المنبرالحر

قانون الانتخابات.. الاداة التي يستخدمها الشعب لاختيار ممثليه / عادل اللامي

لكي تتخذ الديمقراطية شكلها المثالي فلابد من تحقيق آليات تنفيذها بشكل يتفق مع متطلبات الواقع الاجتماعي، فمسألة الديمقراطية المباشرة التي تعني حكم الشعب لنفسه بطريقة مباشرة يمكن تنفيذها في المجتمعات الصغيرة التي لا يتجاوز فيها عدد المواطنين المؤهلين اكثر من الحد الذي يسمح بمعرفة رغباتهم الشخصية وتطلعاتهم وأرائهم وهم مجتمعين في مكان واحد ويسمع بعضهم الاخر .
كأن يجتمعون في ملعب يتسع لألفي مواطن/ ولكي يقرروا ويتفقوا على حل لمسألة معينة او لتشريع قانون معين او لاتخاذ قرار معين يخص مجتمعهم الصغير، وحتى قواعد هذه العملية توضع بالاتفاق بينهم فيستفتى رأي أبناء الشعب المؤهلين مباشرة في شأن المسألة المعروضة ، وايضاً فأن الشعب قد قرر مسبقاً القواعد والطريقة الواجب اتباعها في التصويت فلكل نوع من المسائل المطروحة اغلبية معينة من التصويت فمثلاً قرار الحرب يستدعي موافقة 3/4 اصوات المواطنين المؤهلين وقرار المصادقة على اعدام قاتل 2/3 المواطنين المؤهلين وقرار من نوع اخر يستدعي تصويت الاغلبية المطلقة او الاغلبية البسيطة وهكذا. هذه هي الديمقراطية المباشرة كما هو معلوم. والمبدأ المستنبط من هذه العملية ان الشعب يقرر بالاغلبية من اصوات المواطنين المؤهلين وعلى الاقلية من المواطنين المؤهلين ان ينصاعوا لحكم او قرار الاغلبية شريطة عدم التعسف بقرار او حكم الاغلبية وإلا ادى الى انفصال الاقلية المعارضة من ابناء الشعب والذي قد يؤدي الى تكوين دويلتين او مجتمعين مستقلين او قد يؤدي الى الصدام والاقتتال. وهذا ما يدفع الى اتخاذ قرارات تتصف بالحكمة والعقلانية.
الآن في ظل المجتمعات المليونية والمليارية السكان لايمكن تطبيق الديمقراطية المباشرة فاستعيض عنها بالديمقراطية التمثيلية او النيابية والتي تعني ان الشعب ينتخب من يمثله في مجلس اصطلح على تسميته الجمعية الوطنية او مجلس نواب الشعب اوممثلي الشعب او مجلس العموم وغيرها من المسميات التي بالنتيجة تعني ان هذا المجلس يمثل ابناء الدولة سكانياً وجغرافيا لكي يقوم هذا المجلس بسن التشريعات واتخاذ القرارات لتسيير امور الدولة نيابة عن الشعب ولكن ما هي الشروط التي يجب ان تتوفر في المرشح ليكون نائباً وممثلاً لمجموعة المواطنين الذين يمثلهم في المجلي النيابي ؟ فاضافةً الى شروط الاهلية هناك شرط مهم، هو ان يحصل على تأييد الاغلبية في الدائرة التي يرشح فيها فاذا كانت الدائرة الانتخابية تمثل مقعداً واحداً في المجلس النيابي فيجب ان يحصل على 50% + 1 على الاقل ليفوز بمقعده التمثيلي واذا كانت الدائرة تمثل عدداً معيناً من المقاعد فيجب الحصول على القاسم الانتخابي ليفوز بمقعده (القاسم الانتخابي هو عدد الاصوات الصحيحة للناخبين مقسم على عدد المقاعد) وايضاً هنا قد يسأل سائل، لماذا يجب الحصول على هذه النسب من الاصوات لكي يفوز المرشح بمقعده؟
والجواب ايضا بسهولة هو لكي يكون النائب حاصلاً على الدعم والقوة الشعبية والمشروعية التي تؤهله للتحدث او اتخاذ القرارات او التصويت عليها نيابة عن ناخبيه والشعب الذي يمثله ولا يلام عن افعاله إلا اذا كانت على شكل تصرفات شخصية يحاسب عليها القانون.
إلا انه يمكن للديمقراطية المباشرة ان تُطبّق وتُنفذ في الدول المليونية في اضيق نطاق وفي حالات محددة وتكون عملية تنفيذها مكلفة مادياً ومع هذا يجب ان تطبق وتنفذ في مثل هذه الحالات، وتسمى هذه العملية بالإستفتاء، ومن هذه الحالات الإستفتاء على الدستور وتعديلاته او الإستفتاء على قرار يمس وضع الدولة في حالات انفصال جزء من اراضيها ليستقل بنفسه كدولة جديدة او لينضم الى دولة اخرى او الاستفتاء على اندماج دولتين في دولة واحدة او لتكوين اقليم جديد داخل الدولة او الاستفتاء لتشريع قانون يتعلق بطريقة ادارة عملية الانابة الشعبية لممثلي الشعب او الحاكمين مثل قانون الانتخابات او الاستفتاء على قانون يحدد من يحق له ممارسة العمل السياسي وتكوين الجماعات السياسية وشروطها كقانون الاحزاب، كذلك يحصل الاستفتاء على تشريع قانون لتغيير هوية الدولة اذا لم تحدد في الدستور سواء كانت هوية اقتصادية ام سياسية مثل الرغبة في ان تتحول الدولة من الاقتصاد الليبرالي الى الاشتراكي او العكس.
والسؤال، لماذا هذه الامور ينبغي فيها للشعب ان يقررها مباشرة وليس من خلال ممثليه؟ الجواب وبكل بساطة لكي لا ننتج حاكماً او مجموعة اشخاص او حزباً او مجموعة احزاب تستأثر وحدها بمقاليد امور الدولة وامتيازاتها ونصبح اما حالة من حالات الدكتاتورية وتكريس السلطات وتهميش فئات الشعب الاخرى او الجماعات السياسية الاخرى. ما اريد ان اورده في هذا المقال: ان صوت الشعب وارادته هي التي يجب ان تُغَلّب على ارادة اقلية لاتمثله بشكل حقيقي في تشريع قوانين استراتيجية مثل قانون الانتخابات او قانون الاحزاب ولكون الدستور قد سكت عن التطرق لشكل النظام الانتخابي للدولة فيجب ان يتم الاستفتاء عليه لكي يكتسب شرعيته لان (قانون الانتخابات هو الاداة التي يستخدمها الشعب لاختيار ممثليه وليس الاداة التي يستخدمها ممثلوه لاعادة اختيار أنفسهم) خصوصاً ان اكثر من 90% من ممثلي الشعب (اعضاء مجلس النواب العراقي) لم يحصلوا على النسبة الكافية لاصوات الاغلبية في دوائرهم الانتخابية بل هم فازوا باصوات الخاسرين واصوات قادة قوائمهم. وهم يحاولون تكرار نفس الشيء الآن بل ولمصلحتهم أكثر من السابق.