المنبرالحر

مخاطر الليبرالية الجديدة من الخبرة التاريخية: أزمة الليبرالية والفاشية / ميشائيل بري*.. ترجمة واعداد: حازم كويي

في يناير عام 1945 استطاع الجيش السوفييتي تحرير معسكرات الاعتقال النازية، محطماً آخر شرايينها، وهي التي ارادت ان تفرض سيطرتها على العالم والقضاء على الشيوعية.
هكذا كانت الخطط الموضوعة لرأسمالية المانيا النازية في حرب اشعلتها، سقط فيها 50 مليون انسان وقودا لاطماع التوسع.
وكان لغزاً، حدث في اواسط القرن العشرين بشكل وحشي لاحد له لتفجير الحضارة بخيط رفيع نحو الجحيم.
ويسأل المرء، لماذا لم تتمكن دعوة (عليك ان لاتقتل) من الانتشار، وتحولت الى (عليك ان تقتل)؟ فقد كان الجهد ضعيفا آنذاك لاقناع الملايين بذلك.
الامبريالية نظام شمولي مبنيٌ اساساً للسيطرة على العالم وبشتى الوسائل، تُديره مجموعة من المتطرفين الاشرار، يعتبرون فيها أن بعضاً من البشر فائضون عن الحاجة ، وهذا ما نتلمسه الآن في عالمنا الحاضر.
فالازمة الحالية التي تقودها الليبرالية الجديدة تعني جلب المخاطر لمليارات البشر بدلاً من ان تعيش حياةً طبيعية، لتزجهُ في بربرية القرن الحادي والعشرين.
بدايات الازمة كانت في السنوات مابين 1789والى 1914، عندما سيطرت الليبرالية منفذة خطتها،كونها كانت لاتجد الاجوبة على اسئلة الحضارة الانسانية ومنها الخوف من المستقبل القادم، فالامبريالية بشكلها التوتاليتاري وعلامتها المميزة الاشتراكية القومية في المانيا اثناء حكم النازية بادواتها المحركة، سببت مشاكل كبيرة، كالعنصرية ومحارق اليهود والتوسع من خلال تحالف الرأسمال مع الرعاع، التي تخفي وتعكس مشاكل كانت تعاني منها سلطة رأس المال، ولم تستطع الاجابة فيها على اسئلة العصر بايجاد الحلول الناجعة لما فيها مصلحة الشعوب قاطبة، نراها كيف مارست سياسة عنصرية في التوسع الامبريالي في قارة افريقيا وآسيا.
و نرى اليوم اعادة الانتاج للرأسمال المالي المعتمدة على سلطة الدولة الامبريالية، المرتبطة بعلاقات عميقة مع مالكي العقار كي تحافظ على مصالح الملايين من هؤلاء، وهي تعمل على اذكاء وقود الحرب هنا وهناك وبمنافسة عولمية، تزداد مخاطرها على ايكولوجية الكوكب الذي نعيش فيه.
فالاقلية تسرق جهود الاكثرية وهي تعيش على التناقضات التي تشير اليه الادبيات الماركسية، كون التشكيلات الاجتماعية حاملة لتناقضاتها الداخلية، والمجتمعات الحديثة هي التي تكون على حافة الفوضى، تحمل في داخلها امكانات التحول الدائمة وفي الوقت نفسه مخاطر التدمير الذاتي. ويفهم الامر ان التحديث هو الضغط على ان يكون العالم بشكل آخر وليس كما هو قائم، اي الهروب نحو المستقبل.
من خلال الحروب جرت تغيرات مشروطة اجتماعياً وسياسياً، فالمنافسة العولمية تستطيع سحب التناقضات الراسمالية الى عدم التوازن ومحاولة ايجاد الحلول السريعة لمشاكلها المتراكمة، بزيادة السرقات، المزيد من الخصخصة وانتاج السلاح وزيادة الحروب، وعدم وضوح هيكلية الدولة والمخاوف من سوق المال الرأسمالي، تقابلها بالضد المحاولات لتطور مجتمعي سلمي.
