المنبرالحر

قانون الإصلاح الزراعي الأول في ذكراه الخامسة والخمسين / تركي الهاشم

منحت الحكومات والانظمة التي سيطرت على الدولة سواء الاحتلال العثماني او الاحتلال البريطاني مساحات واسعة من الاراضي الزراعية الى اعوانهما من شيوخ العشائر ومدتهم بكل وسائل الانتاج، بمضخات المياه والسلف بانواعها وغيرها ثم شرعت لهم قوانين تسهل لهم استغلال جماهير الفلاحين. خاصة، بعد ان اصبح الاقطاع والعلاقات الاقطاعية هي التي تحكم الريف، وعندما اصبحت فئة الاقطاعيين ممثلة في مجلس النواب ومجلس الاعيان ولها الرأي المسموع من قبل الحكومة الملكية. ما زاد ذلك من استغلال الفلاحين بشكل بشع حيث اصبح الفلاح ينتج زرعا لصاحب الارض ولا يستطيع سد تكاليف معيشته المزرية لان حصة الملاك من الانتاج 60 بالمئة ولا يتحمل اي شيء من التكلفة الزراعية حيث البذور والاسمدة والحراثة والحصاد وكافة مستلزمات تهيئة المحصول تقع ضمن حصة الفلاح وهي 40 بالمئة وعندما تحسب هذه المصاريف لم يبق للفلاح ما يسد به رمق عائلته. يضاف الى ذلك الاستغلال واهمال الريف وحرمانه من كافة الخدمات، السكن، الماء، الكهرباء، المدارس، المراكز الصحية، الطرق... الخ. ومع كل هذه المآسي وفي ظل هيمنة الاقطاع امتد تنظيم الحزب الشيوعي في كثير من الارياف وتم تنظيم كثير من الفلاحين والدليل ما حدث في الريف ابان انتخابات مجلس النواب سنة 1954 حيث حصلت الجبهة الوطنية على عدة مقاعد فيه. وبدأ النضال الفلاحي الجماهيري يتصاعد عندما صدر قانون قسمة الحاصلات مناصفة بين اصحاب الاراضي والفلاحين. وكان للجمعيات الفلاحية السرية انذاك التي يقودها فقراء الفلاحين الدور المؤثر في الانتفاضات والنضالات المطلبية.
وما ان اندلعت ثورة 14 تموز حتى ساندتها جماهير الفلاحين حال سماعها بيانها الاول فكانت سندا قويا لها. وكانت جماهير الفلاحين تنتظر قانوناً يخلصها من السيطرة الاقطاعية، وفعلا في مساء 30 ايلول 958 صدر قانون الاصلاح الزراعي واذيع من الاذاعة فكان حقا ثورة في الريف باعتباره وضع حدا لمعاناة جماهير الريف رغم النواقص التي كانت فيه الا انه ثورة في تلك الايام الاولى من عمر الثورة فقد حدد القانون ملكية اصحاب الاراضي واقر توزيع ما زاد عن الحد الاعلى على الفلاحين بقطع لا تزيد عن 30 دونماً.
وقد تم تشكيل مديرية الاصلاح الزراعي وعين رئيسا لها الشخصية الوطنية الراحل عبد الرزاق زبير وهو من الشخصيات المهتمة بالمسألة الزراعية. وبدأت مديريات الاصلاح الزراعي عملها وجرى توزيع قطع الاراضي. فكانت فرحة كبرى عمت عوائل الفلاحين ولاحت معالم وضع جديد حرر جماهير كثيرة من استغلال الاقطاع وقد فتح هذا القانون افقا لاحقا لاصدار قوانين اخرى.
تحية لكل من ساهم في اعداد القانون وعمل على تطبيقه.