المنبرالحر

عن فوضى الثارات وخطورتها / جمانة ممتاز

تلقى عمليات تهجير عوائل المنتمين الى داعش، ترحيباً من قبل بعض أهالي المدن المحررة، وأوساط شعبية ترى في هؤلاء خطراً على أمن مدنهم.
لم يمارس التنظيم الإرهابي جرائمه الشنيعة بحق الإفراد ممن صنفهم «خائن» او «مرتد» فحسب، بل وتمادى في الاعتداء على عائلاتهم.. هكذا كشف الإرهاب عن وجهه البشع، فكيف لمن يريد أن يحارب الإرهاب أن يسير على خطاه؟!
فقد جرى ترحيل عوائل المنتمين الى داعش في صلاح الدين والرمادي، وفي القيارة والشرقاط، ويجري ذلك الآن في الموصل بقرار اتخذه مجلس المحافظة، يقضي بعزل تلك العوائل في مخيمات خارج المدينة واعادة تأهيلهم.
لكن الموضوع لن ينتهي عند هذا الحد. فعملية طرد الابرياء من عوائل المنتمين الى داعش، ومعاقبتهم بجريرة احد ابناء الأسرة، هي عملية تجريم لهؤلاء الابرياء من ابناء تلك العوائل. وستكون لهذا العزل القسري بحقهم تداعياته، إذ أن مشاعر الضغينة التي يخلفها والرغبة في الانتقام قد تشكل جيلاً جديداً من حواضن الإرهاب مستقبلاً.
ومن ناحية إنسانية، فان أغلب أفراد عائلات المتورطين مع داعش هم من النساء والأطفال، فبأي حق يعزل طفل عن المجتمع دون ان يدرك الجرم الذي اقترفه ذووه، الذين ارتضوا لانفسهم أن يكونوا مع الإرهاب أو مناصرين له؟
ان رغبة أبناء المدن في الانتقام ممن انضموا الى تنظيم داعش أو ناصروه، وفي الثأر لضحاياهم، لن يزيد الوضع الأمني في تلك المدن إلا تعقيداً. وان هدر المزيد من الدماء لن يعيد الاستقرار الى مدن اصطبغت باللون الأحمر.
ان الايمان بالقانون لا غير هو ما يعيد الحياة الى المدن المحررة من ظلام داعش وظلمه. ووحدها عدالة القانون هي ما يجب الاحتكام اليه في الاقتصاص ممن تورطوا في الإرهاب وكانوا معه. القانون هو صوت العقلانية الذي سيغلق الباب بوجه الفوضى، ويقطع الطريق على أية جهة تريد استثمار مشاعر عوائل الضحايا في تنفيذ أجندات لصالحها.
إن الجهد المجتمعي يجب أن يأخذ دوره لتدارك الازمة قبل تفاقمها، وللتثقيف بنتائج عمليات الطرد أو الانتقام من الابرياء الذين ابتلوا بأبنائهم الدواعش، إذ «لا تزر وازرة وزر اخرى» كما يقول القرآن الكريم.
ان اهالي المناطق المحررة يعرفون قطعا من تورط مع الدواعش، ومن هم الأبرياء في عوائلهم. لذا تقع على عاتقهم مسؤولية إنصاف الابرياء وتقديم الشهادات في حق المجرمين، بالتعاون مع الاجهزة الامنية والقضاء. وان في ذلك ما سيحفظ دماء الابرياء، ويسهل دمجهم مع المجتمع، ويقتص من القتلة، كما يقلل من فرص الخلايا النائمة التي ما زالت تنتظر الوقت المناسب، للقيام بأعمال تخريبية اجرامية وإحداث فوضى مجتمعية.