المنبرالحر

في ذكرى انتفاضة معسكر الرشيد ( حركة الشهيد حسن سريع ) / مديح الصادق

قليلون اليوم هم الذين يتذكرون، ومَن يدوِّن ذكرياته عنها منهم جدُّ نادرون، أما نعيم الزهيري، ذلك الرفيق المناضل فقد كان واحدا من قادتها المُخطِّطين والمنفذين، من أكواخ الفقراء انطلقت انتفاضة معسكر الرشيد في الثالث من تموز 1963، ومن معاناة شعب سرق لذة انتصاره البعثيون ومن ساندهم من دعاة القومية وبقايا الانتهازيين والوصوليين يوم تآمروا على ثورة الرابع عشر من تموز 1958، وغدروا بقادتها شرَّ غدر، وأشاعوا القتل والتنكيل والسجن والاعتداء الوحشي بحق المناضلين المدافعين عن ثورة الشعب، من الشيوعيين ومن ساندهم من أبناء الشعب بكل أطيافه وقومياته، وراح ضحايا خيرة المناضلين والمناضلات وارتدى الشعب العراقي من شماله حتى الجنوب حلة السواد، ومن نجا بروحه فقد كانت له ملاذا دول الجوار، والحديث عن شباط الأسود في الثامن منه 1963 طويل يستحق الاهتمام.
ورغم تعرض الحزب الشيوعي لضربة قاصمة استهدفت قياداته وكوادره المتقدمة وقواعده؛ لكن نخبة ممن حملوا المبادئ في صدورهم قد قرروا الثورة لتخليص الشعب العراقي من عصابات وحوش أطبقت بمخالبها على رقاب المساكين، وكانوا مجموعة من الشباب المتحمس، عسكريين ومدنيين، وقائد الاتفاضة نائب عريف ينتمي طبقيا للكادحين، حسن سريع، والشرارة تنطلق من معكسر الرشيد، وهناك رفاق قد وزعت أدوارهم في أكواخ الفقراء ينتظرون، لكن الثورة القادمة تلك لم يكتب لها النجاح، وأعدم من أعدم من قادتها والمشاركين بها، وسيق للسجن من تخلص من مقصلة الجلاد، ولم أُدرك وقتها ما وراء انتكاستها من أسباب، وما صاحبها من ظروف، بحكم كوني يافعا آنذاك لا يجوز لهم إطلاعي على مثل تلك الأسرار رغم ما يربطني من قرابة وتعاطف بهم؛ لكن الخال نعيم جبار شمخي الزهيري، أبا واثق؛ كان وفيَّا لذكرى نضال شعب وحزب عريق، لرفاق اعتلوا المشانق وهم يهتفون: ( يحيا الشعب، يحيا الحزب ) وتحت يديه ملف الانتفاضة جاهز للطبع، شرَفني بحمل أمانته، وقد خصني اليوم بتلك المناجاة وهو مدرك أني أفهم ما يخفيه وما يريد، واليوم هو الثالث من تموز، ذكرى انتفاضة لو كتب لها النجاح لغيرت وجه العراق مذ ذلك اليوم، المجد والخلود لكم أبناء الكادحين النجباء، حسن سريع ورفاقه الشهداء الأبرار.
لكم ننحني إجلالا، من أنتم منهم على قيد الحياة، لك شكري جزيلا خالي أبا واثق، المناضل نعيم الزهيري، والذكر الطيب لجدِّنا نعمة فضل عبد الزهيري إذ كان بيته المتواضع نقطة انطلاق للثوار، دفع من حياته وحياة عائلته ضريبة كلفته الكثير، تحايا لشعبنا الصامد رغم المؤامرات.
