- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الإثنين, 28 آب/أغسطس 2017 09:10
لِثَـوْرَةِ الفِكْـرِ تَأْرِيـخٌ يُحَدِّثُنَـا بِأَنَّ أَلْفَ مَسِيـحٍ دُونـهَا صُلِبَـا
محمد مهدي الجواهري
ما هو الحق في حرية التعبير ؟
هو اطار من الحقوق يستخدمه الفرد او الجماعة وتتكون عبره امكانية بلورة افكار او معلومات متنوعة والتعبير عنها بشكل علني من خلال الكتابة او الموسيقى او الحديث او الرسم او التظاهر والاعتصام واي شكل اخر .
واساس ذلك ان الانسان مخلوق عقلاني قادر على التفكير والتعبير عن افكاره وقادر على كشف الحقيقة وايصالها الى الاخر ولا يمكن معرفة الحقيقة او كشفها ألا باتاحة المعلومات له بحرية كاملة .
المفهوم الفكري لحرية التعبير لستيوارت ميل
يحاول ستيوارت ميل بتركيز موضوعات يسلسلها كالتالي :-
- اذا اسكتنا رأيا فكأننا نسكت الحقيقة ،
- وان الرأي بافتراض انه خاطيء لا بد ان يكون فيه جزء من كشف الحقيقة
- لو كان الرأي الصحيح لا يؤخذ به ، سوف يكون بلا فعالية
لماذا تكون حرية التعبير ركن اساس في الديمقراطية
1- ان الشعب ما دام مصدر السلطات فهو ايضا له حق ابداء الرأي في كيفية تسيير الدولة او مرفق من مرافق الدولة ما بين عمليتي الاانتخابات ، حيث ابدى رايه في اختيار ممثليه عند الانتخابات .
2- ان حرية التعبير تهيء له حق المشاركة في متابعة تسيير الدولة وتنفيذ السياسات ومتابعة البرامج الحكومية .
3- حرية التعبير تعني افساح المجال للاعلام في كشف الحقائق او تقديم المعلومات التي تساهم في بلورة اتجاهات الرأي العام في قضية معينة او قضايا مختلفة .
4- تسمح للجمهور في الاعتراض على سياسة معينة او عدم تنفيذ منهاج او مواجهة اخطار غير
منظورة من قبل الحكومة وتقديم وجهات النظر عن هذه المخاطر ، الانية او المستقبلية .
5- تمكن الناس من معرفة ما يحيط بهم ، وما يجري في وطنهم والعالم .
6- تكون امكانية مناقشة ما يدور من تشريعات في البرلمان او اتخاذ القرارات او وضع السياسات لدى الحكومة .
7- سماع صوت الاقليات او المجموعات الضعيفة في المجتمع كذوي الاحتياجات الخاصة او كبار السن .
8- منع احتكار وسائل الاعلام وتكوين توجهات اعلامية متشابهة
كل ذلك يستلزم تداول وانسابية تدفق المعلومات وحرية نقاشها والحوار بشأنها .
لذلك كان الاهتمام بالحق في مماسة حرية التعبير قد تم النص عليها في المواثيق الدولية
أ- الاعلان العالمي لحقوق الانسان في المادة 19
المادة 19.
لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود.
ب - العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 الذي وقع عليه العراق سنة 1971
المادة 19
أ- 1. لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.
2. لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
3. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:
(أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم،
(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
تقييد حرية التعبير
لقد اوردت المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية حق وضع قيود على حق حرية التعبير في حالات معينة وهي
• حماية الامن الوطني في حالة تعرضه للخطر
• النظام العام
• الصحة
• احترام سمعة الاخرين وخصوصياتهم
لكن القانون الدولي يعتبر ان القاعدة هي حماية ممارسة الحق في حرية التعبير والاستثناء هو التقييد ولا بد من وجود شروط لهذا التقييد وهي :-
1- وجود نص في القانون للتقييد ، لكي يعرف الناس ما هو المسموح اوالمحرم
2- وجود غاية مشروعة ومبررة للتقييد
3- وجود ضرورة للقييد
من اجل تلافي السماح للادارات الحكومية عند تطبيق القوانين من التأويل او تحكيم المزاج للموظف وتكون تفسيرات متنوعة يجب ان تكون القوانين عند تشريعها واضحة للإدارات او الجمهور بعيدا عن :-
المزاج
النأويل
التفسير الاداري
المشروع الحالي لقانون لقانون حرية التعبير عن الراي والملاحظات حوله
ابتداءا لا بد لنا ان نقول ان مشروع القانون قد تم تصميمه في اجواء التظاهرات المتصاعدة سنة 2013 اي في مناخ الازمة الاحتجاجية نتيجة انعدام الخدمات والدعوة لالغاء التقاعد الخاص بالبرلمانيين ، ويبدو انه لم يكن في نية الحكومة تقديم مشروع قانون يحمي الحق بل ارادت حماية نفسها من الاحتجاج على عدم تقديمها ما يتوجب عليها من واجبات خدمية , او عدالة اجتماعية في الامتيازات للادارات العليا في الدولة والمسؤولين الكبار .
