المنبرالحر

المشاكل المجتمعية وعلاقتها بالمناخ الثقافي / ا.د. حاكم محسن محمد الربيعي

اشار فلاسفة المادية التاريخية الى ان الاخلاق ذات علاقة بنمط علاقات الانتاج السائدة في دولة ما, ويعتمد ذلك اساسا على الفكر الاقتصادي السائد والذي يعبر عن العلاقة الاساسية بين السياسة والاقتصاد. فالسياسة اقتصاد مكثف او مركز وبمعنى اخر ان الحديث بالسياسة هو حديث بالاقتصاد والحديث بالاقتصاد هو حديث بالسياسة وبقدر ما تكون هذه العلاقات متطورة ينعكس ذلك على سلوكيات الناس في المجتمع, و حيث ان هذه العلاقات مؤثرة في حياة الناس، ولها تأثير على الاخلاق العامة والتعاملات اليومية بين عامة الناس في المجتمع, وفي اي حيز من مواقع العمل سواء اكانت هذه المواقع في بيئات مدنية ومتطورة او على العكس من ذلك بيئة متخلفة. وعلى مستوى الثقافة العامة السائدة في مجتمع ما، يكون مستوى ونوع التعاملات، وفي اي موقع وفي اي مجتمع يكون هناك تعامل و هذا التعامل منسجم مع طبيعة العلاقات العامة والمستمدة من الثقافة العامة للمجتمع والتي هي مجمل التقاليد والاعراف والتراث الحضاري والثقافي والتي يستفيد منها الفرد في صقل ثقافته العامة، نعم، للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية اثر واضح على تحديد نمط هذه التعاملات اليومية، فالاستقرار السياسي والامني والاقتصادي له مؤثراته الواضحة والايجابية في الثقافة العامة للناس وعلى وفق ذلك يكون التعامل مهذبا بين اطراف التعاملات اليومية وفي تعامل الناس فيما بينهم وفي كل الحالات، وسيكون لذلك انعكاسات ايجابية في فض النزاعات والخصومات في المجتمع ككل وبين الناس عموما، وعلى العكس من ذلك فان فقدان الامن وغياب الاستقرار السياسي والاقتصادي وانعكاس ذلك على اقتصاد البلد ككل, حيث ازدياد العاطلين وشيوع البطالة وازدياد الفقر في المجتمع الامر الذي يولد مشاكل مجتمعية، لكن المجتمعات التي تعتز بثقافتها وتقاليدها والاعراف التي تتخذ سمة الثبات فيها واعتمادها في التعامل يعد ذلك ضمانه مجتمعية لفض المنازعات والصراعات التي تحصل بين الناس او بين اطراف التعاملات ويروي مطلعون في موسكو عاصمة الاتحاد السوفيتي في حينه, عاصمة روسيا حاليا, عن طبيعة المجتمع السوفيتي وعن سلوكيات الناس، ان النزاعات بين افراد المجتمع السوفيتي تأخذ شكل العتاب،وليس هناك اي شكل من اشكال العنف كالسب والشتم و الضرب الخ, حيث لم يألف المجتمع السوفيتي هذه الاساليب ولا يعرفها، المجتمع العراقي عانى عبر اكثر من اربعين عاما من مشاكل سياسية وحروب كان لها كبير الاثر من الناحتين الاقتصادية والمجتمعية انعكست على الجانب النفسي والاجتماعي للناس الامر الذي ادى الى زيادة المشاكل المجتمعية وادت الى نتائج مأساوية، بحيث اصبح البعض من الناس يتهم الاخر بانه يشتري المشاكل و(الطلايب) هكذا يتداولها المجتمع العراقي، هكذا تولد المشاكل وبسبب الظروف القاسية بمسبباتها المختلفة. والسؤال الذي يطرح نفسه, هل يختلف انسان عن انسان اخر في التركيبة البيولوجية؟ بحيث يصبح المجتمع بتركيبته الاجتماعية مختلفا عن تركيبة مجتمع آخر ام للثقافة دور في ذلك؟ واذا كان للثقافة دورها، اذا كيف نفعل سيادة الثقافة بشكلها المتطور الذي يستند الى المعرفة والفهم العميق على اساس ان كل انسان يعرف حقوقه وواجباته وحقوق الاخر ولا تكفي هذه المعرفة بل الالتزام بها هو الاساس؟ وهذا يعني اننا بحاجة الى خطاب ثقافي متنور وتساهم به منظمات المجتمع المدني والمجالس الثقافية الخاصة. اضافة الى الدور الكبير الذي يمكن تقوم به الدولة من خلال مؤسساتها التفافية بدءا من وزارة الثقافة، وتفعيل واسناد المنظمات والجمعيات والنقابات في اقامة الندوات العلمية والثقافية لتعود لممارسة دورها الذي كان في سبعينات القرن الماضي. ومن اجل تعميق الثقافة في التعاملات اليومية تجنبا للمشكلات المجتمعية التي تضر بالمجتمع.