المنبرالحر

تأثير ثورة أكتوبر في الأعمال الأدبية العالمية ... أعمال القاضي نذر الإسلام النثرية إنموذجا / نياز زمان *.. ترجمة: جودت جالي

في اليوم الخامس والعشرين من تشرين الأول سنة 1917 قاد البلاشفة إنتفاضة مسلحة في بتروغراد، وقد وصلت أخبارها الهند فيما كان نذر الإسلام (1899-1976) يؤدي خدمته العسكرية في وحدته البنغالية في كراتشي. أقام إحتفالا أحياه بالغناء لرفاقه وقرأ لهم عن تحرر الروس من حكم القيصر. لقد ألهمت ثورة أكتوبر القاضي نذر الإسلام في شعره ونثره (القاضي لقب عائلي. ولد لعائلة دينية ودرس في مدرسة دينية بقصد أن يصبح مؤذنا في جامع ولكنه مال الى الموسيقى والأدب ودفعته الحاجة الى توفير المعاش لأهله الى التطوع في الجيش وقد شارك مع الجيش البريطاني في حملة بلاد الرافدين وضم ديوانه الأول قصيدة شط العرب)، وكانت قصائده عن المساواة في ديوانه الأول تستلهم مُثُل الثورة البلشفية، كما ترجم النشيد الشيوعي.
لكن تأثير ثورة أكتوبر المبكر على نذر الإسلام كان في مجال النثر، ففي قصة (هدية الحزن) يسافر دارا و(سيف الملك) من بلوشستان الى القوقاز للإلتحاق بالجيش الأحمر. كانت الكتابة عن جنود هنود يفرون من وحدتهم ويلتحقون بالجيش الأحمر عملا خطرا، وقد خشي (مظفر أحمد) المحرر المساعد في جريدة (بنجيا مسلمان) التي أرسل اليها نذر الإسلام القصة من عواقب نشرها ولكنه مع ذلك نشرها واضعا عبارة جيش الحرية بدلا من الجيش الأحمر، وبعد بضع سنوات أصبح مظفر هذا أحد الأعضاء المؤسسين للحزب الشيوعي الهندي. كانت كلمات دارا واضحة حين قال أن ثورة كالثورة البلشفية هي التي يمكنها أن تجلب الحرية للمستضعفين في العالم.

عاد نذر الإسلام الى البنغال بعد تسريحه وبعد فترة قصيرة ذهب الى كلكتا ليعمل أولا مع مظفر في مكتب الجريدة (لانغول) كما عملا سويا أيضا في تأسيس جريدة أخرى هي (نبجك). في العام 1924 عقد مؤتمر عموم فلاحي البنغال وكانت الإفتتاحية قصيدة نذر الإسلام (أنشودة العمال). أخذ نذر الإسلام ينشط في العمل السياسي بدءا من العام 1925 وكان أحد مؤسسي المؤتمر الوطني الهندي. ربما كانت قصيدة (المحراث) هي القصيدة البنغالية الأولى التي تتحدث عن فكرة المساواة الشيوعية. كذلك نص بيان تأسيس المؤتمر الوطني الهندي الذي نشرته الجريدة على الحاجة الى تنظيم العمال وتبصيرهم بحقوقهم لإنتزاع الإستقلال من الحكام الإنكليز، وفي السنة التالية حلت جريدة غونو - باني (رسالة الشعب) محل جريدة لانغول.
إنعكست إهتمامات نذر الإسلام السياسية في ثلاث روايات، طبعت في السنوات1927 و1930 و1931 (عناوين الروايات مكتوبة في المصدر بالبنغالية - م)، في كل منها شخصية مركزية متمردة، ضمت الأولى تفاصيل من حياة الكاتب كجندي في كراتشي متمثلة بشخصية الجندي نورو الذي يرفض الخضوع للقوانين العسكرية وغالبا ما يوضع في السجن، فيما صورت الرواية الثانية شخصية البلشفي (أنصار) المختلفة عن شخصية الفتاة (ميجو بو) الساعية للتخلص من حياة الفقر بإعتناق المسيحية فيما يقدم هو حلا آخر يتمثل بالشيوعية. غير أن (أنصار) فشل في إقناع الآخرين بأفكاره بخلاف ميجو بو التي نجحت على الأقل في تأسيس مدرسة لتعليم أطفال الفقراء. يموت أخيرا بمرض السل وعزاؤه الوحيد حبه للفتاة التي أحبها طوال حياته ولكنه أصابها بعدوى المرض، وفي الرواية الثالثة تكون الشخصية الرئيسة ثورية مسلحة ذات ميول إشتراكية على خلفية الحركة المعادية للبريطانيين. يرفض الثوريون الهندوس ضم المسلمين الى حركتهم غير أن قائدهم يوضح لهم ضرورة أن يكون المسلمون ضمن الحركة وسيكون هذا هو الضمانة للإنتصار وفي الوقت نفسه على المسلمين التخلص من تبعيتهم لقوى من خارج الهند وأن يعتمدوا على حبهم لوطنهم الأم.
إن روايات نذر الإسلام في تصويرها التحول من التمرد الى الثورة تدعو الى تصفية كل اشكال القمع والتمييز. التدمير الذي يدعو اليه في قصيدته الشهيرة (التمرد) القصد منه خلق عالم جديد على أنقاض العالم القديم.
ـــــــــــــــــــــــــــ
* جريدة ديلي ستار البنغالية التقدمية