المنبرالحر

وثيقة حلف الفضول والدفاع عن حقوق الانسان / زاهر نصرت

حقوق الانسان تعبير حديث بدأ مع الثورة الفرنسية الا ان هذا المفهوم عرفته الحضارات الاخرى سواء سمته حقوقاً للانسان او أي مسمى اخر وفي الوطن العربي الذي نشأت فيه اقدم الحضارات وشعت منه الى العالم الديانات التوحيدية الثلاث ، يعتبر المهد الاول لحقوق الانسان الا انه يعاني حالياً انتهاكاً كبيراً لهذه الحقوق ولن نناقش هنا هذه الانتهاكات ولن ندخل في جدال عن من هو المسؤول عن ذلك ! المواطن أم الحكومة ؟ الا ان ما يجب توضيحه ان موضوع حقوق الانسان يتم استغلاله سياسياً من قبل الحكومات العربية والغربية او من قبل الهيئات غير الحكومية ومعظمها غربي الجنسية والثقافة والتوجه ومن هنا علينا اليوم السعي لإظهار الريادة العربية واستعادة التوازن الثقافي في هذا الموضوع عن طريق التعريف بأول جمعية للدفاع عن حقوق الانسان في العالم الا وهي الجمعية التي عرفت بأسم ( حلف الفضول ) ، فما هو حلف الفضول ؟
تروي كتب التاريخ انه في اواخر القرن السادس الميلادي بحدود العام ( 595 ) أتى مكة تاجر من اليمن وأعطى بضاعته الى رجل من اهلها فاخذ المكي يماطل في دفع ثمن البضاعة ، ضاق التاجر اليماني ذرعاً بذلك فاستغاث بفضلاء مكة الذين استمعوا لقصته وتأثروا بها فذهبوا الى التاجر المكي واجبروه على اداء ثمن البضاعة ثم ارتأى هؤلاء الفضلاء ان يجتمعوا ثانية في دار ( عبد الله بن جدعان ) احد شرفاء مكة وتعاهدوا ان لا يدعوا في بطن مكة مظلوماً من اهلها من سائر الناس الا وكانوا معه على ظالمه حتى ترد مظلمته وبصدد ذلك تؤكد كتب التاريخ ان الحلف استحوذ اهمية تنظيمية واخلاقية حتى النصف الثاني من القرن السابع الميلادي . واعتبر هذا الحلف اول جمعية للدفاع عن حقوق الانسان وقد سبق وثيقة ( الماغنا كارتا ) الانكليزية بسبعة قرون ( صدرت اول مرة عام 1215 ثم صدرت مرة اخرى في القرن الثالث عشر ولكن بنسخة ذات احكام اقل ) والتي تترجم بوثيقة ( العهد العظيم ) ، ان هذه الوثيقة الانكليزية تتصدر الوثائق التي يشار اليها عادة في الادبيات المؤرخة لحقوق الانسان بينما لا نجد أي ذكر للوثيقة العربية على الرغم من ان هذا الحلف يعتبر واحداً من اجمل صفحات تاريخ حقوق الانسان في العالم .
يتوجب علينا اذن اعادة التعريف بهذا الحلف لما له من اهمية كبيرة في المستوى العربي والغربي ، ففي المستوى العربي يفتح لنا حلف الفضول باباً للولوج بثقة الى عالم حقوق الانسان حين نعتبر انفسنا ورثة ثقافة هذا الحلف لان ذلك يعني رفضنا ايقاع الظلم بأحد ويدحض المقولات التي تؤكد بان العرب متصالحون مع واقع الظلم وكذلك يمدنا حلف الفضول دعماً معنوياً في محاولاتنا بناء مجتمع مدني يتسم باتخاذ مواقف نابعة من الذات لمواجهة سياسة السلطان في مجال حقوق الانسان . اما على الصعيد الغربي فليس سراً ان هناك دوائر في الغرب تود ان ترسم صورة مهينة للعربي في الوقت الحاضر كما في الماضي فقد صور الانسان العربي على مر التاريخ بأنه منتهك لحقوق اخيه الانسان وقد رسخت هذه الفكرة من خلال صورة العربي الذي لا يعرف تلك الحقوق في الوقت الحاضر كما ان وسائل الاعلام رسمت صورته على انه غير عابئ بتلك الحقوق مما ساعد على اضعاف مصالحه في هذا الزمان الذي تستغل فيه الدول مبادئ حقوق الانسان لمصالحها الخاصة لذا فان دفاعنا عن ريادتنا التاريخية في هذا المجال سيكون له اثر نافع سيدرأ عنا بعض كيد الكائدين وبعض مكر الماكرين .
ختاماً لابد من توضيح موقف الحكومات العربية من هذا الحلف اذ نراها تتجنب الحديث عنه لأنها لا تود ان تقوم طائعة مختارة بفتح أي ملف يختص بحقوق الانسان على الرغم من انها تعلم ان المؤامرات الغربية تكون من خلال التركيز على ان العرب لا يحترمون تلك الحقوق الان ولم يكونوا يحترمونها في السابق فيدينون الحاضر ويتوسعون في ادانته ليطال الماضي اما نحن نهرب حتى من الصفحات الرائعة في تاريخنا التي تخص حقوق الانسان ، نهرب منها في الوقت الذي يجب علينا ان نفاخر بها العالم .