وطبيعي ان النظام المجتمعي يدخل دائما في حالة من التوازن، والبدائل ممكنة للبحث عن الجديد رغم الاختلافات عن طبيعة التوازن، وهذه ستخلق نقاطاً متفرعة، اما حالات استقرار جديدة نسبيا، او الفوضى الى(البربرية مجتمعياً) وهذا ماحدث في القرن الماضي من خلال الاشتراكية القومية النازية لازمة الرأسمالية الليبرالية في المجتمع قبل اختراع القنبلة النووية، عكس طريق الديمقراطيين الاشتراكيين في السويد لدولة اجتماعية انسانية مزدهرة لاعادة تنظيم المجتمع الراسمالي.
القوميون الاشتراكيون في المانيا ارجعوا الطبقة الوسطى الى حافة المجتمع، حيث كان مبدؤهم هو نزع ملكيتهم والاستيلاء عليها وتحطيم العقول والمعنويات وابعاد المجتمع عن الشيوعية، ومارست سياسة عنصرية للاستيلاء على العالم من خلال عصابات سرقة، ومواجهة الاتحاد السوفييتي كتحدٍ ضد دولة اشتراكية فتية، التفت حولها حركات الطبقة العاملة العالمية وقوى يسارية متعددة.
عام 1945 وبعد انهيار النازية الالمانية تكونت مجموعات وحلقات اعلنت فيها نداء سلام عالمي لتقييد الرأسمالية من خلال تأمين العمل للجميع، وعلى ضوء ذلك انشئت مؤسسات اجتماعية وبرلمانات ديمقراطية لتطوير العملية السياسية الاجتماعية، ومن خلال نخبة تعمل على تأمين ذلك مع الرقابة على الرأسمال وقواعد للاستثمار واسعار صرف ثابتة وتقوية قطاعات العمل بقوانين صارمة.
لكن هذه القواعد التي ُرسِمت اصطدمت بتناقضات بين عناصر وضعت خططاً وقواعد لتوسيع القطاع العام من جهة، واصحاب قطاع التراكم الراسمالي والذين سهلوا دولة الرفاه الفوردية الرأسمالي.
هذه التطورات وضعت الديمقراطية محل تساؤل، الاقلية تسيطر في توسعها المالي على الاكثرية، وصار نمط الاستهلاك الاجتماعي للبضاعة خطراً على البيئة، وهذا ما دفع بالحضارة الانسانية الى الحدود الايكولوجية للنمو، وتخلصت دول من الكولونيالية باستقلالها، الا ان الكثير منها لم تؤهل نفسها للتقدم والتطور داخلياً، لتحكمها لاحقا حكومات دكتاتورية، وضعت نفسها تحت رحمة رأس المال.
منذ سبعينات القرن الماضي بدأت المحاولات لهدم السدود المانعة (بالحك التدريجي) من اجل تغيير المؤسسات وبادوات منها، نظام سعر الصرف، التجارة العالمية الحرة وتحرك الرأسمال الحر، توزيع العمل عالمياً وتواصل الخصخصة، تخفيض واضعاف الاجور بطريقة مرنة، العمل باوقات محددة وبأجر قليل، سيطرة وضغط اصحاب الاسهم الكبيرة، وهم مالكون كبار، من خلال الصناديق المالية، وتوجيه استخدامه الى المدى القصير بامكانيات مرونة عالية وضغوطات قوية.
الولايات المتحدة الاميركية تسيطر بقواعد جديدة، فالسوق المالية العالمية اوجدت مؤسساتها في هذا الطريق. وبرغم تطور هذا الطريق الليبرالي الجديد، فقد وقع في حالة من الازمات العميقة، وهنا يطرح السؤال وهو، هل الاجراءات الاصلاحية التي تقوم بها السوق ستعمل على تغيير جذري في هذا الاتجاه او ذاك؟
اولا:ان ازمة فائض التراكم تتصاعد، جزء من الرأسمال فقط استخدم في الاستثمار، وبالذات في حجم الانتاج الجديد في بلاد آسيا الشرقية كبلاد النمور والصين، وفي جانب آخر أُصيبت دول مايسمى بالعالم الثالث بالديون في مجال العقارات، ولاينحصر الامر على هذه البلدان فقط، بل ان اميركا نفسها مُصابة بها في مجال التامين، وهي تحتاج الى 200 مليار دولار لتغطية هذا العجز وايقاف الازمة(ربما).
