المنبرالحر

حماية المنتج الوطني لا تحتاج الى تشكيل لجنة! / ا.د. حاكم محسن محمد الربيعي

تضع الدول لاسيما منها التي تريد تنمية انتاجها الوطني, سواء اكان زراعيا ام صناعيا ام خدماتيا, سياسات تنموية وخططاً خمسية او عشرية، وربما اطول او اقصر من ذلك، والعبرة بالتأكيد ليس في وضع الخطط فقط وإنما أيضا في اختيار الناس الكفوئين والوطنيين لتنفيذ هذه الخطط التي لا يقتصر تنفيذها على هؤلاء بل بالتأكيد بجهود الاجهزة المختصة. ويبقى للمتابعة والمحاسبة شان كبير في تحقيق المطلوب من هذه الخطط، ويفترض بالجهات المعنية ان تحدد الاسبقيات في الانتاج والاسبقيات في التصدير والاستيراد, ومن ثم تحديد ماهي السلع والخدمات التي لا يمكن للمنتج العراقي، سواء اكان في القطاعين العام والخاص، من انتاجها.
نعم تحدد وتتخذ الاجراءات السليمة لاستيرادها من مناشيء معروفة جرى التعامل معها سابقا ولها مصداقية في التعامل والتبادل التجاري، وذلك من اجل ضمان النوعية والكلفة الأقل. وما يمكن ان ينتج محليا يتوجب على الجهات المعنية، وتحديدا الحكومة والوزارات المختصة كالزراعة والصناعة والوزارات ذات العلاقة من بعيد او قريب، ان تعمل على دعم القطاعات الاقتصادية لتمكينها من الانتاج كما كانت سابقا. والمنتج العراقي يتميز عن غيرة بالمستوى الجيد ولاسيما المنتجات الزراعية، ولكن يحتاج ذلك الى منع استيراد ما يمكن انتاجه لحماية الانتاج العراقي، وهذه سياسات تتخذها اغلب دول العالم المتقدمة والنامية لحماية منتجها الوطني. عكس السياسات التي اتبعت في العراق خلال الفترة من عام 2003 ولغاية الوقت الحاضر. حيث لا حماية وطنية، والاستيراد منفلت دون رقابة ودون حماية ودون فرض رسوم او ضرائب على المستورد، مما يجعل الدولة تخسر ايرادات بملايين او مليارات الدولارات. ومن الغريب ان البعض لا يوافق على فرض سياسات الحماية او فرض رسوم او ضرائب على المستورد، مما يجعل البعض يضع شكوكا على سياسات من هذا النوع. وهناك من يقول بان الرفض يأتي من اصحاب القرار وهم تجار بأسماء اخرى، فيما هناك كلام من نوع اخر يقول بان الاجندات الخارجية تريد ان تجعل العراق سوقا رائجة للآخرين مقابل "كومشن" للرافضين لهذه السياسات. ان الفترة التي اعقبت عام 2003 افرزت الغرائب في بلد استبيح بشكل مالوف وليس هناك حرص على بناء دولته او بناء اقتصاده او بناء جيشه وحماية شعبه.
ويذكر البعض ان العراق كاد ان يصل الى الاكتفاء الذاتي من المنتج الزراعي، وهذا ما ذكرته منظمة الغذاء والزراعة الدولية (الفاو) عام 1996 اثر الاتفاق على مذكرة التفاهم (الغذاء والدواء مقابل النفط). فماذا يعني ذلك؟ ببساطة ان العراق قادر لو دعمت القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية ، من الجهات المعنية.
من كل ما تقدم لا يحتاج الامر الى لجنة تتولى اتخاذ قرار بشان حماية المنتج الوطني قد يستغرق عملها وقتا طويلا، وقد لا تتوصل الى قرار نهائي بفعل التدخلات، و تبقى بين الاخذ والرد وبين آراء هؤلاء وقبول هذا ورفض ذاك. ان الامر يحتاج الى رؤية سليمة ممزوجة بوطنية صادقة واخلاص ونزاهة لاتخاذ القرار الحاسم بحماية المنتج الوطني.