المنبرالحر

قوانين مشرعة .. ولا تنفيذ! / نورس حسن عزيز

يعتبر العراق من الدول المتقدمة في المصادقة على اتفاقيات منظمة العمل الدولية، والخاصة بحماية الاطفال من اسوأ اشكال العمالة. ذلك انه صادق عام 1985 على اتفاقية العمل الدولية رقم 138 لسنة 1973، التي وضعت «حدا ادنى لسن العمل، وهو سن اتمام التعليم الالزامي، الذي لا يقل عن 15 عاما» . كما منعت تشغيل الاطفال حتى سن 18 عاما في الاعمال التي «يحتمل التعرض فيها للخطر».
واعتمدت منظمة العمل الدولية سنة 1999 الاتفاقية رقم 182، التي صادق عليها العراق عام 2001، والتي تتعلق بأسوأ اشكال عمل الاطفال. وتلزم هذه الاتفاقية الدول الموقعة ومن ضمنها العراق باتخاذ اجراءات فورية وفعالة لضمان استبعاد اسوأ اشكال عمل الاطفال والقضاء عليها واعتبار ذلك مسألة عاجلة.
والانكى من هذا، ان العراق لديه العديد من الاَليات المؤسسية لتطبيق القوانين والنظم الخاصة بمعالجة عمالة الاطفال، كمثل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وهيئة رعاية الطفولة، ووزارة الداخلية، اضافة الى ان المادة 29 من الدستور العراقي تنص على حماية الاطفال من الاستغلال، وضمان قيام الدولة باتخاذ الخطوات المطلوبة لحمايتهم، ومنع العمل القسري والاستعباد والمتاجرة. وهناك تعليمات اشار اليها قانون العمل العراقي الرقم (37) لسنة 2015، في مادته 104، التي تحدد الاعمال الضارة والخطرة بصحة الاحداث وسلامتهم .
هذه القوانين وغيرها باتت اليوم حبرا على ورق. فطبقا للمسح العنقودي متعدد المؤشرات، والذي اجري في العراق عام 2011 من قبل الامم المتحدة، يتبين انخراط 6 بالمائة من الاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين خمس سنوات و 14 سنة في العمل. ولا توجد احصائيات مستحدثة بعد موجات الارهاب والتدهور الاقتصادي والصراع السياسي التي شهدها العراق مؤخرا.
حيث برز العديد من الاسباب التي تشجع استغلال الاطفال ودفعهم الى التسول، منها تضاؤل فرص العمل وتزايد اعداد الارامل وغياب التعليم الالزامي، اضافة الى عمليات النزوح التي شملت الكثير من العوائل، والعنف والتفكك الاسري الناجمين عن تدهور الوضع الاقتصادي للاسرة العراقية. كل هذه الاسباب وغيرها دفعت الكثير من الاطفال الى العمل في مختلف المجالات لسد احتياجات اسرهم.
وتبقى الاسئلة المتعلقة باوضاع الاطفال في العراق والاجراءات المتخذة لحمايتهم وضمان حقوقهم، سواء من جانب منظمة العمل الدولية، التي توصف بانها «اسد من دون مخالب»، او من قبل الجهات العراقية التنفيذية والتشريعية، التي طالما جعلت من شحة التخصيصات المالية شماعة تعلق عليها اخفاقاتها، تبقى تبحث عن جواب.