المنبرالحر

حينما يكون الخطف قناعا آخر للارهاب / عادل الزيادي

انتظرنا كثيرا من الاعلام الرسمي العراقي ان يعلن ويفصح عن الجريمة النكراء التي طالت الشبان السبعة ليلة الاثنين الماضي لكن المؤسف لم يكن الامر هكذا الا بعد ان ذاع صيت الجريمة من على المنابر الاعلامية والفضائية الاخرى، وبالتالي اصبح الامر مخجلا اذ لابد من الاعلان والادانة ببطء، والجميع يعلم ان الضحايا المخطوفين لم يفعلوا شيئا سوى انهم تظاهروا واحتجوا للمطالبة ببناء دولة مدنية تكفل العيش لجميع العراقيين دون تمايز، وان يسود القانون بدل الفوضى والقلق، ولكن البعض لم يرق لهم هذا الاتجاه لانهم يعتقدون ان وجودهم من خلال طائفيتهم وبغضهم للمكونات الاخرى وكأن البلد اصبح غنيمتهم فحركوا اصابعهم لاختطاف الشبان السبعة وحسبوهم ضحية للاخرين لغرض اسكات الصوت الشريف المنادي بالعدالة والمساواة , معتقدين انهم يستطيعون خنق الصوت المدني والاحتجاجات السلمية في حين ان الكفة الاخرى ترى ان عزيمتها واصرارها ستزداد وثباتها سيكون الاقوى لارساء اسس الدولة المدنية , وهنا تثار جملة مواضيع :
ان الدستور هو الضامن الوحيد لهذه الاحتجاجات بما يتناسب مع سلميتها ومن حق المواطنين ان يمارسوا حقهم يشكل طبيعي وبالاتجاه الذي يرونه مناسبا فلا خوف عليهم ولاسلطان ولكن حينما نحتكم الى الدستور نرى ان العديد يريد ان يخلط الاوراق لغرض ان يمرر مشروعا معينا ربما طائفيا او عنفيا او يسعى الى وضع المعرقلات امام مشروع الدولة المدنية .
ونظرا لأهمية الفعل الاجرامي وفداحة اضراره ستكون هيبة الدولة وسمعتها على المحك وربما في خطر , سيما وان النفقات التي صرفت على الاجهزة الامنية والتي من واجبها حماية ارواح المواطنين بلغت ارقاما خيالية , فكيف والامور تسير خارج ارادتها ولا سلطة عليها؟ ومن هنا ينبغي التفكير جيدا بعدم تغليب الانتماءات الحزبية على المؤسسة الامنية وواجباتها المهنية والوطنية، وعدم التستر وراء اي عنوان لايزال مركز اجماع من العديد على دوره المشرف في القتال ضد الارهاب , فحتى لاتكون هذه العناوين الشريفة ستارا لاعمال الخطف والابتزاز يجب الحفاظ على مهنية الاجهزة الامنية وابعادها عن اي نوع من الصراعات .
ان الامر اصبح اكثر جدية من تطبيق مبدأ ( حصر السلاح بيد الدولة وحدها) وبذلك لانوفر فرصة امام قوى اخرى منفلتة وخارجة عن القانون ان تتحرك بمساحة كبيرة للاساءة الى القانون والدولة. ولكن المؤسف ان الاعلام والجهات الرسمية والمحافل والندوات تعج بذلك، بينما ارض الواقع تفتقر الى جزء من التطبيق .
-ان هذا الفعل اللانساني سيزيد بلا شك من تعقيد اللوحة وتشتيت الجهود في محاربة الارهاب الخشية من الفترة القادمة بعد تحرير البلد من هيمنة الارهاب والخشية والقلق مشروعان بتجانس مع الواقع الذي نعيشه. اذ ليس من المعقول ان نقاتل ارهابا وينمو ارهاب آخر في مناطق تتسم بنوع من الاستقرار. ويقينا ان الارهاب من اكبر العوائق امام النمو الاقتصادي والنمو الاجتماعي والنمو المؤسساتي للدولة .
وبالتاكيد ان ما سيخلفه الارهاب من تداعيات غير مبررة ولا انسانية تستوجب قرارات اكثر جدية لا الاكتفاء بالاستنكار او ابداء القلق مما هو جار او تشكيل اللجان التحقيقية. فالجماعات المسلحة لا يهمها هذا مطلقا وقد تعودت على اجتياز هذه الموانع ما يستوجب الحل العاجل والاستنفار الاقصى لكل الجهود الامنية ومسكهم في عقر دارهم وفضح مموليهم او من خطط لهم، لكي يشعر المواطن بالامن وباهمية القانون وسيادته ومركزية الدولة .