المنبرالحر

في البصرة .. ننجز المشروع ونقدمه هدية للمستثمر / ..!! علي فهد ياسين

قد لانأتي بجديد اذا قلنا , أن واحدة من أكثر التوقيتات وجلاً في حياة العراقيين تمام الساعة الذي يشير الى بدء نشرات الأخبار على الفضائيات , خاصةً تلك التي نشم منها ( روائح المطبخ الأعلامي ) المساند للأجندات التي لاتخدم المواطن , مترافقاً مع أحصائيات الدم المسفوك في طول البلاد وعرضها , والذي بات مشهداً يومياً خلال الأسابيع الماضية , نتيجة النشاط المتصاعد للمجاميع الأرهابية والأرتباك الواضح في خطط مواجهتها كأحد أوضح النتائج للصراع السياسي للكتل الماسكة للسلطات منذ عشرة أعوام .
نتسمر أمام التلفاز , منتظرين خبراً هنا وآخر هناك يرمم بعضاً من جروح الوطن , عسى أن يكون مجموع تلك الأخبار معادلاً ولو لحين لحجم وعمق آلامنا المستمرة , ننتظر أخباراً أُخرى في الرياضة والثقافة والأقتصاد تحمل بعضاً من ذاك المعادل الذي نراهن به ضد الأرهاب وأذنابه ومروجيه وداعمية ومموليه وقواعده وحاضناته التي أوغلت في دمائنا وحاولت ومازالت بكل قواها تحطيم آحلامنا في وطن جميل نعشقه ونسعد ببنائه .
في السابع والعشرين من الشهر الماضي , أستبشرنا خيراً في خبر زفه لنا مذيع النشرة الأقتصادية على القناة العراقية , هو أفتتاح مجزرة عصرية ثانية في محافظة البصرة , نفذتها شركة أيطالية بمواصفات أوربية كما أعلن ممثلها خلال مراسيم الأفتتاح , النائب الأول لمحافظ البصرة الذي أفتتح المشروع أشاد بمواصفاته وبكفاءة الشركة المنفذة وبحاجة البصرة لهكذا مشروع متكامل يساهم في رفع الأداء الأقتصادي الذي يخدم اهالي البصرة , المدينة التي تحمل أقتصاد العراق على أكتافها , قبل أن يجهز على بهجتنا مدير البلدية الذي أعلن خلال الاحتفال بأنهم حصلوا على موافقة الوزارة على أعلان المشروع ( للأستثمار ) ! , معللاً ذلك بتلافي الخسائر المتوقعة في حالة أدارته من قبل دائرة بلدية البصرة !!!.
نحن هنا أمام منهجِ غريب يتبناه من أنتخبناهم قيادات في معركة البناء الذي نريده للعراق , كيف تنسجم هذه الرؤية مع مسؤوليات الحكومة المحلية في البصرة , التي نحترم كثيراً التعريف الوطني الغيور لشخص محافظها الذي اصر على أن يسبق أسمه ( خادم أهالي البصرة ) , مع هكذا تبرير لأحد قادتها المحليين في التفريط بجهد حكومته لصالح مستثمر يستلم المشروع جاهزاً لحصاد منافعه ؟ .
مالذي سيفعله المستثمر الذي يعنيه مدير البلدية ولاتستطيع حكومة البصرة فعله لجعل المشروع فاعلاً ومفيداً ودون خسائر ؟ , هل سيعين طاقماً قادماً من الفضاء لأدارته ؟ , أم أن الأجدى ببلدية البصرة أعلان مسابقة تعيين لكوادر مهنية كفوءة من أبناء البصرة ممن ينتظرون الفرص لخدمة أبناء محافظتهم , خاصة وأن معدلات البطالة بين الخريجين تتصاعد وتشكل واحدة من أهم المشاكل التي تقع على عاتق الحكومات المحلية والحكومة المركزية معالجتها , قبل أن تكون أحد روافد الأرهاب وهي كائنة الآن وبشهادة الجميع, كيف لايرد على من يعلن عرض المشروع للاستثمار في حفل أفتتاحه , ليكون عبرة للجم هكذا تفكير في مهده قبل أن يستفحل ويتحول الى منهج خراب يصطف مع مناهج الخراب المتعددة التي دمرت العراق ومازالت كأنها شقيقات للأرهاب يعملن مجتمعاتِ على تقويته ؟.
من المؤكد أن تكاليف المجزرة دفعت للشركة الأيطالية من أموال أهالي البصرة ضمن ميزانيتهم المقرة من الحكومة الأتحادية , فكيف نبني بأموال المواطنين هكذا مشاريع ونقدمها بعد الأنجاز هدية لمستثمرين يحصدوا منها منافعهم على حساب مصالح المواطنين أذا كنا أمينين على القسم الذي تعهدنا به خدمة الشعب والوطن ؟ , وهل غاب عن مدارك البعض معنى الأستثمار كي يتلاعبوا بمفاهيمه كما يحلوا لهم دون وازع ولارقيب ؟.
لا أحد يختلف على الكرم العراقي عامة والبصري خاصة , فهو فنار كان ولايزال وسيبقى رغم كل المحن التي نمر بها , لكن الفارق كبير أيها السادة بين معناه النبيل وبين تخريجات جديدة له لايمكن أن نقبلها ولانتسامح مع مروجيها لأنها قمار يتقاطع مع مصلحة العراق وشعبه .
نسخة من المقال الى السيد محافظ البصرة المحترم .
http://fanarnews.com/?p=40000