المنبرالحر

قراءات في الاقتصاد والسياسة الاقتصادية العراقية (تأليف ابراهيم المشهداني) / عرض عادل عبد الزهرة شبيب

الكتاب من الحجم الكبير ويقع في322 صفحة مع الفهرست والتوطئة وضم ستة عشر فصلا تغطي الواقع الاقتصادي للعراق الذي يعاني على امتداد العقود الماضية من اختلالات وامراض عديدة ولاسيما بعد التغيير في 2003 وارجع المؤلف تلك الاختلالات والامراض اما الى هشاشة في البنية الاقتصادية ذاتها او نتيجة السياسات الاقتصادية الخاطئة دون اهمال العوامل الموضوعية المتمثلة بالحروب مع دول الجوار والحروب الداخلية او النشاطات الارهابية للقاعدة والدواعش الذين دخلوا العراق بفعل المناخات السياسية التي وفرها الاحتلال الامريكي للعراق والمشروع السياسي الطائفي الاثني الذي ادخلته الى العراق بعد الاحتلال واستمرأته العديد من القوى المتنفذة.
تناول الاستاذ ابراهيم المشهداني في الفصل الأول من كتابه والذي ضم ثمانية مباحث الموازنات الاتحادية والحسابات الختامية مشيرا الى افتقار العراق الى الموارد الاقتصادية التي تنعش اقتصاده ودور الكتل البرلمانية في تأخير اقرار الموازنة نتيجة الصراعات فيما بينها وما يترتب على هذا التأخير من تداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية حيث تتكرر هذه المنقبة كل عام. كما تطرق المؤلف الى ان معظم الموازنات العامة الاتحادية كانت تشرع بغياب الحسابات الختامية , ويتساءل الكاتب هل ذهبت الوقوعات المالية للدولة على مدى سبع سنوات مع الريح ومعها ذهب المتسببون في الهدر المالي ؟ كما تطرق ايضا الى مشكلة العجز المالي للميزانية الاتحادية ولجوء الحكومة الى الاقتراض من المؤسسات المالية العالمية. وفي معرض تناوله لموضوع الموازنة أكد المؤلف على :
1. اتخاذ الاجراءات الفعالة في محاربة تهريب العملة الاجنبية خارج العراق من خلال الرقابة الشديدة على التداولات النقدية في القطاع المصرفي وانزال العقوبات بالمضاربين بالعملة التي تؤدي الى ارتفاع سعر الدولار.
2. فرض الضرائب التصاعدية بعيدا عن الفساد مع تفعيل دور الرقابة.
3. تنفيذ قانون التعرفة الجمركية رقم 22 لسنة 2010.
4. التشديد على ربط الحسابات الختامية مع الموازنة قبل ارسالها الى مجلس النواب والزام ديوان الرقابة المالية بإنجازها بوقت مبكر.
كما تناول المؤلف في هذا الفصل موضوع الضريبة التي اعتبرها مصدرا من مصادر التمويل التي تتطلبها عملية التنمية الاقتصادية مشيرا الى ان النظام الضريبي في العراق ما زال يتسم بالجمود وعدم القدرة على مسايرة التحولات الاقتصادية والاجتماعية ومتغيراتها على النطاقين المحلي والعالمي. كما تطرق الى التهرب الضريبي واتساع دائرة الفساد على حساب حق الدولة وتحدث ايضا عن التحديات التي تواجه النظام الضريبي في العراق مؤكدا على ضرورة قيام الدولة بتحسين اداء الاجهزة الضريبية وتحقيق العدالة بين الطبقات الاجتماعية على اختلاف درجاتها واعتماد نظام الضرائب التصاعدية وتوحيد السياسات الضريبية الى جانب تطوير الكادر العامل في الاجهزة الضريبية.
وخصص الكاتب المبحث الثامن من الفصل الاول الى طبيعة القروض الممنوحة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والشروط التي تفرضها هاتان المؤسستان والتي تكبل القرارات الوطنية المتعلقة بإصلاح الاقتصاد ولا تخلو هذه الشروط من الضغوط السياسية.
اما الفصل الثاني من الكتاب فضم عشرة مباحث تناولت مواضيع الادخار الاجباري والسياسة النقدية ودور القطاع المصرفي في عملية التنمية وتشجيع الشراكة الاستراتيجية مع المستثمرين المحليين والاجانب اضافة الى تناوله غسيل الأموال وعلاجها وقانون الاستثمار ودور السياحة في تحقيق النمو الاقتصادي.
