المنبرالحر

قضايا مشتركة أمام الشبيبة العراقية .. القسم الأول.. / د. علي الخالدي

بعد ثورة تموز المجيدة إتسمت مهمة الشباب بالدفاع عن الجمهورية الفتية وصيانة مكتسباتها أمام محاولات وخطط الرجعية العربية ودوائر الشركات النفطية العاملة في العراق ، التي أفزعها إسترجاع الثورة ، لما إغتصبته تلك الشركات من ثرواتنا النفطية ، والضربات الموجعة التي وجهتها الثورة ضد مصالحها اﻷقتصادية والسياسية في المنطقة ، فبدأت و بصورة خاصة البريطانية منها ، تحيك المؤمرات وتدبر الدسائس للإطاحة ، بثورة الفقراء ، بالتنسيق مع اﻹستخبارات اﻷمريكية ( السي آي أي ) ، وبالتحالف مع القوى الرجعية واﻷسلامية واﻹقطاع ، الذي ضُربت مصالحه بقانون اﻹصلاح الزراغي ، مشكلين حلفا معاديا للثورة وإنجازاتها الوطنية ، وبالتالي إجهاضها ، بإنقلاب عسكري ، كانت أداة تنفيذه حزب البعث الفاشي ، الذي جيء به ، بقطار أمريكي ، على حد قول أحد زعمائه ( على صالح السعدي )، متغطيا بشعارات التجييش القومي ،التي لم تنطل على جماهير واسعة من شعبنا ولم تستطع تخديره وإثارة عاطفته في حينه ، فخاضت شرائحه الوطنية ، و طليعتها، الشبيبة ، قتال شوارع ضد اﻹنقلاب الدموي ، دفاعا عن الجمهورية.
لقد صب البعث الفاشي جام غضبه على قادة ثورة تموز الباسلة والقوى الوطنية ، كاشفا عن خبرته وحقده للمصالح الوطنية التي تدرب عليها في دهاليز المخابرات اﻷمريكية ، في كيفية شحن الناس بالشعور القومي وتحرير فلسطين ، التي إعتبرها الحلقة المركزية في سياسته ، والتي كانت وراء خيباته اللاحقة في دعم النضال الوطني الفلسطيني ، وفشله في إقتلاع جذور القوى الوطنية الراسخة في أعماق تربة أرض الرافدين ، وباءت بالفشل حربه الشعواء على كل من طرح العقلانية والمشاريع الواقعية ، في تحقيق الوهم البعثي بإمكانية تحقيق الوحدة العربية الفورية عبر القفز على الطريق الديمقراطي والمصالح الوطنية.
لقد سجل رعيل الشباب في تلك أﻷزمنة تجارب رائدة في كيفية خوض نضال الشبيبة من أجل تحقيق مصالحهم ، فوضع أمام الشبيبة حاليا ، سجلا حافلا بالتجارب والمحن التي صقلت الحركة الشبابية ووضعتها دائما وأبدا في صف القوى الوطنية ، محولة إياها الى معين لا ينضب ، يمد تلك القوى بالكوادر ذات الخبرة النضالية والعلمية ، ولاصقا إياها بوشائج لا تنفصم عن عموم البعد الوطني لمراحل التطور والتقدم للبلاد ، هذا التراث الذي ورثته شبيبة العراق ، في ظروف تحرك جديدة تولدت بعد سقوط الصنم ، فيما لو إستغلت بروح نية العمل الجمعي الوطني للشباب ، تكون قادرة على التصدي لكل من يعمل على إعادة عجلة تقدم العراق الى الوراء والتفرد بالحكم ، وضياع كل القيم والأماني التي تولدت لدى جماهير شعبنا بعد سقوط الصنم ، والتي كانت وراء فرحة لا توصف ، عُبر عنها بخروج الناس ، وسط سعير اﻹرهاب والتفجيرات لتصوت على الدستور الذي كتب على عجل ، ولتخوض اﻹنتخابات بمساهمة جماهيرية ، أثارت إستغراب ودهشة مراقبي الوضع العراقي بعد السقوط . بكونها تعبيرا عن عشق العراقيين للديمقراطية ، وعن مقدار تمسكهم بعجلة التقدم والرقي التي حُرموا منها لعقود ، تحت سيطرة حكم اﻷنظمة الرجعية والدكتاتورية المقبورة ، صنيعة العامل الخارجي.
حاليا تقع بين ايدي الشباب ، خبرة عقود من النضال الوطني ، تشكل خارطة طريق لمواصلة مسيرة أسلافهم ، وإنتزاع حقوقهم بالضغط المتواصل على أصحاب القرار ، و تحقيق مطاليبهم المشروعة لمستقبل آمن ، يتمتع به عموم الشعب بكافة المردودات اﻷيجابية ، التي كان تتطلع اليها جماهير شعبنا من وراء التغيير ، وخصوصا بعد إقرار الدستور الذي فتحت، بعض مواده آفاقا واسعة لممارسة إستحقاقاتهم الوطنية ، بإتباع كافة الوسائل المتاحة التي أتاح الدستور ممارستها ، والضغط على ذوي الشأن ، بضرورة ، تنقية ( الدستور ) من الشوائب ، والقنابل الموقوتة ، لتُفتح بشكل أوسع أبواب ممارسة الديمقراطية السياسية واﻹجتماعية ، على طريق اﻹصلاح والتنمية اﻹقتصادية والبشرية، ولتكون مواده السند الذي يقف عليها تحرك الجماهير وشبيبتها ، في التصدي للتفرد بالحكم ، وخرق ما نص عليه من مواد تصون التظاهر السلم ، بتجييش المظلومية الطائفية من قبل ضفتي المتصارعين ، والتي ستعمل على تسعير الخلافات سياسيا ، التي بدورها ستؤدي الى طمس التقاليد الوطنية العراقية في التعامل بين القوى ، وتمييع العلاقات الوثيقة بين واجبات وحقوق الشبيبة الوطنية ، ، وإبقائها رهينة مطرقة الطائفة ، و ما تقدمه من دعم مادي يغري الشباب باﻷنتماء لميليشاتها مستغلة البطالة والفقر المدقع بين صفوفها ، وسندانة نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية ، التي كانت وراء ، نهب المال العام ، والمحسوبية ، وإتساع رقعة الفساد اﻹداري واﻷمني ، وتجيير مردودات التغيير لصالح أحزاب متبنيها ، مما أضاع مطاليب الناس في دهاليز التجييش الطائفي.
لقد تيقنت جماهير شعبنا الفقيرة ، وخصوصا الشباب منهم ، أن المسؤولين ، غير جادين ، في إزالة خطر المضي قدما بالمنحدر الخطير الذي صنعه نهجهم الطائفي ، وهم عازمون على مواصلته ، عبر تسلكات إلتوائية ﻹقرار قانون إنتخابات مفصل على مقاساتهم ، ليواصلوا به مسببات أستمرار الفوضى اﻷمنية والسياسية في البلاد ، إستجابة ﻷجندات الدول الطامعة بخيرات بلادنا القريبة والبعيدة . مما يضع الشبيبة العر اقية أمام مسؤولية العمل على إيقاف ذلك ، بتصعيد وتيرة التصدي لتلك النوايا ، وإلحاق الهزيمة بما يخطط له من تفصيل قانون إنتخابات جائر ، وبالتالي العمل على كل ما من شأنه ، شحذ الهمم وتطوير وسائل دعوة كافة شرائح المجتمع لخوض اﻹنتخابات القادمة ، بإعتبارها الفرصة الوحيدة الباقية أمامهم لتغيير اﻷوضاع ، و تفويت فرصة مواصلة نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية.