المنبرالحر

إرادة شعب اقلیم كوردستان أقوی من مخططات الإرهاب وآلهة الدمار / د. سامان سوراني

شهدت مدینة السلام والتعايش السلمي أربيل الیوم ٢٩-٩-٢٠١٣ في الساعة ١:٢٤ دقيقة بعد الظهر هجوماً إرهابیاً جهنمیاً وحشیاً مدبؔر و مخطط ومبرمج من قبل جماعات اسلامية إرهابية متطرفة تسمي نفسها "الدولة الإسلامية في العراق والشام" استهدف دائرتي الأمن والأمن العامة في عاصمة إقليم كوردستان أودی بحياة ستة أشخاص من منتسبي الأجهزة الأمنية و الی جرح أثني أربعين شخصاً من رجال الأمن و الشرطة والدفاع المدني.
هذه العملية الوحشية التي يعجز اللسان عن ايجاد كلمات تناسب شجبها بسبب الفلسفة البربریة التي تقف ورائها والتي لا ترید شیئاً سوی إلحاق الدمار بالشعب الكوردستاني وإفساد الوحدة الكوردستانية والتعايش السلمي في أربيل. إنها فلسفة الموت ، التي تفضل الموت على الحياة. وهي فلسفة كاذبة عنصرية تستند الى المبدأ المتوحش الداعي الى قتل المواطنین الأبریاء لمجرد كونهم مواطنین أبریاء، مواطنین یریدون أن یعیشوا في سلام ووئام مع عوائلهم و ذویهم، لأنهم لیسوا "مجاهدین في سبیل العدم" ولأنهم لیسوا جبناء مثلهم. انها فلسفة مجرمي الحرب ، وغايتها قتل اشخاص يعملون ليل نهار في سبيل حفظ الأمن في بلدهم و أناس أبرياء يسيرون ببراءة في الشوارع أو يٶدون واجبهم كمواطنين في أماكن عملهم.
بالأمس كانت الإنتخابات البرلمانية في كوردستان التي أجريت في أجواء مليئة بالأمان والفرح وفضاء يفوح منه عبير الديمقراطية ونفح الحرية وهذا ما يريد التيارات الإسلامية المتطرفة حرماننا منه بإعتبار الديمقراطية والقانون الوضعي و سيادة الشعب نوع من أنواع الكفر الأكبر.
یتصور أصحاب الارهاب وأتباعه انفسهم خلفاء الله وسادة الخلق وخیر الأمم ، أو أنهم ملاك الحقیقة وحراس الإیمان، سائرون علی النهج القویم وحدهم دون سواهم ، یدّعون بأن الشرائع القدیمة تنطوي علی أجوبة وحلول للأسئلة ولمشکلات العصر ، یمارسون الوصایة علی الناس وینطقون بإسمهم زوراً و تشبیحاً ، یصادرون قرار الناس ویتحکّمون بأعناقهم و أرزاقهم ویشنون الحرب الإرهابیة نیابة عنهم.
إنهم لایعترفون بقرار الآخرین في اختیار نمط حیاتهم و شكل حكوماتهم ، بوصفهم مبتدعین ضالین أو کافرین مرتدین الخ... فهُم یستخدمون العنف والإرهاب ، قتلاً وتصفیة أو استشهاداً و انتحاراً ، مدفوعین بعقلیة الثأر والأنتقام من کل من لایشبههم أو لایفکر مثلهم ، تحت دعاوی سخیفة و مزیفة، منها إنقاذ "الأمة الاسلامیة" في العراق و سوريا ،هدفهم تغییرالحیاة في مدینة المحبة والسلام أربيل الی جحیم، قتلاً وحرقاً وتدمیراً بصورة وحشية و مدروسة، لإستحالة الحياة الی جحيم لايطاق.
نحن نعرف بأن إرادة شعب كوردستان الأبيؔ في البناء وترسيخ الديمقراطية والتعايش السلمي لممارسة الحقوق والحريات الفردية أو الجمعية بصورة مدنية عقلانية تداولية أقوی من كل تلك المحاولات الفاشلة التي تمارس من قبل القوی الظلامية وأصحاب فلسفة الجُبن ، الذين لايٶمنون بمنطق الحوار ولا بالشراكة.
لهذه العملية الشرسة واللاإنسانية دلالتها الرمزیة وأبعادها الثقافیة. والذین یقفون وراءها والذين يٶيدونها سرؔاً ، وهُم للأسف غير قليل في العدد ، یتعاملون مع هویتهم الدینیة أو القومیة بأقصی حدود الغلو والتطرف والإنغلاق ، کعُصاب نفسي هو مصدر للتوتر والتشنّج ، کمتراس عقائدي لشن الحرب علی الغیر ، أو کخطاب فکري للنبذ والاقصاء ، یستغلون البائسین والمهووسین في مشاریعهم الهمجیة ، إنهم یخططون لفعلتهم المتحجرة والأحادیة والعدوانیة والاستبدادیة هذه‌ في السرّ وتحت الأرض ، لکنها تمارس تحت سمعنا و بصرنا ، وکما تُعمّم نماذجها في الجوامع والمدارس أو عبر الشاشات والقنوات.
إنهم یریدون برسالتهم "الجهادیة" هذه‌ أن ینصاع المواطنین المدنیین المسالمین و مأموري الحکومة إلی أوامرهم ویتخلوا عن کونهم أُناس عاقلین مستقلین، قادرین بالفکر الحي والعمل الصالح أن یفعلوا ویؤثروا في صناعة كوردستان نموذجي وآمن في المنطقة ومجتمع كوردستاني متقدم بصورة خلاقة و ایجابیة. إنهم یریدون إدخال الناس الی سجنهم العقائدي وضّمهم الی القطیع البشري، کي ینفذوا بصورة آلیة مایملي علیهم من الفتاوی والأحکام، إنهم مع العماء والإرهاب.
فهل هناك أکثر عدوانیة وجهنمیة أو أشد ظلماً وجُحوداً و کفراً من مجموعات یدّعي افرادها الإیمان ، وینصّبون أنفسهم وکلاء علی الأکثریة الساحقة من بني البشر، لکي یدینوا ویعاقبوا ویذبحوا الأبریاء بإسم شرع الله أو للفوز برضوانه وجنته؟
أتمنی من أهالي أربيل والمدن الكوردستانية الأخری بمختلف بقومياتها وطوائفها الدينية المتعددة التضامن مع البعض والوقوف صفاً واحداً ضد الإرهاب والفتنة و تقف بالمرصاد لكل المحاولات الفاشلة من طرف القوی الغاشمة التي تريد النيل من تجربتنا الفتية للحفاظ على أمن كوردستاننا الغالي.