المنبرالحر

المغزى الحقيقي لثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى / سامي سلطان

تمر علينا والعالم اجمع هذه السنة الذكرى المئوية لانتصار ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمي هذه الثورة التي غيرت وجه العالم، حيث لأول مرة تتعرض احدى قلاع الرأسمالية الى صدمة عنيفة هزت عروشهم وأقضت مضاجعهم حين ازيح النظام القيصري عن الحكم الذي جثم على صدر الشعب الروسي لقرون، والذي أذاق العمال والفلاحين وسائر الكادحين اشد انواع البؤس، الذي جسده الاديب الكبير تولستوي بأبرع وأدق التفاصيل، حيث نقل وبأمانة حجم المعاناة الكبيرة التي عاناها المعدمون ، ولا غرابة في ذلك، فقد كانت روسيا في زمن النظام القيصري في ادنى درجات الانحطاط على جميع الأصعدة، الامر الذي ادى الى ان يكون دافعا قويا الى التفاف جموع العمال والفلاحين وسائر الكادحين حول قيادة البلاشفة (الحزب الشيوعي)الذي وضع سياسة صائبة وبرنامجا واضح المعالم هدفه الرئيس هو التخلص من النظام القيصري البغيض وإقامة دولة تحترم الجميع، وتوفر الخبز والكرامة للعمال والفلاحين والجنود والنساء، وتطلق العنان لعجلة التطور على اساس العدالة ألاجتماعية، وتعلن وبوضوح قيام النظام الاشتراكي.
في الوقت الذي عالجت فيه ثورة اكتوبر الاوضاع الداخلية التي لم تكن سهلة حيث ان ايتام النظام القيصري المدفوعين من وراء الحدود يعرفون جيدا ان هذا الوليد سيشكل خطرا جسيما عليهم ،ففرض الحصار الاقتصادي، اضافة الى دعم قوى الردة في الداخل لوأد الثورة في مهدها. لقد دفع الشعب الروسي آلاف الضحايا في سبيل الحفاظ على ثورته ومكتسباته.
ان ثورة اكتوبر فتحت الابواب على مصراعيها للمرأة وساوتها بأخيها الرجل، وأنصفت العمال من خلال التشريعات العمالية وتحديد يوم العمل بثماني ساعات وغيرها من المنجزات التي احدثتها على الصعيد الداخلي، اما على الصعيد الخارجي فأنها فضحت النوايا الخبيثة للدول الاستعمارية من خلال نشرها للوثائق السرية، وكذلك الصفقات التي كانت معقودة بين تلك الدول لنهب خيرات البلدان المستعمرة واستعباد شعوبها، مما اعطى دفعا قويا لشعوب تلك البلدان للنهوض بوحه المستعمرين منطلقة من الدعم الذي باشرت في تقديمه الدولة السوفيتية الفتية لتلك الشعوب على الصعيد المادي والمعنوي، حيث تصاعدت وتيرة حركات التحرر الوطني في جميع بقاع الارض من شمالها الى جنوبها.
لقد احتفل الوطنيون والتقدميون في السجون والمعتقلات ، بذكرى هذه الثورة العملاقة متحدين انظمة القهر والقمع العميلة والدكتاتورية التي حكمت العراق، تعبيرا عن تقديرهم لهذه المناسبة العزيزة على قلوب كل التقدميين في العالم، ولما لهذه الذكرى من معان كبيرة.
ان المغزى الحقيقي لثورة اكتوبر يكمن في قدرة الشعوب على تحدي انظمة القهر والاستبداد مهما حاولت، وان الانتصار لا يمكن ان ينجز الا بقوة العزيمة والاصرار، الى جانب توفر قيادة حكيمة تستطيع قراءة الواقع بدقة وتعالج هذا الواقع على اساس منظور علمي بعيدا عن قياسات النظرية الجامدة ، حيث يشكل الشعب القوة الاساسية في احداث التغييرات الكبرى على صعيد قيام نظام حكم يمثل ارادة تلك الشعوب ويحفظ كرامتها من خلال قيام دولة العدالة الاجتماعية التي تحفظ الكرامة الوطنية وتضع مصلحة الشعب والوطن في المقدمة .
ونحن نحتفل بالذكرى المئوية لانتصار ثورة اكتوبر الاشتراكية يخوض شعبنا معركة شرسة ضد الارهاب، وضد الفساد الذي انتشر في جميع مفاصل الدولة العراقية، ولولا الفساد الاداري والمالي والطائفية التي اعتمدت نهجا للحكم في العراق بعد الفين وثلاثة لما تمدد الارهاب الذي حصد آلاف الضحايا الابرياء من ابناء شعبنا العراقي، الى جانب الاعداد الهائلة من النازحين الذين يتعرضون الى شتى المحن في مناطق النزوح.
ان شعبنا العراقي يواجه كل هذه المآسي بعزيمة وصبر وهو يكافح آفة الفساد ورموزها، ويسعى الحزب الشيوعي العراقي وكل القوى الخيرة في البلاد الى رص صفوفهم في جبهة موحدة لبناء دولة مدنية بحق ، وتجلى ذلك في اعلان قيام التحالف المدني الديمقراطي )تقدم( الذي وضع برنامجا شاملاً لإصلاح اوضاع البلاد والخروج بها من الازمة الخانقة التي تجر الوطن الى مستقبل مجهول، نتيجة تسلط احزاب الاسلام السياسي التي اعتمدت النهج الطائفي كأساس لحكمها والتي لا تتوقف عن انتاج الازمات.
لقد اكد الحزب الشيوعي العراقي وما زال، على ضرورة حل جميع المشاكل العالقة بالحوار البناء والهادف، والابتعاد عن استخدام القوة والتلويح بها، كذلك الابتعاد عن التصعيد ونشر الكراهية من خلال اعتماد الخطاب الطائفي واثارة النعرات القومية، مع التأكيد على اعتماد الحوار السلمي في حل جميع المشاكل العالقة والتأكيد على روح التآخي والتسامح وحفظ دماء ابناء الشعب بكافة الوانه الزاهية، مع الاحترام الكامل لإرادة الشعوب في حق تقرير المصير.
المجد للذكرى المائة لثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى.
النصر الأكيد لشعبنا العراقي على قوى الارهاب والفساد.