مديح الصادق
كندا- 3 - 7 - 2015
أدناه رسالة الرفيق أبو واثق:
مـنــــاجـــــــــــاة
نعيم جبار شمخي الزهيري، أبو واثق.. المملكة الدنماركية
يــا رفـيــقــي ، يا رفيق الدرب الطويل .حسن سريع
نعيم الزهيري 2/7/2014
أتعبني الليل بساعاته الطوال ، فأتعبته بالسهاد ؛ الا ايها الليل، مهما امتدت ساعاتك وتطاولت، ففي جفني من الأرق ما يكفيها او يزيد ! فاطبق بظلالك الثقيلة على كل شيء ، لف بعباءتك القاتمة كل شيء ،حتى الغيوم والنجوم البسها ثوب الحداد ، مثل الحظ العاثر في دنيا الضجر ، افعل ما تريد فلا بُد لك من آخر ...
السكون يطبق على المدينة وتبقى المصابيح حزينة في وحدتها تحرس واجهات المتاجر المطلّـة على الشارع ، وتطبق جدران غرفتي عليّ َ بحنوّ ٍ وصمتْ ،ويبقى قلمي يثير دهشتها وفضولها ... كل شيء ساكن الأ القلم يلوّث احشاء الصفحات البيض بخرائط لا اوّل َ لها ولا آخر إنهــا : ذكريات خالدة ، وحديث مكتوم لم يصل حـدّ الشفاه ….
يا رفيقي الخالد
الليلة تهيج الذكريات ،الليلة ليلة العرس، الليلة ينفجر الغضب المقدس ، الليلة ترتفع هامات الرفاق كما ترتفع دوما في الارهاصات الثورية ، لكنها كانت نوعية ، انها ليست مطلبية وليست احتجاجا او تضامنا، انها ارهاصة من نوع اخر كُتبت حروفها بالدم الاحمر القاني ، انها التصميم الاول لاستلام السلطة السياسية في العراق ، اليوم نصير مطارق، وليس سندانا ًتتكسر عليه المطارق وياما تكسرت .!! تعال يا رفيقي فالساعة تدنو من الثانية عشرة منتصف الليل والرفاق يحتشدون في كوخ في كمب سارة الحي الكادح وليس في الفلل او القصور الفارهة ، تعال نوزع الادوار فالرفيق حافظ احضر مجموعة الاعلام ، واحضر الرفاق المدنيون البدلات العسكرية التي سيرتدونها ساعة التنفيذ .. كل يعرف مهامه ، ليس بيننا ضابط برتبة كبيرة . لم يأت ِ بريد التنفيذ من الخارج . لم يساعدنا احد من خارج الحدود فلا قطار امريكي ولا نقود بنكنوتية لا باون ولا دولار ، ولا حتي اذاعة او سلاح بور سعيــد ، سلاحنا بنادق سيمونوف محدودة العدد ، ليس لدينا طائرات ، متاعنا الغضب المقدس ، زادنا التصميم على تخليص شعبنا من الوحوش الذين جاؤوا بقطار امريكي ..وتعاونت معه " القومية العروبية " والان لنرفع " استكان " النصر، استكان الشاي الاسود هو خمرة الثوار لنقسم يا رفاق بتربة الوطن، بالكادحين ، بالدم الطاهر اساله الخونة ، باليتامى ، بالثكالى ، بالارامل ، بالثروة المنهوبة ان نطلع فجر المعدمين.
سيذهب الرفيق عريبي محمد، بل ذهب مع مجموعته الى تحرير السجناء في السجن العسكري رقم ( 1 ).
سيذهب الرفيق حسيب الزهيري الى مقر عمله ويعطل بدالة المعسكر لعزله و لمنع الاتصالات
سيذهب كاظم زراك وجليل خرنوب مع مجموعتهما للسيطرة على باب المعسكر الشمالي
سيذهب الرفيق كاظم شنوار واثنان معه يحملون سلما ً لقطع اسلاك الهاتف
سيلتحق عبد الواحد الزهيري بمقر عمله في معسكر التاجي
سيلتحق مهتم الزهيري بمقر عمله في القوة الجوية بمعسكر الرشيد ويؤدي مهامه
سيلتحق مهدي غريب في مقر عمله في بدالة الحرية في سلمان باك
سيستلم الاخرون مهامهم الاخرى حسب الخطة المرسومة لهم ، عسكريون ومدنيون .