ثانياً: ازدياد الازمة الايكولوجية الحادة نتيجة التراكم المتزايد والمتوسع للعناصر الخطيرة في التشغيل الصناعي بكافة جوانبه، ورغم ان الدول الصناعية المتقدمة تستغني عن الخطيرة منها الا ان الدول الاخرى تواصل ماكان يحدث، فازدادت اعداد السيارات الموجودة الآن وبحدود مليار لتصل عام 2030 الى مليارين في حالة عدم التراجع.
فالتكنولوجيا تعمل في جانب منها على تهديم حياة الانسان، ويقوم سوق الرأسمال بتهديم قواعد الحياة الاجتماعية من خلال مشاريع تخدم مصالحها الضيقة في تقليل الاجور وعدم الاستثمار في المجالات التي تخدم حياة الانسان، ومنها الثقافة والتأهيل والصحة والبيئة، عكس ذلك ستؤدي الى ازمة اعادة الانتاج.
ثالثاً: لقد كشف تفكك الدول عالمياً الى ازدياد عدد اللاجئين الذي وصل الى 20 مليون، نسبة كبيرة منهم يفتقدون الى الحاجات الاساسية للعيش كالغذاء الكافي والماء النظيف ومياه الصرف الصحي والرعاية الطبية والتأهيل الوظيفي، الذي يعاني منه بحدود ثلاثة مليارات من البشر.
في الكثير من الدول تكون نسبة البطالة كبيرة والعمل متوفر للاقلية فقط، والبعض منها فقدت او تهدمت فيها المؤسسات الاجتماعية التقليدية، وهذه حقاً هي ازمة التكامل الاجتماعي.
رابعاً:استندت الديمقراطية بعد 1945على قاعدة واسعة من المواطنات والمواطنين كجماهير مشاركين لهم حصتهم في حياة بمستوى معيشي آمن.
لكن التناقض بين النظام الاقتصادي والديمقراطية اخذ تدريجياً منحىً حاداً، وخاصة بين دول الرفاه وتلك التي كانت ولازالت آنذاك تحت سيطرة الكولونيالية، برغم ان شعوبها واصلت النضال والكفاح ضد تلك السياسة.
خامساً:العوامل الاربعة التي ذكرت انتجت تجاذبات بين الدول والمجموعات التي تعيش فيها حالات عنف متولدة، وعلى ضوء ذلك ازداد وتوسع انتاج وبيع السلاح لحماية مصالحها، والادعاء بحفظ الامن فيها.
مبيعات السلاح ازدادت بحدود 50في المائة في الاعوام العشرة الاخيرة، وبالاخص من اميركا وبما فيها الحرب الداخلية وخاصة في صفوف الاميركان السود (احصائية 2005 تؤكد وجود 2,3مليون منهم في السجون).
اضافة الى الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفييتي سابقاً والتي حولت الى حروب اهلية تحت مسميات مكافحة الارهاب بتواجد قواعد عسكرية في 130 دولة، تأسست من خلالها سجون كبيرة ومعسكرات اعتقال، حيث عذب الالاف منهم بادعاءات مكافحة الارهاب.
وفي عهد الليبرالية الجديدة اصبحت مصادر المياه والمواد الخام، المنافذ الى البحار، الهجرة، العلم، الرأسمال ،الهوية الثقافية، ليست بضاعة فقط، بل تشكيل مادي للصراعات بوسائل العنف، فالعولمة الرأسمالية انتجت عولمة العنف.
العوامل الخمسة للازمات تنتج ضغطاً قوياً لايجاد البدائل، وهي عبارة عن علاقات قوة بين منظمات الحركات الاجتماعية، الاحزاب ضد الدول والمجاميع الاحتكارية، وعلى قاعدة من يقرر التطور الحقيقي للقيمة المجتمعية وصيانة استقراره.
المعارضة تنمو مقابل التقلص الحاصل في سياسة النيوليبرالية، وبهذا ستتقلص الموارد اللازمة لادارة الازمات، يجري فيها البحث عن مخرج على قدم وساق.
ويواجه اميركا سؤال، هل هي مستعدة لتقليص دورها القيادي العولمي على المستوى الاقتصادي والسياسي؟ ام البقاء كما هو عليه؟
هناك عدة احتمالات ممكنة لما بعد الليبراية الجديدة منها:
تَزَعّم اميركا عالمياً من خلال محاولاتها التحكم في الازمات بتوسيع العمليات العدوانية كوسيلة في هذا المجال، وكي لايفوت الوقت لديها فانها تطمح الى امكانية توسيع قاعدتها الرأسمالية، لكن الازمة المالية الحالية وضعف هيكليتها اضافة الى المديونية، تبين مدى خطورة سياسة كهذه، وبالذات على مؤسسات الوول ستريت، التي تعني الصلة العميقة الهامة للبورصة والبنك المركزي الاميركي.