لذلك جاء محاولا تقليص ممارسة الحق خلافا لاصل الحق وتنظيم ممارسته
في مواد عديدة منها
اولا :- عند قراءة الفصل الاول المادة 1 فقرة اولا بخصوص التعاريف والاهداف نجد النص يصر على تقليص حق حرية التعبير والتظاهر او التجمع على العراقي فقط بعنوان ( المواطن ) اي ان العمال الاجانب لا يحق لهم حسب مشروع القانون ممارسة حق حرية التعبير ، لذلك نحن ندعو ان يكون حق للانسان ( الشخص )
ثانيا :- في نفس المادة 1 فقرة خامسا يعرف ( التظاهر السلمي : تجمع عدد محدود من المواطنين للتعبير عن آرائهم او المطالبة بحقوقهم التي كفلها ( القانون ) لكننا نقول ان الدستور كفل للعراقيين حقوقا اراد المشروع ان يحدد التظاهر استعمال حق التظاهر السلمي بعيدا عن المطالبة بالحقوق الدستورية مع ان الدستور هو القانون الاعلى .
كذلك نجد نفس النص في المادة 10 التي تصر على عبارة ( كفلها القانون )
ثالثا :- تنص المادة 4 من المشروع على ( يكفل هذا القانون حرية البحث العلمي من خلال اجراء التجارب العلمية واستخدام الوسائل والشروط الضرورية للبحث ...... كما يكفل النشر الحر لنتاجات الانشطة العملية )
لكنا نتسائل اين حرية البحوث في مجالات الفكر والعلوم الانسانية وعلوم الاجتماع ..وغيرها ؟
رابعا :- تنص المادة 5 فقرة ثانيا على ( الطعن في الاديان والمذاهب والطوائف والمعتقدات والانتقاص من شأنها او من شأن معتنقيها ) .
ان هذا التعبير ( الطعن والانتقاص )بالاديان حسب اعتقدنا يعتبر غامضا وقد تكون اي مناقشة او مقالة او بحث تعني وتفسر ( الطعن والانتقاص ).
خامسا :- تنص المادة 7 من المشروع على شروط للقيام بالاجتماعات العامة او التظاهر
- الحصول على الاذن المسبق
- الفترة قبل 5 ايام
- اسماء اعضاء اللجنة المنظمة
اما دام المعيار العالمي يشترط تقديم طلب للابلاغ ، لذلك ما زالت الاعتراضات على هذه المادة متواصلا منذ احالة المشروع الى البرلمان .
إننا ندعو ونصر على ان يكون تقديم الطلب على اساس الاخطار والتبليغ للسطات الادارية وليس اخذ اذن او تصريح . فإن استحصال الموافقة او الاذن ينفي ممارسة الحق بحرية وتكون ممارسة الحق يتم التحكم بها من الادرارات الحكومية خلاف اصل الحق باعتباره انه للجمهور ذاته
سادسا :- اما المادة 8 تنص فقرة ثانيا على ( لا يجوز عقد اجتماع في الطرق العامة )
ثالثا ( لا يجوز ان يمتد الاجتماع العام لما بعد الساعة العاشرة ليلا )
اما في المادة 10 ثانيا فقد نصت (لا يجوز تنظيم التظاهرات قبل الساعة السابعة صباحا) .
بمعنى تحكم الادارة بالتوقيت الذي تطلبه اللجنة ، ومنعها التظاهر بعد العاشرة ليلا وقبل السابعة صباحا.
سابعا :- المادة 13 التي تضم 6 فقرات جاءت لحماية الطقوس والافكار الدينية دون الئظر الى الحق الاصلي وهو حق حرية التعبير والتظاهر السلمي واالذي يفترض ان مشروع القانون يشرع ليحمي ممارسته
لذلك نجد سلسلة العقوبات بالحبس او الغرامات على كل من
( اعتدى بطرق العلانية على معتقد لاحدى الطوائف الدينية ) ( تعمد التشويش على اقامة شعائر او شوه دينية ) ( خرب او اتلف او شوه او دنس بناءا معدا لاقامة شعائر دينية ، او رمزا او شيئا اخر له حرمة دينية ) ( اهان علنا نسكا او رمزا او شخصا موضع تقديس وتمجيد او احترام لدى طائفة دينية )
ثامنا :- اضيفت للمشروع خلال هذه السنة نصوص لم تكن سابقا محالة الى البرلمان من الحكومة
( لرئيس مجلس الوزراء ولمقتضيات المصلحة العامة او الامن القومي منع اي اجتماع عامم او تظاهرة سلمية وان كان بها اخطار مسبق )
تاسعا :- نصت المادة 14 ( يطبق قانون العقوبات رقم 111لسنة 1969 في ما لم يرد فيه نص خاص في هذا القانون ) .
عاشرا :- ان حق الاعتصام شكل من اشكال حرية التعبير المنصوص عليها في المواثيق الدولية لكن المشروع قد اهمل ذكر هذا الحق فيه
لذلك ان هذه النقاط قد تم الاعتراض عليها ونقاط اخرى ، وما زال اعتقاد الكثير من الناشطين والمتخصصين في حقوق الانسان يعتقدون ان هذا المشروع قد قيد وقلص احترام ممارسة الحق على حساب التخوفات الحكومية من التظاهرات وابداء حرية الرأي كما ضمنتها الوثائق الدولية والدستور بحد ذاته .
ان هذه النصوص مخالفة التي تقيد احترام الحق وتقيد ممارسته مخالفة للدستور خاصة المادة 38 بالذات منه .
من كل ذلك نستنتج ان المشروع محاولة لتقليص استعمال وممارسة حق التعبير بكل اشكاله المعترف بها .