المنبرالحر

الطفلة مريم بائعة المناديل الورقية في بلد النفط / ا. د. حاكم محسن محمد الربيعي

في مساء يوم الاربعاء الموافق 1 تشرين الثاني، وفي برنامج "اهل المدينة"، عرضت قناة الشرقية الطفلة مريم وهي بملابس المدرسة ومعها حقيبتها المدرسية، والى جانبها والدها المريض والعاجز عن العمل وليس لديه معيل، كما ان اصحاب الاعمال والمصالح يرفضون تشغيله لكونه ليس بعمر الشباب اضافة الى مرضه. لقد كانت الحالة مأساوية تماما, العائلة تتكون من الرجل المريض وثلاثة اطفال اقل عمرا من مريم، وبالتالي كان الاب مضطرا لتكليف الطفلة مريم ببيع المناديل الورقية في احد تقاطعات شوارع بغداد, ورغم الظروف القاسية لهذه العائلة وما يعانيه الاب من الحاجة والعوز المالي وما يشكل ذلك من مرارة عيش بائس وبيئة محبطة، الا ان الطفلة مريم كانت تقف بكل وقار عارضة سلعتها من المناديل الورقية للراغبين في الشراء، وهي في ذلك تبذل جهداً مضنياً وعملاً شريفاً تجنباً لطلب الحاجة من احد , لكن المؤسف ان الدولة ليس لها اي دور في معالجة امور كهذه, ويبدو انهم غير مشمولين بالرعاية الاجتماعية, ففي مثل هذه الحالات في الدول الرأسمالية هناك ما يسمى بالضمان الاجتماعي الذي يمنح للعاطلين عن العمل، وتقطع عند حصولهم على فرص عمل, بالمقابل كانت الدول الاشتراكية تعمل وفق مبادئ ضمنت العيش الكريم للناس من حيث توفير فرص العمل للقادرين عليه، مع توفير الحاجات لغير القادرين على العمل, اي وفق مبدأ "من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله". يعزز ذلك ما قاله متسول في شوارع موسكو بعد التغيير الذي حصل في الاتحاد السوفيتي, حيث سئل من قبل احد الصحفيين، وكان السؤال اي النظامين افضل؟ اجاب بعفوية انه لا يستطيع ان يقول اي النظامين افضل، لكن قال انا لم اكن متسولاً في السابق, اما الان فكما تروني متسولا في شوارع موسكو, اي ان الحكومات مسؤولة حسب نظمها عن شعوبها في توفير العيش الكريم, وتوفير فرص العمل للراغبين والقادرين عليه، وهذا يحتاج الى ان تقوم الحكومة بدعم قطاعاتها الاقتصادية وحماية منتجا تها زراعيا وصناعي. اما في مثل حالة الطفلة مريم فيجب ان لا يكون هناك صمت من الجهات المعنية، وتحديدا وزارة العمل والشؤون الاجتماعية, فالعراق بلد البترول ويملك ثالث احتياطي في العالم، وفيه موارد كبيرة اذا ما احسن ادارة المال العام الذي اهدر دون حساب على مدى اربعة عشر عاما, نامل من الحكومة ان تضع السياسات الرشيدة لإدارة الاقتصاد الوطني وان تختار المسؤولين من ذوي الخبرة والكفاءة وليس حسب الولاء الحزبي، حيث انهكت الدولة هذه السياسات المتبناة من قبل الماسكين بالسلطة، والذين عبثوا وأهدروا المال العام ضمن تشكيلة فساد مالي واداري يوحى للكثير كأنها منظومة تعمل وفق اجندة معدة مسبقا, فالثروة هي ثروة الشعب، ولكل فرد فيها نصيب، ومن باب العدالة الاجتماعية يجب مراعاة الناس وتدبير احتياجاتهم وفق هذا المبدأ.