ان تأمين الاحتياجات من منابع النفط من خلال التوسع العسكري تكلف كثيرا كما حدث في حرب العراق، اضافة الى تعميق الازمة الايكولوجية، وهي محاولات لجعل العالم متفسخاً، وكمثال على ذلك انهاء قارة افريقيا من كل المصادر المعدنية. وهذا مايفعله الاتحاد الاوربي أيضا.
واخذ الفشل يصيب المجتمع الاميركي، فالطبقة الوسطى تضعف منذرة بسقوطها، والمحاولات لانقاذ البنوك المحمومة واملاءات الامبريالية تتجه نحو الخارج الذي يشكل خطرا على الاكثرية.
فالمؤسسات الاميركية ُتشغل العالم بتبريرات عن (الحرب ضد الارهاب)، والمنافسات التي تواجهها امام الصين والهند، فاذا استمرت هذه السياسة كما هي الآن، تتسارع عناصر البربرية في داخل البلد نفسه ومن ثم العالم.
انطلاق العنان الراسمالي سيؤدي الى تهديم المدنية ، وذلك نراه الآن في الارهابيين المشبوهين، وفي افواج اللاجئين الفقراء في البحار، وضحايا الكوارث الطبيعية والاجتماعية، وتفكك دول العالم الثالث وحقوق الانسان.
وبربرية الرأسمالية ماثلة عام 1914 عند اندلاع الحرب العالمية الاولى، وفي عام 1933 عند صعود الفاشية الهتلرية واشعالها للحرب العالمية الثانية، نتيجة لازماتها المتوالية والتي كان بامكانها سلوك طريق آخر تجنباً للدمار والكوارث التي لحقت بالعالم، فالادوات التي ادت الى البربرية كانت تتجمع على السطح لاسقاط الحضارة.
استراتيجية الدول الصناعية المتطورة حاليا تكمن في مواصلة طريق الليبرالية الجديدة والسيطرة بوسائل اخرى لما بعد الحرب العالمية الثانية متجهة الى الدول التي تتوفر فيها الموارد الطبيعية الرخيصة مترابطة باساليب القمع الاجتماعي القائمة هناك (من خلال حكامها) وعن طريق سياسة الخصخصة باعادة ترتيب الاوضاع وعزل كل القوى الاجتماعية والثقافية بشكل مرسوم لابقاء طبقة الرأسمال.
فهي تعمل للحفاظ على التوازن في نجاحاتها وتَسُيد الموقف لتتصدى للازمات من خلال سياسة المحافظين الجدد باستراتيجية متجهة الى الخارج كامبريالية مستنيرة بوجهة تعمل على اتحاد مجموعة صغيرة من أُناس في مركز السلطة، يعمل على استغلال قوة عمل رخيصة، تكون فيها فرص السوق الداخلية قوية ومتصاعدة بتأهيل مرافق الدولة ومؤسساتها كالمدارس، واستبعاد قمعي للفائض عن حاجات الدولة الاجتماعية (جزء منها هي احزاب وشخصيات المعارضة) وبالتالي للضغط نحو الخارج بسياسة امنية متكاملة، تتوسع عسكرياً وتوزع اجنحتها السلطوية على نطاق اوربا.
معروف ان الديمقراطيين الاجتماعيين الجدد اقدموا على تقبل وجهة سوق المال الرأسمالي والتشكيلة الاجتماعية الليبرالية الجديدة، تمثلت في طوني بلير، غيرهارد شرودر، ليونيل جوسبين وخوزيه لويس روديغريز.
في مقابل ذلك هناك سيناريو لما بعد الليبرالية الجديدة، بأن يكون المعبر لمجتمع تضامني وبوجهة متقدمة اساسها اقتصاد تضامني، وبمساهمة ديمقراطية تتمثل في الانتقال الى التضامن المتطور.
