المنبرالحر

شبح الهجرة يرعب شعوب الدول الغربية / د. علي الخالدي

في الحادي والعشرين من شباط عام 1848 صدر البيان الشيوعي الذي لخص تاريخ كل مجتمع (كما هو حاليا) هو تاريخ صراع طبقات ، من هنا ممكن ان نربط شبح الهجرة غير الشرعية ، الى الدول الغربية ، كشبح البيان الشيوعي الذي اقلق رأسماليها ، وهدد كيانهم الطبقي و اﻹقتصادي وحتى ثقافتهم ، مما حفز قواهم القديمة لإيقاف تأثير هذا الشبح الذي أخذ على عاتقة ، تنوير بروليتاريا العالم بطرق ، توضع حد لسيطرة رأس المال على وسائل اﻹنتاج ، التي جاءت بها الثورة الصناعية الصاعدة آنذاك ، سيما وأنه بين بشكل ﻻ يقبل الشك ، أن العامل في معركة التصدي للرأسمالية ، لن يخسر سوى قيوده . وهكذا هو شأن الغزو البشري من الدول الفقيرة للعالم الغربي ، والذي وجد فيه المتطرفون عنصريا، والمتشددون دينيا ( إن في الدول الغربية أو في بلدان مصدري الهجرة ) متنفسا لحراكهم . حيث أستغل اﻹسلاميون السلفيون أنفتاح أبواب الهجرة على مصرعيها أمامهم ، فحشدوا قواهم ، مستغلين ما قدمت لهم بعض دول الغرب من مساعدات مادية ولوجستية ﻹنشاء مراكز دينية و مدارس خاصة بهم ، إستطاعوا ﻻحقا توسيعها بما يكفل تدريس مبادئهم السلفية وثقافتها . ومن خلال نشاطاتهم وحراكهم ، المتنوع المآرب واﻷهداف ، بدء فكرهم السلفي ينتشر بين صفوف الجيل الثاني للمهاجرين ، متخذا طابعا إرهابيا أخاف سكان المدن التي تكدسوا فيها. بتشجيع من إنتفع من وراء الهجرة ، وخصوصا الرأسماليين الكبار، الذين عملوا بالخفاء سابقا على إنعاش الحرب الباردة بين الشرق اﻹشتراكي والغرب الرأسمالي سياسيا وإقتصاديا ، بحجة تطبيق حقوق اﻹنسان ، و ديمقراطية حرية حركته، فقاموا بزرع عناصرهم في صفوف قيادات بعض اﻷحزاب اﻹشتراكية ، فَنُخرت من الداخل ، ويعمل حاليا مثيرو الهجرة بنفس النهج لنخر الشعوب الغربية بالهجرة غير الشرعية ، ومما زاد الطين بلة ، تصعيد أعمال وأنشطة من سُرب خلال هذه الهجرة من سلفيين ونشطاء إسلاميين ، فخلق وجودهم بكثرة حاليا في الغرب ضبابية في طريقة معالجة الحكومات الغربية لتصاعد الهجرة ، سيما وإن شعوبها تستيقظ على سماع أخبار عمليات إرهابية هنا وهناك ، مخططها الجيل اﻷول من المهاجرين، بينما أغلب منفذيها من جيلهم الثاني.
يعزي بعض المراقبين أن وراء تصاعد الهجرة غير الشرعية ، رأسمالي الدول الغربية نفسها ، وحكومات إسلامية داعمة للمنظمات اﻹرهابية وﻷحزابها اﻹسلامية السلفية (اﻷخوان المسلمين مصدر اﻹرهاب ) ، من خلال التنسيق مع عصابات التهريب ، فيؤجروا قوارب تبحر بالمهاجرين ، بتزامن مع إبحار سفن نجاة تعترض طريقهم في البحر من قوارب تحمل بصمات الغرق بهم، فتنتشلهم لتوصلهم لشاطيء اﻷمان في اليونان وإيطاليا ،وبعد تهديد هاتين الدولتين بغلق موانئها ، غيرت سفن اﻹنقاذ وجهتها إلى إسبانيا.
ومن مشجعي الهجرة غير الشرعية الملياردير المجري جورج شورش ، الذي يعمل بكل طاقته المالية التي إستغلها في إسقاط النظام اﻹشتراكي في المجر ودول أوروبا الشرقية سابقا مع حفنة من أعضاء نادي مليارديري العالم ، لفرض وقائع الهجرة غير الشرعية على أوروبا ، خاصة وإن المجر، مع بعض دول أوروبا الشرقية ، منذ البداية أتخذت خطوات تعارض سياسة اﻷتحاد أﻷوروبي تجاه تشجيع الهجرة ، فأحاطت حدودها الجنوبية بسياج مزدوج تجوب حوله دوريات أمنية ، لمنع تسلل المهاجرين، حماية لأوروبا كما يتحدث مسؤولوها . حاليا حذت بعض الدول الغربية حذو المجر ببناء أسوار حول بلدانها علاوة على رفضها مقترح اﻹتحاد اﻷوروبي القاضي بإيواء من يرفض طلبه ، في الدول الرأسمالية ، ﻹسكانه في دول شرق أوروبا.
