المنبرالحر

عام أخر يجر أذياله .... وما زال الجرح ينزف ؟ / صادق محمد عبد الكريم الدبش

بعد الذي حداث في سوريا بعد 17/3/2011 م وما تلاها وبشكل تصاعدي !
لم تكن وقتها قد أخذت القضية السورية مدياتها وأبعادها الحقيقية !
ولم تتضح للعيان بعد الأطراف اللاعبة والمنغمسة حتى قمة رأسها في هذا المستنقع ، من خلال التدخل السافر في الشؤون السورية وبشكل شبه مكشوف ، بتسخير إمكانات دول وحكومات عديدة !...إقليميا وعربيا ودوليا ، وكل يغني على ليلاه ، وبتخطيط وبدفع ومباركة وتشجيع الولايات المتحدة الامريكية والغرب ، واطراف عربية وإقليمية ، أصبحت اليوم معروفة ومكشوفة ، والجميع يدعي وصلا بليلى ... وليلى لا تمت لهم بذاك !
شمرت هذه الدول عن سواعدها !؟.. وجيشت إعلامها وفتحت خزائنها وأوعزت لمرتزقيها ( بمد يد العون والمساعدة للشعب السوري !؟...ومن أجل نظام ديمقراطي يقوم بديلا عن النظام القائم اليوم ؟... كما تم تسويقه في حينه !
وبعد سبع سنوات من الصراع الدامي والمدمر والمخزي !.. نسأل هؤلاء المتباكين على الديمقراطية وحقوق الإنسان ، وعن استقلال هذا البلد الجميل بأهله وأرضه ومياهه وسمائه ؟... أين هم ووعودهم ؟.. لماذا ؟.. وقد وضحت شمس النهار وطولها أذرع ؟
تكالبت قوى الشر والعدوان من كل بقاع الأرض !... لتقاتل على الأرض السورية والعراقية والليبية واليمنية ، وجاءت الدولة الإسلامية وفاحش والنصرة والقاعدة !!.. وامريكا والغرب والسعودية وإيران وتركيا وقطر والشيشان وبوكا حرام ، وغير تلك الأسماء التي لم اسمع بها لا سابقا ولا حاليا ، ليجاهدوا ضد الشرك والمشركين ، ومن اجل قيام الدولة الإسلامية !!.. ولكنننا لن نرى لا إسلامهم ولا دولتهم !!.. بل رأت شعوبنا الموت والتفنن في القتل واشكاله وطرقه ووسائله ، ورأينا الخراب والتدمير والتهجير والاغتصاب والسبي !
فهل كان هذا دفاعا عن الحقوق وعن الدولة العادلة والتعايش والنماء ؟؟!!
بسبب هذه التدخلات في شؤون هذه الدول !..
وبسبب الاطماع والجشع والهيمنة والتسلط والحقد والكراهية ، وبسبب التعصب وضيق الأفق والنظرة السطحية لمجريات الاحداث في المنطقة ، واللهاث الغير متبصر لجوهر الصراع الدائر في المنطقة !
فقد أوقع الكثير من هذه القوى في وحل هذا الصراع الدامي والمدمر ، الماسخ للحياة وإنسانيتها وللتعايش ، ولبناء دولة المواطنة ، التي كانت وما زالت تنزع اليها شعوب المنطقة وتسعى لتحقيقها كهدف استراتيجي ، وتحقيق الاستقرار والتعايش والرخاء والسلام .
بالرغم من هذه السنوات العاصفة والمدمرة لشعوب المنطقة ، والتي أشاعت الفقر والموت والتشرد والجهل والكراهية والتقاتل !
بالرغم من هذه الصورة المظلمة والقاتمة والقاسية ، فما زالت هناك فرصة وبصيص أمل لإيقاف حمام الدم والخراب والموت البطيء في شرقنا وغربنا وشمالنا وجنوبنا !..
ما زالت هناك فرص للخروج من كل هذه المحن والكوارث التي تعيشها شعوبنا !