امــا قائد الانتفاضة الرفيق حسن سريع فسيكون في وحدته ،وحدة قطع المعادن ، ويستضيف مجموعة من المنفذين ، ويبدأ باعتقال الضابط الخفر ويسيطر على مشجب السلاح ويوزعه على الثوار ؛ ويطلق رصاصتنا الاولى ،من كل اطياف شعبنا الجريح :عرب، اكراد، تركمان ، مسلمين، مسيحيين ، صابئة مندائيين، ايزيديين، وغيرهم ...
الجميع بين رأس عرفاء وعريف ونائب عريف وجندي اول ومدنيون ، وكلهم من ابناء الكادحين الذين يمتلئون ثورية واقداما وحميــّة .
وهكذا انفجر الغضب الخلا ّق وبدت خيوط الفجر الحمراء قانية في الافق الرحب ... لكنها لم تنتصر في تحقيق اهدافها ، بل سطرت ملحمة ً اخرى في البطولة والاقدام واضافته لتاريخ حزبنا والحركة الثوريــة العراقية ...
ستبقون يا رفاقنا ثوار انتفاضة الرشيد خالدين في قلوبنا ، خالدين في سجل الحركة الثورية العراقية ، وان فاتنا اليوم نصر ففي غــد ٍ لن يفوت وان تنوعت الطرق والمسالك والاساليب .....
يا رفيقي ، كما وعدتك ان اكتب ، إن كُتِبَت لي الحياة ، وقد اوفيت وعدي ؛ فانا اول من دوّن الحدث الهام، انا اول من نشر الاحداث ، انا اول من دون اسماء الشهداء ، انا اول من تصدى للتشويه انا رفيقكم يا رفاقي ثوار انتفاضة معسكر الرشيد في 3/7/1963 وعند عهدي في مواصلة المسيرة الثورية ما حييت ...
أسماء بعض الشهداء الأبرار الذين ساهموا فعلياً في الانتفاضة وتم إعدامهم من قبل جلاوزة البعث المجرم في 31/7/1963
1.النائب العريف حسن سريع
2.رأس العرفاء كاظم بندر
3.العريف كاظم فوزي
4. العريف رمضان
5.النائب العريف صباح
6.العريف مهتم مجيد الزهيري
7.العريف كاظم زراك
8.العريف جليل خرنوب
9.موزان عبد السادة
10.سـعـدون عامل كهرباء من بغداد/ مزّق البعثيون الجرح الذي تعرض له فمات اثر ذلك.
11.عريبي محمد ذهب
12.علي محمد ذهـب
13.حـافـظ لـفـته
14.محمود الجايجي
15.النائب الضابط ماجد عبد الله الزهيري
16.النائب الضابط أحمد خضر(كردي) /أعدم يوم 11/11/1963
17.النائب العريف طه حسين طه الجبوري
18.النائب العريف عبد الواحد راشد الزهيري
19.الجندي الأول فالح محسن/ أعدم يوم 2/10/1963
20.الجندي المكلف زين الدين سـيد أمين/ من السليمانية أستشهد تحت التعذيب
21.لنائب العريف صبار
22.الجندي الأول نزار حبيب الاعرجي/ أعدم مع رفيقه محمد عليوي خليفه في أيام الحكم العارفي ،في 25/4/1965.
23.محمـد عليوي خليفة
24.ابراهيم محمـد علي/عامل، من الموصل , كادر حزبي متقدم. وكانت زوجته "رهبية عبد الرحمن القصاب" حاملا عندما اعتقلت قبل اعتقاله. فأجهضت من شدّة التعذيب ثم نقلت الى سجن النساء. أما هو فاستشهد تحت التعذيب في مقر المجرم"عمار علوش" وقد ابدى بطولة نادرة فـي الصمود...
25.طالب ناجي ابو الدكة جندي مطوع. اعدم رميا بالرصاص بعد ان دفن نصفه الأسفل في حفرة ’حفُرَت له امام جامع ام الطبول.
26.محمد ابو المراجيح /من سكان مدينة النجف، نفذ فيه حكم الإعدام كما نفذ برفيقه طالب ناجي وكان ذلك في عام 1964
** ننحني أمامكم يا صانعي تأريخنا النضالي وسفره المجيد