ان فكر الانسان يتعلق بجملة من المبادىء التي يؤمن بها ويتخذها قاعدة اساسية ونهجا له، حيث تنعكس افكار اي شخص على جملة من الامور المهمة منها : سلوكه، تصرفاته، اخلاقه، طباعه، تقيمه للامور، واتخاذ قراراته.... وغيرها، ويكون الفكر ثابتا لدى الشخص عندما يكون مقتنعا به وليس مفروضا عليه.... وتأتي ثقافة المجتمع من توجهاتهم وتبنيهم فكرا معينا دون غيره، وتعني ثقافة المجتمع هي وعيه وادراكه وبالتالي تحليله المنطقي لجميع الامور، اذ ان وعي وثقافة المواطن يعتبر الركيزة الاساسية للنظام القائم في اي بلد، لان الشعب بارادته يختار من يمثله.

اما الثقافة التقدمية فهي تعبير عن مواكبة التطور الحاصل على الحياة الانسانية من جميع النواحي بمسيرة الى الامام لا تنتظر احدا يتخلف عنها بأرادته، مع الالتزام بالثوابت الاساسية والمبادىء الرئيسية التي لم تتغير مطلقا وهي الصدق، الامانة، الاخلاص، النزاهة، وحب الوطن تلك المبادىء السامية لاتخص بلدا معينا بل هي عامة لجميع الناس في كل مكان ولم تصدأ ابدا مهما تقادم الزمان ومهما تطورت التكنولوجيا.

وبما ان الانسان هو مخترع الالة ومنتجها، اما تطورها فيعتمد على ثقافته التي يفترض ان تكون مناصرة للتقدم وليس مناهضة له، فالشخص الذي لا يؤمن بالتقدم لا يستطيع الاختراع والاكتشاف او الابتكار حتى لو توفرت عنده الموهبة والمقدرة لذلك، كما ان النظريات العلمية لعلماء عاشوا في حقب زمنية سابقة تعتبر قواعد علمية اساسية يضاف اليها ما يتم اكتشافه من العلوم المنطقية المقبولة،على ان تكون لمصلحة الانسانية وليس ضدها.

اما على صعيد السياسة فالثقافة التقدمية اولت كل اهتمامها للانسان فهي منه واليه، اذ ان الاحزاب السياسية التي تتبنى نهج الثقافة التقدمية لها اهداف معينة ومحددة يمكن تدوين أهمها كالاتي :

الاهتمام بشؤون الانسان منذ نشأته بتوفير كل مستلزمات الحياة اللازمة والضرورية وهي كثيرة وتشمل السكن، التعليم، الصحة، الامن، القضاء العادل، المساواة، العمل، الخدمات، وتحقيق العدالة الاجتماعية بشكل عام، وضمان حرية المواطن وحقوقه المشروعة، مع أتباع نظام ديمقراطي يطبق في جميع معاملات مؤسسات الدولة مع بعضها وفي تعاملها مع المواطنين.

صيانة حرية الوطن والحفاظ على سيادته، وعدم السماح لاية دولة مهما كانت في التدخل بالشؤون الداخلية للبلد، مع الاهتمام بالعلاقات الخارجية بشكل يتماشى مع مصلحة الوطن، اتباع القواعد والنظم الاقتصادية الصحيحة لمعالجة الازمات المالية والمشاكل الاقتصادية لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، النهوض بالصناعات المحلية والارتقاء بها كصناعة وطنية منافسة للبضائع المستوردة، تنويع موارد الدولة وعدم اعتمادها على مورد واحد فقط، الاهتمام بقطاع الزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي للبلد من المنتجات الزراعية المحلية.

وبما ان الثقافة تقدمية فأهدافها لا تتوقف عند حد معين او زمن محدد، وانما هي بمواكبة متواصلة مستمرة لكل تقدم يحصل يتمثل بالاضافات والمتغيرات والتطورات المكتشفة والمبتكرة بشرط ان تكون بمصلحة الوطن والمواطن معا.