المنبرالحر

مؤتمر عدم نشر السلاح النووي ونزعه / د. كاظم المقدادي

يستضيف معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) مؤتمره الجديد لمنع الإنتشار ونزع السلاح النووي للإتحاد الأوربي، في قصر إيغمونت بالعاصمة البلجيكية بروكسل اعتبارا من هذا اليوم وحتى 13 كانون الأول الجاري. سيتناول المؤتمر :
• تحديات عدم الإنتشار ونزع السلاح النووي كمنظور
• قضايا عدم الإنتشار ونزع السلاح في كل من شمال شرق وجنوب اَسيا
• التطورات التكنولوجية في المجال البيولوجي
• منع تنوع الأسلحة الصغيرة والخفيفة
• التحديات القانونية والتكنولوجية للرقابة على الأسلحة
• خطة العمل الشاملة لمستقبل مراقبة الأسلحة وعدم الإنتشار ونزع السلاح النووي ودور الأتحاد الأوربي..
ويهدف المؤتمر الى تشجيع النقاش داخل المجتمع المدني، خاصة بين الخبراء والباحثين والأكاديميين، بشأن تدابير مكافحة إنتشار أسلحة الدمار الشامل ونظم إيصالها.كذلك المسائل المتصلة بالأسلحة التقليدية.
ومعلوم أن مؤتمر عدم الانتشار ونزع السلاح النووي للإتحاد الأوربي ينعقد سنوياً برعاية "كونسرتوم منع انتشار الأسلحة التابع للإتحاد الأوربي" (EUNPC) وهو جزء من أنشطته التي يقوم بها بوصفه شبكة مؤلفة من مؤسسات متخصصة في السياسة الخارجية ومراكز بحوث من جميع أنحاء الأتحاد الأوربي، تشارك في الحوار السياسي والأمني ومناقشة التدابير الرامية الى مكافحة إنتشار أسلحة الدمار الشامل وأنظمة إيصالها. ومعلوم أيضا ان الكونسرتوم تديره معاً 4 معاهد، هي: معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام ومؤسسة البحث الستراتيجي في باريس ومعهد أبحاث السلام في فرانكفورت والمعهد الدولي للدراسات الستراتيجية في لندن، بالتعاون الوثيق مع الممثلية السامية لأتحاد الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للأتحاد الأوربي..
ويأتي إنعقاد مؤتمر هذا العام عقب الحدث الدولي الكبير،الذي حصل في تموز 2017، حين تبنى ثلثا أعضاء الأمم المتحدة معاهدة حظر الأسلحة النووية، التي تمنع مجموعة الأنشطة المتصلة بالأسلحة النووية، مثل التعهد بتطوير وإختبار وإنتاج وتصنيع وإستحواذ أو إمتلاك أو تخزين أسلحة نووية،أو غيرها من الأجهزة النووية المتفجرة ،فضلآ عن إستخدام هذه الأسلحة أو التهديد بإستعمالها.
وإعتبرت المعاهدة، التي تدخل حيز التنفيذ بعد 90 يوماً من المصادقة عليها من قبل 50 دولة، بمثابة تدشين لعصر نهاية الخطر النووي على البشرية. حيث أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في مستهل حفل التوقيع على المعاهدة في مقر الأمم المتحدة:" أنه ما زال هناك نحو 15 ألف رأس نووي. ونحن لا يمكن ان نسمح لهذه الأسلحة شديدة الفتك والتدمير بان تعرض للخطر عالمنا ومستقبل أولادنا ".
ومثّل التوقيع على المعاهدة لحظة تأريخية،فبحسب المعاهدة أصبح من غير الشرعي إمتلاك وتطوير الأسلحة النووية.وبحكمها أصبح من الصعب على مؤيدي الأسلحة النووية وصفها بأنها " وسيلة مشروعة ومفيدة لضمان الأمن"
ويذكر ان الدول النووية لم تشارك في المحادثات الدولية،التي جرت برعاية الأمم المتحدة لصياغة معاهدة حظر الأسلحة النووية، التي إنطلقت في اَذار 2017، تنفيذاً لقرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة في كانون الأول 2016. ووقفت الدول النووية العظمى وقيادة حلف شمال الأطلسي( الناتو) موقفاً رافضاً للمعاهدة،معلنة بأنها لا تنوي التوقيع أو التصديق أو ان تكون طرفاً في المعاهدة، التي جرى إقرارها بموافقة 122 بلداً ومعارضة بلد واحد وإمتناع بلد واحد عن التصويت.