لقد بدأت الهجرة بالتصاعد عندما أعلنت أوروبا الغربية عن تعذر إيجاد ما يعوض قلة اﻷيدي العاملة المتصاعد فيها والتي يقف خلفها ضعف اﻹنجاب في مجتمعاتها . فرحبت في البداية بالهجرة سابقا، لكونها كانت تشمل كوادر علمية ، ذات خبرة عالية من أطباء ومهندسين وخبراء في مجالات متعددة ، لم تجد هذه الكفاءات ما يوسع بحوثها في بلدانها ، باﻹضافة ﻷيدي عاملة ماهرة لم تجد عملا في بلدانها لقلة فرصه ، فاضطرت للهجرة الى الغرب. أما الهجرة الحالية فقد شملت ايدي عاملة غير ماهرة ، جرى تموضعهم في أماكن محددة ، والعيش مع بعض ، دون إختلاط بسكان المدن ، فإستغلوا هذه الفرصة وبصورة خاصة من إصطحب معه المفاهيم الدينية السلفية من المسلمين . وهكذا أغرقت أوروبا حتى بأميين وبايدي عاملة غير ماهرة ، فإستغلتها برجوازية تلك البلدان ، لتحل محل اﻷيدي العاملة المحلية لرخصها ، حتى كاد قطاع الخدمات العامة والخاصة ﻻ يُنجز إﻻ على أيدي المهجرين.
يبرر معادو الهجرة موقفهم المعادي لها، من حرصهم على ضمان أمن شعوبهم والحفاظ على ثقافته التي بدأت تتصدع بثقافة المهاجرين ، من الدول الفقيرة في آسيا وأفريقيا ، وهي ﻻ تدرك من حيث المبدأ ، أن معركة التصدي للهجرة هي معركة فكرية سياسية أقتصادية وثفافية إجتماعية ، فكرية عبر بمحاربة اﻷفكار السلفية في عقر دارها ، (في المدارس والمراكز الدينية أﻹسلامية) ، وإقتصادية هو تنمية البلدان التي تصدر الهجرة منها ، وهذا يتطلب مساهمة جميع من يعنيه اﻷمر من دول الغرب التي إمتصت خيراتها في حقبة إستعمارهم لها ، وذلك بخلق وسائل القضاء على أي فكر يتعارض والقيم الحياتية للإنسان، كنشر الديمقراطية والعدالة اﻹجتماعية التي غابت عن تلك الدول ، وليس بإتخاذ إجراءات رادعة للهجرة وقتيا، كإقامة اﻷسلاك الشائكة حول حدودها والقابلة للزوال ، سيما والغرب يعاني من تضخم إقتصادي ، مواز للحروب والفقر الذي تحدثه في دول آسيوية وأفريقية.
في عصرنا الحالي عصر العولمة الذي ركز حراكه بإثارة التناقضات بين الشعوب الفقيرة والغنية التي أدت الى تحالف العالم اﻷوروبي القديم الفاقد للرحمة اصلا ، ضد الهجمة الجماعية للمهاجرين ومن دول مختلفة، نتيجة إتساع رقعة الفقر والبؤس فيها ، مع تنامي الفساد والمحسوبية والرشى في حكومات تلك البلدان المصحوب بسكوت الغرب عن اﻷساليب غير الديمقراطية التي تنتهجها.
إذا لم يتم ردع تلك اﻷنظمة ، ولم تُقدم الخدمات الازمة لمحاربة الفقر و اﻷمية القائمة اصلا في تلك البلدان ، ويستمر تجاهل الغرب لمبررات التصدي للفكر اﻹرهابي ، وإيقاف أي شكل من أشكال المساعدة لحاملي الفكر السلفي وخصوصا مصدره أﻷحزاب اﻹسلامية المتشددة وفي مقدمتهم اﻷخوان المسلمين والدول التي تمدها بالمال والسلاح في الشرق والغرب ، فإن اﻷسلاك الشائكة حول الحدود لن تكون قادرة على إيقاف زخم الهجرة ، فسيستمر نشر الفكر السلفي الرافع لشعار اﻹلحاد ، كند لقوى حركة التحرر الوطني منذ إنتعاشها في أوائل الخمسينات ، تماهيا مع اﻹجندات اﻷمريكية والغربية في المنطقة ، لعرقلة نشر المساواة والعدالة اﻷجتماعية ، التي تحظى بترحيب شعوب تلك البلدان.