المنبرالحر

حق الحلم - بالدوله الكرديه- كما قال مام جلال الطالبانى / على عجيل منهل

من المعلوم ان حدود سايكس بيكو لم تضع كردستان العراق ضمن العراق، بل وضعته ضمن الحدود السورية الخاضعة للنفوذ الفرنسي، قبل أن تتبدل هذه الخطوط وفق اتفاقية سان ريمو، وتقام حكومات الانتداب البريطاني والفرنسي وفق الحدود الحالية، أي أنه ببساطة لو بقيت حدود سايكس بيكو الأصلية، لما سمعنا شعار العراق الموحد من زاخو حتى البصرة، بان اربيل و دهوك -- جزء مقدس من الوطن السوري، ولن نسمح بتقسيم سوريا الموحدة من زاخو حتى درعا.
ثم متى كان كرد العراق مثلا مكونا منسجما في الدولة المركزية العراقية؟ هل عام 1970 عندما منحهم صدام حسين نفسه، حكما ذاتيا؟ أم في أحداث الأنفال وحلبجة؟ أم خلال تمرد عام 1991؟ أم حين خرجت كردستان عن سلطة بغداد، منذ 1991 حتى يومنا هذا؟ -
نفذ كرد العراق -«استفتاءهم»- الأول بمعزل عن سلطة بغداد عام 1992 عندما اختاروا في انتخابات «مجلساً وطنياً»، وبالتالي حكومة عملت تحت ظل حماية دولية وفرها مجلس الأمن والولايات المتحدة.
لم تعترف بغداد بذلك الاستفتاء، لكن الكرد كانوا قد رسموا للمرة الأولى ملامح خريطة، بحدود وسلطة مستقلة و-علاقات دولية. رفعوا علمهم على بناية مجلس منتخب وبدأت أدبياتهم تتحدث عن الدولة وخياراتها المستقبلية، وحينذاك كانت بغداد معزولة عن العالم، وبعيدة من تركيا وإيران، اللتين قررتا كخيار استراتيجي مد الأذرع إلى هذا الكيان المولود على الحدود والحرص على أن لا يكبر فيلتهمها.
لم تنجح مظلة مجلس الأمن في حماية تلك التجربة من الصراعات الكردية الطاحنة، كما لم تحمها من دبابات الجيش العراقي ومن انقسام وتقسيم النفوذ.
الواقع أن لائحة الأسباب التي قادت إلى استفتاء 25 أيلول - الماضي طويلة ومعقدة ويتداخل فيها العاطفي بالواقعي، والمصالح بالمطامح، والتهور بالعقلانية.
أسست العملية السياسية في العراق عام 2003 بعقد سياسي، وليس اجتماعياً، سمّي «التحالف الشيعي– الكردي»، ثم أعلنت العملية السياسية فشلها بعد سنوات من تقاسم غير نزيه للمكاسب والمصالح والنفوذ، وقادت إلى ولادة- -«داعش» عام 2014.
لم يُعترف بهذا الفشل ولا بأسباب غرق المركب بالعراقيين عام 2014، ولم يمتلك المتحالفون شجاعة المصارحة العميقة لتحصين البلاد وسكانها عبر عقد اجتماعي جديد، ودستور عادل، وحكم رشيد، بعد نجاحهم بدعم أميركي بدحر «داعش» وإلغاء حدود خريطته.
على وقع أغاني النصر وحماسة احتفالات المنتصرين، قفز السياسيون الشيعة سريعاً إلى المطالبة بـ «حكم الغالبية» تحت شعار «الوفاء لشهداء الحشد الشعبي»، فقفز السياسيون الكرد الى الاستفتاء على الانفصال تحت شعار «الوفاء لشهداء البيشمركة».
وفوراً وجد حكام بغداد أنفسهم يقفون في المكان نفسه الذي وقف فيه صدام حسين يراقب الأكراد يجرون استفتاءهم عام 1992، فاختارت ألاّ تعترف به، وفي الوقت نفسه العمل السريع على استثماره لفك الارتباط بإقليم كردستان والتخلص من كل تبعاته السياسية والاقتصادية عبر إجراءات عُرّفت بأنها «إعادة ارتباط».
