المنبرالحر

كوتا الصابئة المندائيين ...ولوثة سانت ليغو 1,9 / سعيد غازي الاميري

الدستور العراقي كتب بطرائق متقنة الالتواء ... فقراته ... براقة منبسطة العبارة... قابلة للتفسير بما يخدم الأطراف القابضة بتدوير أغراض بنوده وتوصياته بزاوية منفرجة تستكمل المائة وثمانين درجة بالتمام والكمال حين تحط ضرورتهم ...
بعد ان طرزوه بديباجة نالت رضى الكثير من الشعب...
بذات حسن النية وبأفراط أشد هلّلنا للدستور الجديد كونه قد رفعنا الى خانة التعريف الواضح بدرج جملة" الصابئة المندائيون" بدلا من المكونات الأخرى بدساتير العراق التي سبقت!
واضيفت له بعد جهد ومتابعة لتوكيد حضورنا ضمن باقة الورد العراقية كما يحلو للسياسيين أن يغردوا بها ... لذر الرماد بالعيون كما اتضح لاحقاً. بتخصيص مقعد نائب بالبرلمان ومثله ببعض المحافظات... وها نحن اليوم ندفع الثمن صاغرين بموقف لا يمت لقيَمِنا ولا لتعاليمنا بصلة؛ والتي توصي بالحق ونصرة الفقراء ...
هذا الدستور المكسو بالزهور والتي اتضح انها استوردت من أرض عالم الظلام منظرها بهيج ولكن رائحتها تضج بالعفن ...
حصادنا منه سلَب ... ومن ثم رَهن اسمنا بدوامة المحاصصة والطائفية " بلاء العراق المُستعِر " حين جَردت الطائفة عملياً من حقها باختيار نائبها وفق ضوابط التفسير المنطقي والصريح للدستور...
في الدورة الانتخابية الحالية وبغرابة " ديمقراطية" فريدة... خسرَ فيها أكثر من نائب مندائي المنافسة... رشحتهم الطائفة وفق سياق انتخابي تنافسي اصولي أجرته مؤسسات الطائفة... ليطل علينا نائب من سكنة بغداد اكتسح المنافسين جميعاً معززاً رصيده ببضع الآلاف من الأصوات لناخبين من احدى محافظات الوسط؛ ضخت بها احدى القوائم القابضة على حصة معتبرة من السلطة؛ متغافلة كون اعداد الصابئة المندائيين بهذه المحافظة وضواحيها لا يتجاوزون بضع مئات!!
باتفاق مكشوف ليس بحاجة الى دليل...
فرضوا علينا نائباً مندائياً لا يعيرْ، لا يسمع، ولا ينسق مع رئاسة الطائفة ومؤسساتها "منذ تسلمه المنصب ولحد اللحظة!!
هو كيان بذاته؛ يصول، يقرر، يهتف وينسق بالسر والعلن بما يطيب ويحلو لمن اتى به نائبا لنا ...
كل ذلك مرَّرَ وفق الدستور أعلاه... وبعد الاعتراض وطلب تعديل القانون في حماية مقعد الكوتا والذي به بيعت طائفتنا... وذلك بجعل الصابئة يقومون هم بالتصويت والترشيح من قبل مجلس عموم الطائفة حصراً... رَفض المطلب بتفسير يتطابق مع مصالحهم ... وفق التفسير الاتي... مادام المتقدم صابئي الجنسية فمن حقه الترشيح ومن حق أي عراقي التصويت له!!
ترى ماذا جنت طائفة الصابئة المندائيين؟
من نائب مسمى باسمها يغرد بوادٍ اخر بعيد عن هموم قومٍ هم أصل العراق... أضحوا خارجه بنسبة تقارب التسعين بالمائة ...اغلبهم هاجر العراق مرغماً بسبب أزمات الفساد والمحاصصة وما تبعها من تداعيات حقبة القابضون على الحكم والتي آلت بقائمة خسائر للعراق لا يحتملها عقل ولا منطق!!
كنا نمني النفس بنائب كُفء والطائفة زاخرة بهم؛ له القدرة والخبرة مستثمراً حضوره في اعلى مؤسسة تشريعية؛ لإدامة بريق طائفة عريقة قدمت بالملموس أروع المنجزات العلمية والأدبية والمهنية والاقتصادية وقبلها قوافل من الشهداء دفاعا عن ارض العراق وقيم العدالة والوطنية ...
اليوم يتصدر "المانشيت" العراقي نكوص تشريعي اخر وذلك بتصويت البرلمان على بعض فقرات قانون الانتخابات للمحافظات بعد ان دست في ثناياه "وفق ظاهرة الدس الجديدة " وهي السمة الأبرز لهذه الدورة البرلمانية بتحوير فقرة سانت ليغو الى 1,9 لتكرس بامتياز ابتلاع أصوات الناخبين عبر ثقب المحاصصة الاسود؛ ليجّهِزوا على ما تبقى من خيرات العراق ودماء شبابه.
وبمفارقة سياسية خالصة ... تيار سياسي ذو حضور مؤثر وكبير؛ يستفيد بشكل كبير من القانون المعدل يصرح بالرفض لهذا التعديل ويعّده التفافاً على الدستور وضد آمال التغيير المنشود والذي بات مطلباً لا مناص منه عبر السماح لأوسع طيف يساهم برسم سياسة العراق الجديدة وللحد من تكرار تلك الوجوه الفاشلة بالمجمل ... موقف فيه سندٌ واضح الى الأقليات ونحن منهم... بالمقابل يدس نفسه نائب كوتا المندائيين المسلوبة بوضح النهار ليقف صائحاً مع جوقة الكومبارس المصوتة على التعديل ... "ويبدو بانه لا يجيد غير هذا الدور فتاريخه المهني يُعرّف بذلك"
هنا تكمن الغرابة والتي تستحق الإشارة بان فقرة تعديل سانت ليغو قد تخطت عتبة التصويت بفارق صوت واحد لتصبح طائفتنا المسالمة والمناصرة للسلم والفقراء" بيضة القبان" لتغيّر المسار نحو التكريس الفعلي للمحاصصة والطائفية!!
تصويت نائبنا المزعوم يأتي لصالح الفرقة القابضة على مسالك الحكم بالضد من رغبة عموم الصابئة المندائيين المناصرة للأصوات العراقية الصادحة من كل أطياف الشعب العراقي... مطالبة بالإصلاح والبناء الحقيقي.
الصابئة المندائيون يطالبون بحقهم بنائب هم يرشحوه بدون مزايدة وفق تفسير منطقي عادل للدستور بالدورة الانتخابية القادمة.
الصابئة المندائيون يدينون من اختطف صوتهم البرلماني.