المنبرالحر

خارطة طريق لإصلاح الاحزاب العراقية من وجهة نظر اقتصادية / عامر عبد الجبار إسماعيل

من خلال استطلاعنا للتجربة السياسية بعد سنة 2003 شهدنا بان اكبر دلالة تميزت فيها هذه المرحلة هو ارتفاع نسبة الفساد وانخفاض كفاءة الاداء والسبب يعود لان اغلب الاحزاب الحاكمة كانت جائعة وجاءت لتشبع عبر بدعة المحاصصة الحزبية في حكومات الشراكة الحزبية وعليه انتجت هذه المحاصصة المقيتة اختيار المسؤول الجاهل وان كان مزور للشهادات الدراسية ليتربع على موقع مهم جدا والمعيار الوحيد لاختيار المسؤول هو ان يكون مطيع اطاعة عمياء الى رئيس الحزب وان كان جاهلا او فاسدا المهم لرئيس الحزب بان المسؤول المختار يحسن تمرير صفقات الفساد لصالحه عبر التوجيهات الشفهية لكي لا تقع اي مسؤولية فيما بعد على رئيس الحزب ويتورط فيها المسؤول الجاهل في اسوء الاحتمالات اذا ما تمكن رئيس الحزب من حمايته فحينها يعلن عن البراءة منه ويشهر فيه عبر وسائل الاعلام فيقع هذا المسؤول الصعلوك امام خيارين اما الهروب او السجن والدليل على ذلك نجد بعض رؤساء الاحزاب يرشحون شخص جاهل وشهاداته الدراسية مزوره الى منصب وزير او رئيس مؤسسة كبيرة مع وجود اعضاء اخرين في احزابهم يمتلكون شهادات علمية عاليه مثل ماجستير او دكتوراه وبعضهم لديه درجة بروفيسور!! مع تحفظنا بان الشهادة وحدها غير كافيه لاختيار القائد ولكم نجزم بدونها لا يصلح اختيار القائد علما بان هنالك 14 معيار لاختيار القائد الناجح والشهادة الدراسية واحدة منها.
من جانب اخر شوهد اغلب المسؤولين المعينين بالمحاصصة الحزبية بأنهم مفسدين ليس لصالح رئيس الحزب فحسب بل لحسابهم الخاص وعليه اجتمعت لديهم صفة الجهل والفساد ناهيك عن الخيانة العظمى وأصبحت عوائد الفساد تقسم الى قسمين فقسم يذهب للمسؤول وأحيانا يكون الاكبر والقسم الاخر لرئيس الحزب
حصة رئيس الحزب جزء منها ينفقها للترويج الاعلامي لشخصه اولا ثم لحزبه ثانيا لأغراض الدعاية الانتخابية والجزء الاخر لرصيده الشخصي و لنفقات حزبه
لوحظ من خلال استبيانات موقعيه بان شعبية الحزب (والتي تتعلق بشكل كبير على رئيس الحزب) تنخفض بشكل كبير عبر اختيار المسؤول الجاهل او الفاسد او الذي يتمتع بالصفتين معا على الغالب للمواقع التنفيذية المهمة
وعليه استنتجنا بان الشعبية التي يخسرها رئيس الحزب من اختيار مسؤول جاهل او فاسد اوكلاهما معا هي اكبر من الشعبية التي يكسبها رئيس الحزب من خلال اعلام ودعاية انتخابية بأموال السحت التي حصل عليها من الوزارة او المؤسسة (المملوكة له) عبر المحاصصة وعليه اصبحت المحصلة الاقتصادية والسياسية خاسرة ناهيك عن عواقب اموال السحت وخيانة الوطن وفخ العدالة الوضعية وعواقب العدالة السماوية مع خسارته لتحقيق هدفه الدنيوي وحلمه لتحقيق الشعبية الكبرى التي يطمح اليها وان كانت وهمية
لو فرضنا اقتنع رئيس الحزب في الاستفادة من مقترحنا التطبيقي وهو اختيار المسؤول النزيه الكفوء للوزارة او المؤسسة التي تقع ضمن حصة حزبه وان كان من خارج حزبه حتى يثبت للجميع قولا وفعلا بأنه وضع الرجل المناسب في المكان المهم وليس خداعا كما تروج فضائيات الاحزاب لصناعة صورة مخادعة للفاسد لتظهره نزيه وللجاهل فتظهره عالم ويمتلك كفاءة خارقة !! وهذا الخداع قد يمر عل الناس البسطاء ابتداء ولكنه سرعان ما تشع رائحة فساده وجهله وتنعكس سالبا على رئيس الحزب بالدرجة الاولى وحينها يعض على اصبع الندامة لسوء اختياره
ففي حالة اختيار رئيس الحزب للمسؤول النزيه الكفوء فان شعبيته سترتفع دون الحاجة للإعلام المزيف المخادع للحقيقة إلا ان رئيس الحزب سيفقد اموال السحت التي تموله من الوزارة او المؤسسة المخصصة لحزبه وهذا صحيح وعليه فأما ان يكتفي بما سرقه 14 سنة خلت ولكي يؤسس منهج جديد في مسيرته ومسيرة حزبه وان كان ذلك لا يشفع له الفساد السابق امام العدالة السماوية او العدالة الوضعية
وفي حالة عدم تقبل رئيس الحزب الى هذا المقترح الاصلاحي فعلى اقل تقدير ان يجربه في احدى الوزارات او المؤسسات التي تخصص لحزبه ويقارن وضعه السياسي والمجتمعي والاقتصادي مع الوضع السابق وربما الانجاز الفعلي في هذه الوزارة سيغطي على فشل الوزارات الاخرى وعلى اقل تقدير يكون اصلاحه تدريجيا وسيشعر بزيادة الشعبية والنجاح الفعلي حينها سيتذوق طعم لذة النجاح الفعلي
وكذلك يمكن الاستفادة من هذا المقترح بان يكون مقوم اساسي مهم لبناء الأحزاب الجديدة او داعما للأحزاب التي لم تستلم اي منصب تنفيذي سابقا ولم تتورط بأي ملف فساد اي للأحزاب البيضاء
وأخيرا وليس اخرا...تبقى المحاصصة الحزبية مرفوضة رفضا قطعا ولكننا تعاملنا معها كواقع حال ومعالجة الجزء افضل من اهمال الكل وكذلك الفساد مرفوض مهما كان نوعه او حجمه ولا يسقط بمرور الزمن او التوبة لان الجريمة اذا وقعت استحقت العقوبة ولكن مقترحنا جاء لمعالجة وضع قائم نخر بالدولة العراقية ويهددها بالانهيار التام لا سامح الله وحينها لا ينفع زعماء الاحزاب كنوزهم ولا جنودهم... ولات حين مندم.