت مازحة .الذي جاء بك )وقد كان من ضمن النساء المشاركات المرحومة ام مسلم والتي كانت تلوّح ( بعصابتها وهي تهلهل ) وكان شعرها ابيض كبياض الثلج وقد اغرورقت اعين الكثير بالدموع وهم يشاهدون هذا المنظر الرائع لتلك المرأة الرائعة (وعند اعتقالنا في الرضوانية كان الامن الخاص يعيروننا قائلين ان نساءكم قد خرجن معكم في تلك التظاهرة اذ انهم كانوا لايعرفون معنى مشاركة المرأة لأخيها الرجل في مثل تلك الحالات ). ولما وصلنا الى امام دائرة الامن اطلق السيد خليل صاروخا عليها اصاب الطابق الثاني . وعندها توجهت نحو النساء المشاركات في التظاهرة وطلبت منهن التوقف عند خزّان الماء وعدم الاستمرار بالمسير لأني كنت اخاف ان يتم الرد من قبل رجال الامن على المتظاهرين وتصاب النسوة اللواتي كنّ معنا وفي البداية رفضنّ ولكن تحت الحاحنا توقفن ولكن اهازيجهن وهلاهلنّ لم تتوقف . وعندها اقتحمنا مديرية الامن لم نجد فيها احدا ويبدو انهم فروا قبل وصولنا بقليل وسمعنا اصوات استغاثة خلف احد الابواب وعندما كسرناه كانت المفاجئة مذهلة للجميع اذ وجدنا مجموعة من الشباب وعددهم 7 عرفنا انهم اسرى كويتيون وقد استلمهم الرفيق عمار العبيدي واخذهم الى داره واطعمهم وابدل ملابسهم وفي اليوم الثاني اوصلناهم الى ناحية الشنافية وهناك استلمتهم قوات التحالف الذين اوصلوهم الى بلدهم وبعد اجهاض الانتفاضة اعتقل الرفيق عمار وابنه ثامر واعدما بسبب انقاذ حياة الاسرى الكويتيين. ثم توجهنا نحو منظمة البعث والتي وجدناها ايضا خالية فاحرقها الثوار وبذلك اصبحت المدينة كاملة بيد الثوار ومن الرفاق المشاركين في تلك المظاهرة كل من الرفاق حاتم حبيب عماد كاظم وسليم جميل وجاسم حسين وصبري حولي والشهيد سامي شمران والشهيد باقر جبر وحازم الجعفري .
وبعد ان استقرّ الوضع للثوار في المدينة نما الى سمعنا ان هناك محاولات لحرق بعض الدوائر المهمة مثل الاحوال المدنية والطابو وعلى الفور تحركنا حيث قمنا بالاتصال ببعض الشخصيات في المدينة للحفاظ على السجلات وقد قام صديق حزبنا الشيوعي الاستاذ رياض العزاوي بنقل سجلات الطابو الى داره وابقاها عنده وبعدها سلمها كاملة للدائرة فيما قام الوجيه عبدالامير كوك الله بنقل سجلات النفوس الى داره ولكن بعد ان قام البعض بحرق قسم منها اما الرفيق كاظم جياد الذي كان مديرا لمصرف الرشيد في ابو صخير فقد قام باستدعاء اقربائه الى بناية المصرف مع اسلحتهم وبقوا في المصرف حتى عودة الامور للدولة وسلمّ الاموال كاملة لم ينقص منها دينار واحد وقد نال شكر وتقدير وزارة المالية على عمله هذا.
وبعد ان اجهضت الانتفاضة حيث تخلّت امريكا عن اسقاط صدام للتنازلات الكبيرة التي قدّمها لها قام الجيش بالهجوم على المدن الثائرة وقام بالمجازر بحق الثوار واعتقال مئات الالاف وزجهم في معسكرات الاعتقال الرهيبة ومنها سجن الرضوانية حيث اعتقلت فيه انا والمئات من ابناء المدينة الثائرين حيث قامت السلطات باعتقال 1200 واعدم منهم 500 ثائر وعند دخول الجيش للمدينة تصدى لهم الرفيق باقر جبر وسامي شمران وقد قاتلا قتال الابطال حتى استشهدا.
ومن الشيوعيين الذين اعتقلوا من كل من مبدر حولي وحسن حولي وصبري حولي وابراهيم حولي وحاتم حبيب وجاسم حسين وعماد الحيال وحازم الجعفري وصاحب شاكر وعمار حميد العبيدي وكاظم حبيب
ومن الدروس المستخلصة من انتفاضة آذار المجيدة 1991 انه مهما دام الظلم فانه لابد ان يقتص الشعب من ظالميه وجلاديه وكما قال الشاعر الشعبي:
الظلم دمّر لو دام ..... بنيانه حتما ينهدم بنيانه
المجد والخلود لشهداء الشعب العراقي والحزب الشيوعي العراقي من ثوار انتفاضة آذار المجيدة
وعاشت الذكرى السادسة والعشرين لانتفاضة الشعب العراقي في آذار عام 1991.