والسؤال هو كيف يتم هذا الانتقال ؟
لقد حولت الثورة التكنولوجية في السنوات الثلاثين الاخيرة العلم والثقافة بسياسة الخصخصة الى انتاجية بضاعية تتحكم السوق على مستويات ومجالات مدارس التأهيل والثقافة والعلوم باهداف ليست بصالح سلام مجتمعي، بل العكس كسوق تجاري دائم سيؤدي لاحقاً الى الفوضى، ولن يكون لها مستقبل الا بالثقافة الشيوعية التي تملك متطلباتها ،منها المجال المتمثل في،التطور الحر للفرد كشرط لتطور الجميع في عملية متعاقبة، فلا وجود لملكية خاصة بل للرقابة المجتمعية الشاملة.
هناك عامل آخر يتمثل في تطور حياة الانسان في وسط اوربا، قبل 160 عاماً كان عمره في المعدل لايتجاوز 40 عاماً، حالياً بحدود 80 عاماً، نتيجة التحديث الشامل والتحضر وتطور المبادلات الاجتماعية عالمياً في التبادل التجاري، الرعاية الصحية، مؤسسات وسائل الاتصالات والسفر، و مجالات عديدة اخرى منها النظام القضائي والنظام البنكي.
ومن الجانب الاخر ونتيجة سياسة الليبرالية الجديدة، التي دخلت في ازماتها المتعاقبة، يحتاج المجتمع الديمقراطي لدولة اجتماعية بمؤسسات ديمقراطية تتضمن وظائف تكون عائدة لها، وعلى قاعدة عريضة كضمان اجتماعي وايكولوجي، كحق اساسي للجميع.
ان التحول من سيطرة الرأسمال الى اقتصاد مختلط تضامني يسهل اساسيات التوازن المجتمعي من وجهة نظر الماركسية وهي:
ـ العمل من اجل تطور الشخصية بتقليص اوقات العمل للجميع (30 ساعة في الاسبوع) وانهاء عبودية العمل غير العادلة، كما اشار اليها ماركس، نمط من حياة تسمح بتحرر الفرد السايكولوجي وتحقيق رغباته.
ـ عامل مقرر آخر متمثل في أقتصاد جديد والنضال لدمقرطة الديمقراطية، فالذين ناضلوا في القرن العشرين من اجل الديمقراطية، اصبحت اليوم واجهة سلطوية للامبريالية، للحفاظ على انانيتها، التي تحولت الى سلطة اوليغارشية عالمية للنخبة فقط.
البديل هو الديمقراطية التشاركية، خاصة في المنتديات الاجتماعية العالمية معتمدة على:
مجتمع اممي يقرر الاجراءات والحلول، يتضمن توجيه النقد التضامني الذاتي كعامل تكون فيها الديمقرطية ممكنة، تساهم في تطور المجتمعات الاخرى، اضافة الى المطالبة بحق البلديات والمدن في تقرير اسلوب الحياة والمعيشة وحق الاعتراض (الفيتو).
والديمقراطية ممكنة فقط عندما لايفقد الانسان مكان عمله ولايعاني من الفقر ولانقصان في اساسيات متطلبات الحياة، دون هذا سيهدد بخطر الحرب، وبهذا تستطيع البشرية ان تعيش دون ان تفقد وعيها.
وهكذا ناضلت البشرية منذ بدايات القرن التاسع عشر ضد الرأسمالية لطمرها.
والصراع هو نفسه ضد الليبرالية الجديدة، تؤخذ فيها نفس التقديرات للتضامن بالادوات المجتمعية والنضال ضد العولمة الرأسمالية على المستوى المحلي والعالمي، وزرع بذورها في هذا الاتجاه، حيث بدأ الناس بالتضامن بأشكال جديدة، تشد ازرها وهي تكافح للحصول على حقوقها وتطوير اساليبها لحياة حرة آمنة.
فالعالم لايقف على الجهة الاخرى، بل في داخل المكان الذي يجري النضال فيه وبأشكال عديدة، تخلق فيها بذور جديدة للتواصل.
قوى التضامن في الاتحاد الاوربي لها مسؤولية خاصة، والسلام المُنظم داخلياً يضع كابحاً قوياً ضد السياسة الامبريالية. وتصطدم الليبرالية الجديدة بمعارضة شديدة، وبالاخص في السنوات الاخيرة، وكمثال على ذلك اميركا اللاتينية كمدرسة في هذا المجال، وكما قال فريدريك هولدرن (في اماكن الخطر تنمو قوى الانقاذ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عن موقع روزا لوكسمبورغ - مقالات عن الليبرالية