المنبرالحر

ثورة اكتوبر الاشتراكية بعض انجازاتها في ذكراها المئوية / أحمد عبد القصير

ان التطورات والتجارب والافكار تساعدنا في رؤية كيفية متابعتنا للمرحلة المقبلة.
بروفة كومونة باريس 1871 دفعت فيها الطبقة العاملة ثمنا كبيراً. وتعلمت الدرس بدءا من معلمها ذاته كارل ماركس.
اكتوبر نقطة انعطاف جذرية في تأريخ العالم, ويوم مضيء على الدوام في هذا التأريخ العاصف.
أجل انها احدى أروع المغامرات التي سبق للانسانية أن أقدمت عليها, مغامرة اقتحمت التأريخ اعصارا على رأس الجماهير الكادحة، وراهنت بكل شيء في سبيل تحقيق رغباتها البسيطة، فلا جدال في ان الثورة الروسية هي من أعظم الاحداث في تأريخ البشرية.
(أشار التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر السادس للحزب الشيوعي العراقي 1997 الى ضرورة البحث للوصول الى قراءة صحيحة لما انتهت اليه التجارب السابقة لبناء الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي وبلدان أوربا الشرقية, واستخلاص نتائج سليمة ومعللة لما أدى اليه غياب الديمقراطية السياسية, واعتماد آليات بعيدة عن أفكارنا ومثلنا من قبيل عبادة الفرد والبيروقراطية .. وغيرها من الممارسات المدمرة لبناء الاشتراكية, كي تتمكن احزابنا من النهوض ومعاودة المسير نحو بناء الاشتراكية كبديل موضوعي للرأسمالية وشرورها)
فالتجارب ملك البشرية. وتقع على عاتقنا مهمة تقييمها وادراك أبعاد التفاعلات الناجمة عن انهيارها, سيما وانها تنطوي على انعكاسات متعددة على واقع بلادنا وحزبنا، ومن هذا المنطلق نسعى الى تحليل تلك التجارب بصورة تتوخى المنهجية العلمية بعيدا عن الانفعال والتعميم.
لقد برزت قيمة الانجازات التي حققتها ثورة اكتوبر في المرحلة الراهنة, وبعد غيابها في ظل أنظمة الحكم الرأسمالية المستندة الى اللبرالية واقتصاد السوق. وفرضت عدم اهمالها, فالحاجة ملحة الى تقييم متوازن يجمع بين الثغرات والتجاوزات التي أدت الى المآل المأساوي للتجربة, وبين ما حققته من تجاوز التخلف والعوز والاستقطاب الاجتماعي الفاقع, مراحل تأريخية بكاملها,وصولا الى بناء مجتمعات جديدة قائمة على مباديء العدالة والمساواة.
تحققت مكاسب مهمة على صعيد الاقتصاد والمجتمع لشعوب هذه البلدان (التعليم, الصحة ,النقل المجاني, السكن...)والصعيد الاجتماعي.
كما تحققت على صعيد حركات التحرر الوطني نتائج تمثلت في تفكيك النظام الكولنيالي وتحقيق الاستقلال السياسي, كل ذلك لم يكن ممكنا الا بفضل وجود الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية.
وافضى ذلك الى نشوء القطبية الثنائية الذي شل أيدي الضواري الاستعمارية ومنعها من مواصلة تنفيذ مشاريعها ومخططاتها لتدمير كفاح شعوب البلدان النامية وتطلعاتها من اجل السلم والحرية والتقدم الاجتماعي.
الانتصار المدوي للجيش الاحمر السوفيتي والحاقه هزيمة مذلة بالنازية والفاشية, وتخليصه البشرية من كل آثام النازية والفاشية وشرورها.
نظام الرعاية الاجتماعية الذي طبق بعد الاربعينات من القرن العشرين, من قوانين العمل وتأمينات اجتماعية وغيرها مما ادى الى نشوء (دولة الرفاه) وهذه المنجزات لم تكن بمعزل عن تناسب القوى العالمي ودور المنظومة الاشتراكية وما قدمته من منجزات على هذه الصعد.
في عام (1917)ظهر الى الوجود الكيان السوفيتي في بلد فقير, زراعي في طابعه العام ... وفي عام 1980 اصبح القطب الثاني في العالم, لقد تحول الى دولة صناعية, نفوسها 256 مليون نسمه وكان استهلاك السعرات الحرارية والتعلم ,في مصاف الدول المتطورة وقدم مساعدات اقتصادية وعسكرية الى العديد من بلدان العالم. وكان في الطليعة في العديد من ميادين العلم والتكنلوجيا. وهو الذي اطلق اول قمر اصطناعي. وكان رائداً في العديد من الميادين بدءاً من صناعة المعادن المتخصصة ومكائن اللحيم في بناء خطوط السكك الحديدية, الى معدات جراحة العيون وكان فنانوه (لاسيما العازفون الموسيقيون) ورياضيوه في المقدمة ولم يبدأ بالانكماش الا بعد 1990-1991 ,أي بعد تفكيك النظام السوفيتي. لقد كان إلغاء اشراف الدولة المركزي, إلى جانب عوامل أخرى, هو سبب الانكماش الاقتصادي. ان الاقتصاد السوفيتي المخطط لم ((ينهر)) بل تم تفكيكه عبر رسائل سياسية، فبعد 1990 -1991 خلق ملايين المالكين، كما يدعون، وظهر عشرات الملاين من الجياع وانخفض الناتج الوطني الاجمالي من عام 1991-1998 بنسبة 50في المائة وبلغ الانخفاض في الصناعة 50في المائة وفي الزراعه60في المائة، كما ادت الخصخصة الى عملية (ابتلاع) هائله للثروة الوطنية, ولم تفظِ الى ولادة طبيعية لطبقة راسمالية كما روج لها منظرو المؤسسات المالية والنقدية الدولية, وكما هي الحال عندنا الان، فمروجوها هم ناهبو الثروة الوطنية ومدمرو الانتاج الوطني الزراعي والصناعي والقطاع الخدمي لصالح نفس الطبقة الطفيلية والبيروقراطية، مما أدى الى نشوء رأسمالية طفيلية ونهابة في آن واحد .
فالتجربة تشير الى ان الدروس الحقيقية من التجربة السوفيتية ينبغي أن تكون في اطار أي صيغة من الاشتراكية يجب تبنيها في المستقبل.