ويأتي إنعقاد المؤتمر لهذا العام في ظل تصاعد التهديدات المتبادلة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية بإستخدام الردع النووي، وتهديد الولايات المتحدة لإيران بإلغاء الإتفاق النووي وفرض المزيد من العقوبات عليها،الى جانب التهديدات الإستفزازية الإسرائيلية لإيران، رغم تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية (ِIAEA) إيفاء إيران بألتزاماتها بموجب الأتفاقية النووية.
وتزامناً مع التوترات الدولية، يشهد العالم مظاهر سباق تسلح جديدة بين روسيا وأميركا، حيث ينهمك الطرفان بعملية "إستعراض عضلات" من خلال تسريب المعلومات والوثائق والصور والفيديوهات عن إمتلاك كل منهما لأسلحة جديدة أشد فتكاً وتدميراً..وحذر الرئيس بوتين:" في حالة نشوب حرب بين روسيا والولايات المتحدة فلن يبقي أحد على قيد الحياة"، وأطلق بنفسه 4 صواريخ باليستية خلال تدريبات القوات النووية الاستراتيجية الروسية في تشرين الأول الماضي.
وإقتراناً بذلك، إعتمد البنتاغون زيادات كبيرة في إنفاقه، حيث سينفق 1.2 تريليون دولار خلال الأعوام القادمة لتطوير ترسانته النووية الحالية وتحديث أسلحته الاستراتيجية التي تشمل القاذفات والغواصات النووية والصواريخ البالستية العابرة للقارات.
ولم يتوقف هذا الأمر على الولايات المتحدة، وإنما إنخرطت فيه دول عظمى أخرى،مبدية استعدادها لتخصيص 2 في المائة من الناتج الاجمالي المحلي لتمويل العسكرة والحرب.فقد أكد الخبير في الشؤون الدولية رشيد غويلب بان القارة الأوربية ومعها العالم مقبلان على موجة جديدة من التسلح، فالمانيا سترفع تخصيصاتها من 37 الى 69 مليار يورو سنويا، واوربيا سترتفع النفقات من 200 الى اكثر من 300 مليار يورو سنويا. وهذا يعني ان على اوربا التي تواجه الأزمة المالية والبطالة ان تدفع ثمن التدخلات غير المجدية والحروب. وبالمقابل ستحتفل كبريات شركات السلاح بنتائج قمة الناتو، وسيتم تقليص النفقات الخاصة بقطاعات التعليم والصحة وحماية البيئة والبحث العلمي.
وكان معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام(SIPRI) قد أكد بان الدول النووية تواصل عملياً "تحديث ترساناتها، بدلا من نزعها، رغم الرغبة المعلنة للمجتمع الدولي في نزع هذا السلاح".وأشار في بيان له إلى ارتفاع عدد الرؤوس النووية وبطء وتيرة نزعها، حيث وصل عددها في العالم في مطلع العام 2015 إلى 15850 رأسا نووية، بينها 4300 جاهزة للاستخدام، بينما كان عددها في العام 2010 نحو22600 رأساً، بينها 7650 رأسا جاهزة للاستخدام.
وأوضح الباحث في SIPRI شانون كايل إنه "رغم التصريحات الدولية المتكررة بشأن أولوية نزع السلاح النووي، فإن برامج التحديث الجارية في الدول التي تمتلك أسلحة نووية تدفع إلى الاعتقاد بأن أيا منها لن يتخلى عن ترسانته النووية في المستقبل القريب. وواشنطن وموسكو منخرطتان في "برامج تحديث ضخمة ومكلفة تستهدف الأنظمة الناقلة والرؤوس النووية وإنتاجها".ولا تنفك ترسانات بقية الدول التي تمتلك أسلحة نووية تتزايد..