المنبرالحر

تابعية بالمجّان/ حميد حرّان

من لايفرقون بين الناقة والجمل، أصبحوا بنعمة المستجدات المعتقدية، أكثر من الذين يميزون بينهما، بل أن البعض يضعون على عيونهم غشاوة، كي لا يرون ما يهز قناعتهم بزيد أو عمر من سادة المشهد السياسي، فحين يمر على داره الجديدة الفخمة البناء الواسعة المساحة، وما يقف أمامها من السيارات الحديثة، يكِلُ بصره، وكأنه لم يلحظ أية دالة للتغير على من كان بالأمس لايملك شروى نقير، وحين تكلف نفسك عناء محاولة إقناعه بأن هذا أو ذاك من المفسدين ألذين سرقوا منا ما وهبنا الله من ثروة في باطن أرض العراق، ودمروا بعض مقومات حياتنا، وكانوا سببا لإنتشار الظواهر المدانة بين الشباب المحبط جراء ما يعاني من البطالة وضياع فرص الحياة، عندها سيعرض عنك بعد أن يكون تيقن تماما من (كفرك) لأنك تعترض على الله في توزيع ألأرزاق كما يشاء ! وفي أعلى درجات المرونة قد يقول لك لائما (ذوله احنه ال{....} واحد ياكل بالثاني) ! أما إذا كان غير متعصب لهذا الزيد أو ذاك العمر الذي إنتقدته فستسمع بعض عبارات من قبيل (هذا الموجود منين نجيب بشر مخلصين؟! ...أو سلمه بيد الله ولاتتعب نفسك! ... أو يمعود هو الفساد بكل العالم موجود.) وهكذا يجد الناقد المخلص الراغب بالتغيير الحقيقي نفسه في مواجهة جدران صماء .
تعرض أحد الناس لمسؤول من (رجال الزمن الحالي) مُذكرا بوعوده وعهوده أيام حملته ألإنتخابية، فالسيد المسؤول قد وعد بألإستقالة، حين لايجد نفسه قادراً على تنفيذ وعوده، فإنبرى له من قال )ليش تريده يستقيل حتى ياخذونها ال ...) ولم يترك مجالا للحوار معه بعد أن إنطلقت كلماته الموتورة.
مصيبتنا مع هؤلاء المدافعين عن السراق وجُلِهُمْ من غير المنتفعين لاتختلف عن مصيبة (ظاهر) بإبنه (النشال)، فقد كان الرجل يعرف إن ولده (أدهم) يتنقل بين المدن و(يخمط) حافظة نقود هذا و(جزدان) تلك وينسل إلى علب الليل لينفق ما حصل عليه من (هبة اليمنه) على ملذاته ومن يرافقه من صحبة السوء.
في مقهى المدينة الجنوبية حيث إعتاد الرجل الوقور (ظاهر) على إرتياده يومياً، يجالس أقرانه من متوسطي الأعمار ويتداولون شؤون حياتهم، جاء أحد ابناء المدينة، الموظف في بغداد وجلس الى جانبه، ليخبره بكل أدب أنه شاهد أدهم في موقف مخجل، حيث أمسكت به الشرطة متلبسا بسرقة نقود شخص إستطاع ألإمساك به ودعا الشرطة فألقت القبض عليه. أطرق الأب خجلاً، لكن (حسون) الذي كان يجالسه هب بوجه الوافد مُعنفاً أياه بصوت مرتفع قائلا:
- (أدهم خوش ولد، وعيب عليك لو بيك خير ماتركته بيد الشرطه وهو إبن ولايتك) ... رفع الأب رأسه وبإشارة من يده طلب من (حسون) السكوت ، لكنه واصل هجومه ألأهوج ودفاعه المجاني وهنا قال ألأب :
- خويه حسون إبني وأعرفه، يسويها ويسوي غيرها.
- بس أدهم خوش ولد خايف الله، والعام شفته بالزياره .
- خويه حسون إبني حتى من يروح الكربلا، مو للزياره، يروح يبوك بالحضره.
وهنا إستعاد الرجل ماحصل بعد لقائه مع أدهم، وتوجه نحو الأب قائلا : (كول هو الباك خرجيتي، انه من سلمت عليه ورحت لكيت فلوسي ماكو)
- خويه حسون هو الباك فلوسك، وآنه إبوه مستحي من الناس وساكت، وأنت تدافع عنه، ويطبك ألف طوب.