ضم الفصل الثالث من هذا المؤلف اثني عشر مبحثا تناول فيها الكاتب القطاعين الصناعي والزراعي والحاجة الملحة لتطويرهما ليكونا بالإضافة الى قطاع الخدمات والاسكان القاعدة التي تقوم عليها استراتيجيات التنمية الاقتصادية المستدامة متناولا ايضا الوضع في القطاع الخاص وحكاية المدن الصناعية في العراق اضافة الى تناوله بشكل مفصل الصناعة التعدينية وكيف ان الارض العراقية حبلى بأغنى الثروات المعدنية التي تدخل في الصناعة التحويلية ولاحظ المؤلف ضحالة الكميات المستخرجة من المعادن وتواضعها والتي لا ترتقي الى اهداف استخراجها كرافعة مهمة من روافع الاقتصاد الوطني بالرغم من الحاجة اليها في الارتقاء بالصناعات التعدينية , واستعرض عدة نقاط لدعم وتطوير الصناعة في العراق الى جانب تناوله موضوع الحكومة والصناعة التحويلية.
في حين تناول الاستاذ ابراهيم المشهداني في الفصل الرابع الذي ضم خمسة مباحث موضوع السياسة السعرية وارتفاع الأسعار واثرها على الطبقة الفقيرة وتأثير الدولار في اسعار الذهب والنفط والعملات الاخرى ودور العراق المقبل في تسعير النفط..
اما الفصل الخامس من هذا الكتاب والذي يتكون من مبحثين فقد تناول فيه أزمة المياه كمشكلة مؤجلة والموارد المائية في العراق المشكلة والحل.
في حين ضم الفصل السادس الذي تكون من خمسة مباحث موضوع النفط واسعاره وتقلبات هذه الاسعار وهل سيستغني العراق عن النفط كمصدر رئيسي ؟
في الفصل السابع تطرق المؤلف ابراهيم المشهداني الى موضوع استعصاء ازمة السكن والخروج منها حيث تناول ذلك في ثلاثة مباحث.
اما موضوع هدر المال العام وتوقف المشاريع بسبب الفساد فقد تم تناول ذلك في الفصل الثامن الذي يتكون من ستة مباحث.
وخصص الفصل التاسع بمبحثيه الى موضوع اقتصاد الحرب والمعركة ضد الارهاب. في حين تناول الفصل العاشر بمباحثه السبعة موضوع التجارة والابعاد الاقتصادية والاجتماعية لقطاع التجارة الداخلية والتجارة المنفلتة مؤكد على ضرورة وجود مراجعة جادة للسياسة الاستيرادية في العراق.
اما موضوع النقل والمواصلات وقطاع الاتصالات وتطوير قطاع المواصلات في العراق فقد تناول كل هذه المواضيع في المباحث الاربعة للفصل الحادي عشر.
وتحدث المؤلف عن الفقر كظاهرة اجتماعية متفاقمة وكذلك تفاقم البطالة في العراق وتداعياتها اضافة الى تناوله الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر. كل ذلك تم تناوله في المباحث الخمسة عشر للفصل الثاني عشر
اما الفصل الثالث عشر من الكتاب فتناول فيه الاصلاح الاقتصادي في سبعة مباحث مؤكدا على حماية المنتج الوطني كخطوة نحو الاصلاح الاقتصادي.وتناول الاستاذ المشهداني استراتيجية التنمية ضمن الفصل الرابع عشر من هذا الكتاب وضمن خمسة مباحث مشيرا الى التحديات الجديدة التي تواجه الخطة الخمسية.
اما بالنسبة للتعرفة الجمركية التي تناولها الفصل الخامس عشر بمباحثه الاربعة فقد اشار الكاتب الى صراع المصالح ووجود تردد في تنفيذ قانون التعرفة الجمركية. بينما خصص الفصل السادس عشر ضمن مباحثه الاحد عشر لموضوعات متنوعة تناولها الكاتب شملت مواضيع الاقتراض والامن الغذائي وانهيار الكهرباء ومعالجة التصحر وغيرها.
تناول المؤلف عموما في كتابه هذا مشاكل الاقتصاد العراقي وطرق معالجتها وهو جهد متميز للأستاذ ابراهيم المشهداني , والكتاب جدير بالقراءة للتعرف على اقتصادنا الوطني والتحديات التي تواجهه وطرق معالجتها.