ونحن في الأيام الأخيرة من عام 2017 م ، السنة التي كانت تحمل بين جنباتها الكثير من المرارة والظلم والدم والحروب والالام والنكبات وفي مناطق عديدة ، في سوريا واليمن والعراق وليبيا ، واليوم في فلسطين المحتلة بعد إعلان الرئيس الأمريكي بأن القدس عاصمة للدولة الصهيونية المحتلة لفلسطين ، من قبل الدولة العبرية الصهيونية العنصرية وبدعم ومباركة وبدفع الولايات المتحدة الأمريكية ، هذه الدولة المعادية لاماني وتطلعات الشعب الفلسطيني ولحقوقه المشروعة خاصة ، ولشعوب المنطقة والعالم ، كونها دولة تقوم فلسفتها ونهجها على الاستغلال والجشع وهضم حقوق الشعوب والسطو على ثرواتهم ومصادرة حقهم في الحياة الحرة والكريمة .
نقول ما زالت هناك فرصة لتحقيق حلم هذه الشعوب ، بنيلها حريتها وبناء نظامها السياسي الذي تريده وتقرره بإرادتها ، ومن دون وصاية من أحد ، بالعمل على إيجاد القواسم المشتركة بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية المختلفة ، ومن دون إلغاء ولا إقصاء وتهميش ، وإيجاد رؤيا مشتركة تقوم على أساس دولة المواطنة ، وإرساء العدل والمساوات بين مكونات هذه الشعوب على تنوعها وفسيفسائها ، وتوزيع الثروة وبشكل متساوي وعادل .
هذا أولا !.. والمسألة الأخرى بناء الدولة على أسس الشراكة والتعايش والاستقلال ومنع التدخل في الشؤون الداخلية ، والولاء للشعب والوطن ، وحماية مصالح البلاد العليا والدفاع عنها بالنفس والنفيس ، وقيام العلاقات الدولية على أساس المصالح المشتركة ، ومبدأ التعايش والسلام وبعيدا عن التدخل في شؤون الدول .
العمل على توطيد ركائز وأُسس نظام سياسي اجتماعي اقتصادي يقوم على أساس الوطنية والمواطنة ويرتكز على الديمقراطية كشكل من أشكال نظام الحكم ، واعمدته الحرية والقانون والمساوات وعدم التمييز .
والتصدي لكل اشكال التمييز الطائفي والعرقي والمنطقة ، ولكل اشكال المحاصصة بكل اشكالها وسبلها اللاغية للعدل للحرية والمساوات ، والتصدي للفساد والفاسدين .
احترام حرية التعدد والاختلاف والتنوع ، وحرية الضمير والمعتقد ، وحرية التعبير وحرية الممارسات الديمقراطية بكل وسائلها وسبلها ، وتثبيت كل ذلك في الدستور وفي المناهج التربوية والتعليمية في مراحلها المختلفة ، وعدم السماح بتشريع أي قانون يتقاطع مع جوهر وحقيقة هذه الحقوق والحريات ، وللمواثيق والأعراف الدولية ، وإبعاد الدين وقيمه وتشريعاته عن الدولة وشِرعَتِها وقوانينها .
الإقرار الصريح والواضح بالمساوات الكاملة للمرأة وعدم طمس هذه الحقوق وتحت اي ذريعة كانت !
والتأكيد على أن تقدم الأمم والشعوب يتوقف على الموقف من المرأة ومن حقوقها والمساوات الكاملة مع توأمها وعضيدها الرجل ، فهما كل يكمل أحدهما الأخر .
لو استطاعت شعونا العربية ومنها شعبنا العراقي على وجه الخصوص ، على ان تبحث عن هذه المشتركات التي تقرب الطيف العراقي نحو التعاون وتقريب المشتركات التي تقربهم من بعضهم ولا تبعدهم ، بمسمياته واعراقه وطوائفه ، وبقواه السياسية والفكرية ، ومنظماته المجتمعية ، ليقوموا بإعادة بناء النظام السياسي والدولة ، وفق الأسس التي ذكرناها ، وبروح المسؤولية والوطنية ، وبمبدأ التعايش المشترك ، لتمكنا من تخطي أعقد الأزمات ، ولتخطينا كل تلك الخلافات والتقاطعات التي ألحقت أفدح الخسائر بشعبنا وبوطننا .
نتعشم خيرا بكل الوطنيين والخيرين والتقدمين ، وكل العلماء والمفكرين والمثقفين والأدباء والفنانين والمبدعين ، وكل شرائح المجتمع ، نتعشم فيهم وبهم خيرا للسعي بإعادة بناء دولة المواطنة ، دولة العدل والمساوات ، يتعايش تحت خيمتها هذا الفسيفساء الجميل ، ومن أجل ان يعم الأمن والسلام والنماء هذا البلد العظيم وبلدان وشعوب المنطقة وكل عام والجميع بخير وامن وسلام