المنبرالحر

نقل السفارة ( معادلاً ) لسقوط داعش / علي فهد ياسين

اختار ترامب السعودية في أول زيارة له بعد تنصيبه رئيساً، لتوقيع عقود أكبر صفقة بين بلدين على مدى تاريخ البشرية تجاوزت (نصف ترليون دولار)، ثم شارك في مؤتمر الرياض لقادة اكثر من خمسين بلداً اسلامياً سائرة في ركاب أمريكا، دون أن يعلن عن موعد لتوقيع قرار نقل السفارة الامريكية الى القدس، لا في السعودية ولا في اسرائيل التي وصلها من الرياض مباشرةً، لكن الأرجح أنه أطلع السعوديين والاسرائيليين على ارتباط التوقيت بتطورات الحرب ضد (داعش) ! .
لم يجد طاقم ترامب أفضل من فتح ملف نقل السفارة الامريكية الى القدس ( معادلاً ) للانتصارات العراقية والسورية الباهرة على تنظيم ( داعش )، والتي أفضت الى تحرير كامل الاراضي العراقية، وأنهاء سيطرة داعش على ما يقرب من نصف الاراضي السورية، والتقاء قوات البلدين على خط الحدود المشتركة بينهما، والتي كانت تحت سيطرة التنظيم، بحماية وامداد وتخطيط واشراف من قبل القوات الامريكية .
لقد كشفت تفاصيل الحرب ضد (داعش) في العراق، الدور الأمريكي في انشاء الحركة والتخطيط لها وخرائط انتشارها وتمويلها وحماية قادتها وتوقيتات نقلهم من مواقع الخطر عند الضرورة، لتكتمل صورة المشهد بعد التدخل الروسي الحاسم في تغيير الموازين لصالح الجيش السوري، الذي أجهز على داعش خلال ما يقرب العام، وقدم دلالات لا تقبل الشك على الدور الامريكي المراوغ وغير الجدي والمساهم في اطالة الحرب .
يعرف ترامب وادارته ان قرار نقل السفارة الى القدس مخالفاً للقانون الدولي ولكل القرارات الصادرة من مجلس الامن حول الصراع في فلسطين، وحول القدس تحديداً، ويعرفون كذلك أن أمريكا طرفاً في كل تلك القرارات، لكنهم بحاجة الى (زلزال ) اعلامي لاشغال العالم عن سقوط(داعش) في العراق وسوريا، بعد ان استخدموها لارهاب العالم باسره ، و لا يوفر لهم ملف صواريخ كوريا الشمالية ولا جدار ترامب مع المكسيك ولا ملف ايران النووي بديلاً بنفس القوة عن نقل السفارة الامريكية الى القدس !.
الرئيس الأمريكي ( تاجر) يدافع عن مكتسباته، ومثله حكام العرب وحكام الدول الاسلامية، لا تردعهم مقدسات ولا اتفاقيات ولا اخلاقيات ولا قيم انسانية، ولقد زف هؤلاء الحكام التهاني الى ترامب بعد فوزه بالرئاسة، بما فيهم الرئيس الفلسطيني، من دون اشارة الى اعتراضهم على تضمين حملته الانتخابية نقل السفارة الى القدس، ليعودوا الآن الى الاعتراض المخجل على قراره المخالف لكل الاعراف والقوانين الدولية، متناسين أن سياساتهم المساندة لامريكا هي الاساس في استهتار ترامب ومن سبقه من الرؤساء الامريكيين في تحالفهم مع الكيان الصهيوني ضد حقوق الفلسطينيين وباقي الشعوب العربية .
من يريد الوقوف بوجه ترامب، عليه أن يقف بوجه حكامه أولاً، لأنهم أدوات ترامب ومن كانوا قبله ومن سيأتون بعده، ومن دون ذلك سيبقى ( ناعور ) المآسي دواراً لاتوقفه الشعارات والتظاهرات المقننه في المناسبات، كأنها رفع عتب، يقهقه بعد انتهائها الحكام على( نكات ) من وحي الشعارات الوطنية ..!.