المنبرالحر

ثقافة الحرامية / ابراهيم الخياط

في مسرحية (الواد سيد الشغال)، يتعجب عادل إمام من سعر الصحن الذي تورط في كسره، فيجيبه عمر الحريري أن الصحن عليه امضاء نابليون بونابرت، فيتعجب الزعيم أكثر فأكثر، ويصرخ: معقولة أن بونابرت أهمل رحلته الاحتلالية وترك المماليك والباب العالي وكل ذاك القلبالغ ليلتهي بتوقيع الصحون.
واليوم، إذ تهمل وزارة الثقافة كل الثقافات، وإذ يجتمع مجلس الوزارة اسبوعيا في مبنى وزارة الدفاع، وإذ تكون 2013 سنة للبذخ وليس للثقافة، وإذ لا تقر قوانين للعَلم والنشيد والشعار، وإذ لا يبنى أو يرمم مبنى أو غاليري أو سينما أو قاعة أو صرح، واذ يخصص (فقط) ثمانية ملايين دينار لمهرجان الجواهري لهذا العام أي ما يعادل رصيد شهر واحد لمكالمات اثنين من أطفال مسؤول ثقافي.
ووسط هذا الاهمال والخراب الثقافي، نرى خطل تعجب عادل إمام، ليس لأن لجنة الثقافة البرلمانية تهمل مهمتها الوطنية وتترك مماليك الثقافة يعبثون ولا تأبه للكارثة، بل لانها قامت يوم الخميس 26 أيلول 2013 وبحضور 205 من النواب بقراءة تعديل قانون النشر لغرض "تحديد اللغة التي تصدر بها الجريدة الرسمية" و"الجهة التي تتولى تصحيح الاخطاء المطبعية عند وقوعها".
انظروا الى المهزلة، فاللجنة والمجلس تركوا الذهب والابل والقافلة والمفازة واللصوص وسوق عكاظ وانصرفوا للامضاء على صحن الاخطاء المطبعية، وهنا اعتذر لنابليون إذ أقارنه بالجماعة، وأسأل: أما كان الأوجب أن تستجوب اللجنة وزير الثقافة على هامشه: "المشكلة مع رئيس اتحاد الادباء أنه يتسلم الدعم باليمين ويشتمنا بعده"، ويقصد بالدعم أنه يمنح المال ليس من ميزانية الدولة بل من قاصة أهله، ويقصد بالشتم أن على الادباء أن يغضوا الطرف عن أدائه.
لقد صدحت الحناجر طوال سنتين بهتافات الاصلاح، وكانت أجمل اهزوجة: "كلهم حرامية"، ولكن حتى الحرامية الصدك يحترمون الادباء والفنانين والمثقفين، أما الجماعة فلم يبلغوا تماثيل كهرمانة على قول الجواهري:
وللتماثيل يستوحى بها مُثل
خيرٌ من البشر الخالين من مُثل ِ
ولن يبلغوا حتى نشال نيويورك، الذي يقول عنه شارلي شابلن: كنت اتجول ماشيا في شوارع نيويورك المزدحمة، وعندما عدت للفندق وجدت في احد جيوبي ساعة ذهبية، فسلمتها الى الرسيبشن كي يسلمها الى البوليس، وفي اليوم التالي تلقيت كتابا هذا نصه:
(عزيزي مستر شابلن.. هذا خطاب نشال محترف، فأمس كنت أزاول عملي في احد الشوارع، ورأيتك في اللحظة التي نشلت فيها ساعة من احد المارين، ولما كنت من المعجبين بفنك فقد راق لي ان اقدمها هدية لك، فوضعتها في جيبك دون ان تشعر!)