المنبرالحر

قانون رفحا، أثار جدلاً كبيراً، لعدّة أسباب منها: أثقل ميزانية الدولة، ثانياً فيه نهب للمال العام / ماجدة الجبوري

قد يكون هناك ناس يستحقون وعانوا من النظام السابق، لكن هناك من عاش ملاحقا، ومن اعتقل، ومن عذّب ، وطورد لسنوات عديدة، لم ينل استحقاقه من الحكومة وقوانينها، و هناك أيتام وأرامل بالملايين يعيشون تحت خط الفقر..
لدّي أمثلة كثيرة منها :
أولاً اعرف أطفالا ولدوا في السجن، منهم عمر عادل وابنة خالته زينب..
عمر وزينب كانا يعيشان معي، ومع أخريات ، في نفس زنزانة سجن الرشاد في بغداد لسنوات، محرومين من طفولتهم، والعابهم، وحياتهم الطبيعية مع أقرانهم...
عمر حرم من والده الذي اعدمه النظام، وهو في بطن امه، ولد يتيماً..
زينب حرمت من حضن أمها جميلة محمد الشلال التي اعدمت مع اختها وصال واخيها ابراهيم، وزوج اختها....ثم غيّب النظام اختهم الثالثة... وعاشوا سنوات الحرمان والمطاردة مع من بقي من العائلة...
سقط النظام، وجاء قانون السجناء السياسيين ، من ضمن فقرات القانون شمول الاطفال الذين ولدوا في السجن براتب تقاعدي.
القانون شمل الاطفال في دول الجوار، ولم يشمل عمر وزينب لحد الآن، و إن شملهم فلن يحصلوا على مستحقاتهم بسبب ان خزينة الدولة الخاوية، عجباً..!
المثال الثاني أفراد عائلتي وما عانوه فترة نظام صدام الإجرامي، لم يبق أحد من أخوتي لم يتلق ترهيب النظام.!
أخي الأكبر أركان اختطفوه في ليلة في الثمانينات و ضربوه ضرباً مبرحاً، ثم وضعوه في كيس ورموه في نهر، لولا احد المارين، انقذه بإعجوبة بعد ابتعاد رجال الامن، وهو فاقد الوعي..
مردان ، هجموا على بيتنا، في الحلة، كسّروا باب البيت ، واعتقلوه اوسعوه ضرباً ثم اخرجوه بعد أيام...
أصلان خطفوه من الشارع وقيدوا يديه ورجليه، ثم بلّشوا حفلتهم في صحراء تقع بين الطليعة والديوانية، إسمها صحراء المالح، لا زلت اتذكر منظره وهو مضرجاً بدمائه، و عظم يده يتدلّى، فيه كسور مضاعفة..
كامل كان مطلوبا للأمن، اختفى سبع سنوات تحت الارض، ثم اعتقل عام ١٩٨٥ عذبّ بوحشيه وفقد صوته لمدة ستة اشهر في الامن العامة في بغداد، أشرف على تعذيبه المجرم علي حسن المجيد ابن عم صدام.
بعد معالجته ليس حباً فيه بل للحصول على اعترافات، حقن إبر تحت إذنيه، لا يعرف ماهي!
أدت الى فقدانه نظره تماماً.
حكم عليه بالإعدام، وعاش لأشهر في غرفة الاعدام، بعدها خفّض للسجن المؤبد، عاش ست سنوات في سجن أبي غريب، لازال ضريراً!
أنور اعتقل عام ١٩٧٨ لمدة شهر، خرج محني الظهر من التعذيب، ثم باشر دوامه في المدرسة حيث كان يعمل، وهناك في المدرسة كان رجال الأمن في إنتظاره، لولا ان مدير المدرسة كان صديقه، الذي انقذه من الاعتقال، بعث احد طلابه لينتظره في الطريق، ويخبره ان يرجع من حيث اتى.
اختفى اخي انور ، وبقي تسع سنوات يعيش تحت الارض، ذاق المر والعذاب والحرمان، وكل شهر تقريباً ينبش بيتنا من أزلام النظام بحثاً عنه.
حرم من ضوء الشمس، ورؤية الناس، والاستمتاع بالحياة مع زوجته و أولاده، وعائلته ومحبيه.!
ثم أعتقل في انتفاضة آذار بعد مشاركته، دفن في المقابر الجماعية مع اخي الاكبر أركان..
ما أريد قوله، منذ سنوات وأولاد أنور يحاولون ان يحصلوا على استحقاقه من الدولة، وبالذات من وزارة التربية، لمدة تسع سنوات ، ولم يتوصّلوا. لأن واسطتهم مو قوية..!
في حين التزوير والاحتيال منحَ أناس حقوق سجناء سياسيين، لم يدخلوا يوماً الاعتقال ولا بطّيخ!
و ناس حصلوا على حقوق من الفصل السياسي ، ولا عمرهم كانوا في يوماً ما سياسيين!!!
السؤال بماذا تعوّض عائلتي،؟والدتي التي ماتت كمداً وحزناً على اخوتي، والدي الذي عرفته وخبره الناس في قوّته وتحمله، إنكسر ظهره على اخوتي.
ملاحظة من يعرف تاريخ عائلتي يعلم جيداً كل حرف كتبته صحيحاً، وهناك أمور اخرى يطول شرحها لم اذكرها.
ــــــــــــــــــــــــ
الصورة لأخي انور من اليسار ورفيق دربه عطا عباس اثناء الاختفاء في الثمانينات