-ان الأكراد أنفسهم حصلوا على اعتراف دولي بحقهم في إقامة دولتهم، في معاهدة سيفر 1920، قبل أن يتمكن الاتراك من إقناع الكرد بالتنازل على مطالبهم ضمن دولة تركية للأمتين الكردية والتركية، بوجه الاستعمار البريطاني، الذي كان يحتل كردستان، كما جاء في مناقشات البرلمان التركي حينها. وهكذا فضل الكرد والمحافظون الاسلاميون منهم تحديدا، البقاء مع «اخوتهم الترك» على إرث الخلافة العثمانية بدلا من الخضوع للبريطانيين، قبل ان يتجاهلهم الغرب بعدها مباشرة، بعدما فرض القوميون الاتراك حدود بلادهم التي تشمل الاناضول موحدة بقوة السلاح.
ومع بزوغ الحركة القومية بقيادة اتاتورك، الذي رأى وجوب تتريك البلاد، حصل الصدام وأعدم الشيخ بيران قائد الثورة الكردية، وكان الاتراك قد نجحوا حينها في إجبار الاوروبيين على تغيبر مخططاتهم، بسبب قدرتهم على مواجهتها بالحرب، فنجحوا في اجبار الغرب على الاعتراف بحدود تركيا الحالية بمعاهدة لوزان، بينما فشل العرب في المواجهة العسكرية ورضخوا للحدود كما رسمت لهم تماما، وقسمتهم لدول غير منسجمة داخليا، وتشمل مكونات متناقضة عرقيا وطائفيا، ولا تحمل أي شعور تاريخي مشترك، أو هوية وطنية تتجاوز الشعارات، لتبقى كيانات عاجزة هشة غير مستقرة دائمة الاقتتال الداخلي، ودائمة التقديس في الوقت نفسه لهذه الحدود التي وضعها الاستعمار الذي يشتمونه ليل نهار
.-
الاستفتاء
- أربيل عليها ان تنتظر- متغيرات درامية في الشرق الأوسط كتفكك تركيا وإيران، أو تصدع جديد في العراق على غراراقليم سنى --، وهذا أمر من باب المفارقة سيكون أسهل من تمرير دولة كردستان، وهو من باب الحلم كما قال مرة المرحوم مام جلال - فيما ستنتظر بغداد تفكك البيئة التي انتجت الاستفتاء داخل إقليم كردستان،-
أغلب الظن أن وساطات ستنجح في إعادة الوضع العراقي إلى مسار مرحلة ما قبل الاستفتاء -، كما أن الدول التي تقع على خط الانفجار القومى -- الديموغرافي - ستجد نفسها مضطرة إلى استدعاء «حلف بغداد» من دفاتر التاريخ لتأسيس خريطة جيوسياسية قادرة على مقاومة التصدع.
في المحصلة الاخيره ---وهذا حل - مجرّب يحمي الطبقة السياسية وما تمثله من تهمة التورط بتقسيم البلاد،
-انتهى الإستفتاء في كردستان بنجاح و لم تكن نتائجه مفاجئة، فمعروف طموح الشعب الكردي العادل بتكوين دولته بعد ان قدّم طيلة عقود انواع التضحيات جنباً الى جنب مع ابناء الأقليات القومية و الدينية في كردستان العراق من اجل الحرية و الديمقراطية، و ناضل مع شقيقه العربي من اجل الديمقراطية لعموم العراق و بلور معه صيغة الهدف الجامع (على صخرة الأخوة العربية الكردية تتحطم المؤامرات) -
- في وقت لعبت فيه السلطات العراقية المتعاقبة ادواراً قومية شوفينية وصلت حد التهجير و القتل الجماعي و محاولات الإبادة ضد الشعب الكردي، كما حصل باستخدام السلاح الكيمياوي في نكبة حلبجة و عمليات الأنفال سيئة الصيت. و لعبت بسياساتها الخرقاء تلك و بحروبها و اعلامها في تشكيل الفكر و الخوف و الحذر في الجانب الكردستاني، و تشكيل الغرور القومي و الاعتقاد بين عرب العراق و كأن العراق مُلك للعرب العراقيين فقط، و قد لعبت فيها سياسات التعريب ادواراً كبيرة.- فى هذا المجال - فيما سيستمر أطفال كردستان برسم خريطتهم لبناء الدوله القادمة-